-

عدد القراءات: 1005
حمود أبو طالب – جريدة عكاظ
 

تستمر قضية العمالة المنزلية واحدة من القضايا التي تراوح مكانها، أو تزداد تعقيدا، دون بوادر لحلول جذرية حقيقية. الدول التي بدأت تضع شروطا عديدة من أجل فتح الاستقدام منها، أو إعادة فتحه بعد أن توقف، لها الحق في ذلك من أجل حفظ حقوق عمالتها وضمان سلامتهم، ولكن المواطن الذي يستقدم العمالة ما زال في مهب الريح دون توفر أدنى ضمانات معقولة لحفظ حقوقه، كما أن الوطن يعاني من تسرب نسبة كبيرة من هذه العمالة إلى الشوارع المجهولة بعد قدومها، وكأن هناك ترتيبات محكمة لعصابات منظمة تتلقفها، وترتب معها قبل قدومها، لتضيف خطرا أمنيا واجتماعيا كبيرا.

آخر الأخبار تفيد بأن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تتجه إلى إصدار لائحة تنظيمية للعاملات المنزليات تكفل حقوق الأطراف (أرباب العمل، الأسر، العمالة)، بحيث يتمتع الجميع بكامل الحقوق دون أي انتهاكات، ومن ذلك متابعة حالات العاملات اللاتي يتم حرمانهن من التواصل مع ذويهن، أو عدم دفع مستحقاتهن المالية، بالترتيب مع بعض الجهات الحكومية المختصة. وتوجه مثل هذا نؤيده؛ لأننا بالفعل لا نريد لهذه العمالة أن تشعر بالظلم أو تنتهك حقوقها، ولكن ماذا ستفعل الجمعية مع بقية الجهات المختصة لحفظ حقوق أرباب العمل؟

لنأخذ فقط ظاهرة هروب الخادمات من المنازل، فالخادمة التي تهرب خلال فترة الاستبدال وبعد مراجعة كل الإدارات المعنية، ليس أمام مستقدمها سوى الرضوخ لمماطلة المكاتب في استبدالها، ربما بأسوأ منها وبعد وقت لا يتم الالتزام به في معظم الأحيان. أما التي «تلعبها صح»، أي بعد فترة التجربة، فإن صاحب العمل ليس أمامه سوى أن يرفع كفيه قائلا: عليه العوض ومنه العوض، فالمبلغ الكبير الذي دفعه لاستقدامها ذهب مع الريح، والخادمة تكون قد انضمت إلى آلاف المقيمين بصورة غير نظامية، وإذا أرادت الظهور في يوم ما كي تعود إلى بلدها، فإن صاحبنا المغلوب على أمره قد يتحمل تكاليف وتبعات سفرها، فأي حق ستحفظه له جمعية حقوق الإنسان أو غيرها من الجهات؟

العمالة الوافدة بكل أنواعها، والمنزلية على وجه الخصوص، تحتاج إلى تنظيم صارم؛ كما تفعل الدول الخليجية المجاورة التي نتمنى على الجمعية مراجعة أنظمتها التي تحفظ حقوق جميع الأطراف بشكل فعلي، وتقلل من مخاطر تسربها، وتمنع خطرها حين لا يعرف إلى أين تسربت أو ماذا تفعل.

المصدر : جريدة عكاظ 29 ربيع الثاني 1434هـ الموافق 11 مارس 2013م

المصدر : -