-

عدد القراءات: 890
عبد الله العلمي – جريدة الاقتصادية
عدد القراءات : 215

 

يحتفل العالم في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) بالمناسبة السنوية لإعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة. الأمم المتحدة دعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى تنظيم أنشطة في ذلك اليوم تهدف إلى زيادة الوعي العام بتلك المشكلة. سأخصص مقالي هذا الأسبوع والأسبوع المقبل لهذا الموضوع المهم.

تقارير الأمم المتحدة تؤكد أن كل امرأة من أصل ثلاث نساء على الأقل في العالم يحتمل تعرضها للضرب والإكراه على ممارسة الجنس أو الاعتداء عليها بطريقة أخرى في حياتها. في كثير من الأوقات يهدف الجناة لتشويه صورة المرأة وتحويلها إلى مذنبة وهي في الحقيقة ضحيّة. لهذا، فإنّ مناداة المرأة بحقوقها وحقوق طفلها ليس أمراً عبثيّاً، بل تتطلب حملات قوية ومنظمة ضد جميع أشكال العنف ضد المرأة والطفل في جميع أنحاء العالم. يجب تعبئة الرأي العام لضمان تأسيس مفهوم حكومي صارم ومجتمعي متكافل لمنع العنف ضد المرأة والطفل.

هذا اليوم هو تكريم للمغتصبات في عهد القذافي، وللسيدات الإفريقيات اللاتي تعرضن للاغتصاب من قبل المجموعات المسلحة الرواندية والكونغولية والبورندية، والمواطنة التونسية التي تعرضت للاغتصاب من رجال شرطة قبل فرضهم على صديقها دفع مبلغ من المال تحت التهديد بإحالته وإياها على القضاء بتهمة ارتكاب عمل مخل بالحياء. هذا اليوم هو تكريم للفتاة الباكستانية ملالا التي تعرضت لهجوم مسلح من قبل حركة طالبان بسبب ”جريمتها” الشنعية، وهي مناداتها بأن تحصل المرأة على حقها في التعليم. هذا اليوم هو تكريم لطفلة الرياض ”لمى”، وطفلة نجران ”هالة”، وطفلة شرورة ”فاطمة”، وطفلة ينبع ”تالا”، ومعنفة المفك في جدة وغيرهن من النساء. هذا اليوم هو تكريم للنساء اللاتي يتعرضن لشتّى أنواع العنف والتعذيب ومن ضمنها حرمانها من الكثير من حقوقها المشروعة.

تسقط امرأة من كل خمس نساء ضحية للاغتصاب أو محاولة الاغتصاب في أماكن متفرقة حول العالم. بصراحة لا أعلم كيف توصف المرأة بالحبّ والأمان ويسهل في الوقت نفسه تعنيفها والاعتداء عليها بالاتجار والتحرش الجنسي والتعذيب الوحشي وفي كثير من الأحيان قتلها من دون أي سبب. لا يجب بتاتاً السكوت على هذه الجرائم، بل يجب تسليط الضوء إعلامياً ومجتمعياً على قضايا العنف ضدّ المرأة والطفل. الأمين العام للأمم المتحدة كان أكثر وضوحاً حين قال ”إن العنف ضد المرأة والفتاة يترك بصمته الشنيعة على كل القارات والبلدان والثقافات”.

ليس بالضرورة أن يكون العنف ضد المرأة والطفل جسدياً أو نفسياً فقط، منع مشاركة المرأة الفاعلة في التنمية وحرمانها من حقوقها المشروعة أيضاً يعتبر عنفاً ضد المرأة وعائقا أمام تحقيق أهداف التنمية.

في المملكة العربية السعودية عرف نظام الحماية من الإيذاء (الذي تمت الموافقة عليه في 13 مايو 2012م بعد دراسة ثلاث سنوات ويتكون من 17 مادة)، الإيذاء بأنه كل شكل من أشكال الاستغلال أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية، أو التهديد به، يرتكبه شخص تجاه شخص آخر، بما له عليه من ولاية أو سلطة أو مسؤولية أو بسبب ما يربطهما من علاقة أسرية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية، ويدخل في إساءة المعاملة امتناع شخص أو تقصيره في الوفاء بواجباته أو التزاماته في توفير الحاجات الأساسية لشخص آخر من أفراد أسرته، أو ممن يترتب عليه شرعا أو نظاما توفير تلك الحاجات لهم. لكن لدي تحفظ على ضعف وسهولة العقوبات في النظام التي تنص على الحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة، وغرامات مالية لا تقل عن خمسة آلاف ريال، ولا تزيد على 50 ألف ريال أو إحدى العقوبتين.

تصلني رسائل باستمرار من سيدات تعرضن للإيذاء والعنف في المنزل وفي أماكن العمل والأماكن العامة، لكن المرأة عامة وفي السعودية تحديداً لا تُصَعِّد الشكوى قضائياً لعدة أسباب من أهمها النظرة الدونية للمرأة وتحميل المرأة العبء الأخلاقي لأنها في معظم الوقت داخل دائرة الاتهام. بلغ عدد البلاغات الواردة لمركز الحماية الاجتماعية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية في الرياض 425 بلاغا، مكة المكرمة 159، عسير 101، الطائف 60 حالة، وفي الدمام 52 حالة.

التقرير السابع للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان يؤكد أن 20 في المائة من القضايا الواردة للجمعية في 1431هـ كانت نتيجة للعنف الأسري ضد المرأة والطفل في أعلى تسجيل لها منذ بداية إنشاء الجمعية في 1425هـ، وكان الزوج هو المسؤول عن العنف ويليه الأب في معظم هذه الحالات.

هناك طرق عدة لتوعية المجتمع حول الحد من العنف ضد المرأة والطفل، ومنها تنظيم جمعيات مجتمع مدني مثل جمعية ”الشريط الأبيض” التي تضم نخبة من الرجال من أجل إنهاء العنف ضد المرأة وإشاعة ثقافة تنظيمية ترفض العنف ضد المرأة. كذلك هناك دور كبير على القضاة وخطباء المساجد والإعلاميين والتربويين والأسرة في التعريف بخطورة العنف ضد المرأة والطفل.

آن الأوان لكسر جدار الصمت ورفع الصوت عالياً لتجريم كل أنواع العنف ضد المرأة والطفل، لذلك أقترح وضع أطر قانونية صارمة تشمل مختلف أشكال العنف وقوانين لمعاقبة المُعَنِفين وتوفير خدمات مباشرة لضحايا العنف.

في الجزء الثاني سأحدثكم عن تأسيس جمعية عربية ضد العنف ضد المرأة والطفل.

المصدر : جريدة الاقتصادية 2 محرم 1434هـ الموافق 16 نوفمبر 2012م

المصدر : -