نريد علاجًا آمنًا يا معالي الوزير
-
إنّ حادثة نقل الدم الملوث بفيروس» الإيدز» للطفلة ريهام الحكمي ابنة الـ 12 ربيعًا كشفت عن الخلل الموجود في نظامنا الصحي عامة, والنظام المتبع في بنوك الدّم والمختبرات الطبية, خاصة. إنّ نظامنا الصحي قائم على المركزية ,وعدم تحقيق التوازن في الخدمات الطبية ذات الجودة العالية في جميع مدن المملكة ومناطقها النائية, فقد صرّح مدير بنك دم جازان لجريدة بشاير الإليكترونية أنّ مدير بنوك الدم لم يزر بنك دم جازان, وأكّد أنّ إدارته تطالب منذ أكثر من 13عاماً بنظام برنامج حاسب آلي حديث لمختبرات الدم, مشيراً إلى أنّه «لو كان البرنامج موجوداً في المختبر لما حدث هذا الخطأ», وأضاف «لم نجد أي اهتمام لا من قبل صحة جازان، ولا من قبل وزارة الصحة، ولا من مدير بنوك الدم في الوزارة». وكشف مدير مستشفى جازان المُقال عن عدم وجود نظام في الوزارة يربط بنوك الدم ولا قاعدة بيانات, وهذا يُفسِّر لنا قبول بنك دم جازان دمّ الشاب السعودي المتبرع بالدم الملوث بالإيدز للمرة الثالثة, وقد ذكر هذا مدير عام المختبرات بوزارة الصحة علي الشمري في برنامج الثامنة, ولم يتخذ أي إجراء بشأن هذا المتبرع بدمه الحامل لفيروس الإيدز, بل أكّد أنّه لا يعلم هل أُخبر بحمله لهذا الفيروس أم لا؟ في حين ذكر معالي وزير الصحة لبرنامج نوافذ بالإخبارية أنّ المتبرع لم يتجاوب في المرات السابقة!
وتصريحات مدير مستشفى جازان ومدير بنك دم جازان المُقاليْن تُفسِّر لنا وفاة مريضة بالأنيميا المنجلية في مستشفى بيش العام لنقل دم لها مُغاير لفصيلة دمها, ويفسر لنا ما حدث للطفل مُفرح حمدي ابن التاسعة المصاب بالأنيميا المنجلية من جراء نقل دم له حيث أصيب بشلل, وفقد إحدى عينيه لإصابتها بنزيف حاد.
في إحصائية وزارة الصحة لعام 2008 بلغ عدد المصابين بأمراض الدم الوراثية في المملكة( الأنيميا المنجلية والثلاسيميا وغيرهما) ثلاثة ملايين, وتأتي منطقة جازان الثالثة في نسبة الإصابة بهذه الأمراض بعد الأحساء والقطيف, وهؤلاء يحتاجون إلى نقل دم, ورغم أنّه لم تُنشئ وزارة الصحة إلى الآن مركزاً متخصصاً بأمراض الدم الوراثية في جازان أسوة بمنطقة الأحساء التي أُفتتح بها أول مركز من هذا النوع في المملكة في 9/9/1433هـ, ومستشفى الأمير محمد بن فهد العام وأمراض الدم الوراثية بالقطيف المنتظر افتتاحه هذا العام, فكان على الأقل يُوفّر لبنك دم جازان احتياجاته؛ إذ كان المنتظر أن يتفقد المسؤولون بوزارة الصحة على الفور مستشفيات منطقة جازان بصورة خاصة لكثرة الأخطاء الطبية فيها, ولا سيما في نقل الدم, وألا يتم الاكتفاء بقرارات فصل الموظفين والفنيين المسؤولين في مستشفى جازان, وبنك الدم بناءً على تقرير لجنة لم تحقق مع المقصرين للوقوف على أسباب التقصير, ومحاسبة المسؤولين في الوزارة الذين لم يوفروا لبنك دم جازان احتياجاته من قاعدة معلومات وأنظمة حاسوبية, وتزويد جميع المختبرات في جميع المستشفيات بالمملكة بأجهزة ومعدات دقيقة, إضافة إلى توفير فنييْن ذوي خبرة ومهارة عالية في بنوك الدم في جميع مستشفيات ومناطق المملكة.
إنّ الخلل في نظامنا الصحي لا يقتصر على نقل دماء ملوثة بفيروسات, وتطعيم أطفال بأمصال انتهى تاريخها؛ إذ يمتد إلى تزايد نسبة الأخطاء الطبية في مستشفياتنا الحكومية والخاصة, لعدم وجود رقابة ومتابعة لتطبيق النظام الصحي الذي لا يسمح بإجراء عمليات جراحية في مستشفى لا تتوفر فيه الأجهزة والمعدات الطبية اللازمة, وأطباء وفنيين متخصصين, كما رأينا في مستشفى عرفان الذي أعيد افتتاحه بعد إغلاقه شهريْن رغم كثرة وتكرار الأخطاء الطبية التي أودت بحياة الكثير, منهم الدكتور الجهني- رحمه الله – والأخطاء الذي تمّ كشفها في قضية الدكتور الجهني, تكررت في قضية الطفل صلاح الدين جميل رحمه الله, وتكرار مخالفات المستشفى منذ عام 1430، وصدور عدة قرارات بالمخالفات المرصودة ضد هذا المستشفى الذي أصبح وضعه غير آمن للمرضى, وقد تبيّن: أنّ فريق الإنعاش القلبي الرئوي بالمستشفى لم يتعامل بالطريقة العلمية الصحيحة مع الحالة، إضافة إلى عدم توفر عوامل السلامة لإجراء العمليات بقسم الأشعة، حيث إنّ الغرفة كانت غير مجهزة للتخدير الكامل والإنعاش القلبي الرئوي، كذلك لوجود قصور في الإشراف من قـبل إدارة المسـتشفى والمختصين بها عند استلام الموقع بعد الصيانة واختبار مخارج الغازات بالطرق العلمية المعروفة، حيث تم فحص مصدر الأكسجين من قبل الجهة المختصة بالمستشفى وتبين أنّ الغاز المؤّمن من قبل المُورِّد هو أكسيد النيتروجين وليس الأكسجين, ومع هذا أُعيد فتح المستشفى بناءً على تقرير لجنة, ولم يتم التأكد من تلافي كل مَوَاطن القصور في المستشفى, وعدم تكرارها, فهذه أمور تتعلق بحياة بشر, سنسأل عنهم يوم القيامة, ولنتذكّر جميعًا قول الرسول صلى الله عليه وسلّم « كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته», ومقولة سيدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه» لو تعثّرت دابة في أرض بُصرى سيُسأل عنها عمر يوم القيامة لأنّه لم يعبّد لها الطريق».
وبحكم المسؤولية الملقاة على عاتق معالي وزير الصحة, أقول له: نريد علاجًا آمنًا, ونقل دم آمن .
المصدر : جريدة المدينة 16 ربيع الآخر 1434 هـ الموافق 26 فبراير 2013م
المصدر : -