د. محمد سالم الغامدي - جريدة المدينة

عدد القراءات: 1012

وهب الله سبحانه وتعالى بلادنا الكثير من العقول المبدعة والمبتكرة في مختلف المجالات الحياتية وقد أثبت الكثير من تلك العقول نبوغها وإبداعها وتميزها على المستوى المحلي والعالمي ولازالت كذلك كل حين وفي المقابل لا يزال الكثير جدا من تلك العقول حبيسي الفكر والمكان داخل مؤسسات التعليم وخارجها دون أن يكتشفوا أو يراعوا من قبل جهاتهم المؤسسية وقد أيقنت الدولة في سياستها العامة بأن تلك العقول تعد كنوزاً بشرية لا تقدر بثمن بل انها تعد أعظم ثروات الوطن قياساً بما تقدمه من إبداعات وابتكارات ستنهض بالبلاد وترتقي بها إلى اعلى مراتب المجد .

وتقديراً لأهمية تلك العقول ومكانتها العظيمة فإن الدول المتقدمة تسعى بكل السبل إلى اكتشافها واستقطابها وتشجيعها وتقديم كامل الرعاية والحماية والمال لها لأن منها سيظهر العقل المفكر والموهوب المبدع والمخترع البارع وهؤلاء يعدون الركائز التي تنطلق من خلالها نهضة تلك الدول وتقدمها .

ومما يؤكد ذلك التفاوت واقعنا الذي نعيشه والذي تتسع فيه يوما بعد يوم مساحة الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية حيث تشير الإحصاءات إلى أن الإنسان في الدول النامية لا يستثمر من قدراته العقلية سوى 10% أما 90 % منها فلا تزال قدرات مهدرة لم يتم استثمارها.

ولاشك بأن مؤسسات التعليم لدينا تعد المنطلق الرئيس لاكتشاف وتشجيع مثل تلك المواهب الفذة من خلال اتجاهين أحدهما : اعتمادها على الأساليب التعليمية التي تقوم على التجريب واستخدام العقل بعيداً عن أساليب الحفظ والنقل والتلقين المتبعة غالباً داخل الفصول التعليمية والتي تؤدي حتما الى وأد تلك المواهب وتذويبها في خضم المتغيرات الأخرى عند اعتمادها على ذلك الأسلوب العقيم وأهملت استخدام القدرات الاستخدام التأملي الابداعي .

والآخر هو: النهوض برعاية الموهوبين والمبدعين والمبتكرين داخل المدارس من خلال اكتشافهم وفق اختبارات ومعايير مدمجة داخل المقررات الدراسية ومعده بدقة وعناية من قبل جهات متخصصة لتكون ضمن الانشطة الصفية و اللاصفية والتى أرى انها شبه مفقودة داخل مدارسنا وان وجدت فهي مجرد شعارات بالإضافة الى تغيير المعايير المستخدمة حاليا لاكتشاف الموهوبين والتي تنطلق من زاوية التفوق الدراسي لا من زاوية الابداع والموهبة التي قد تكون من طالب قد يكون ضعيفاً دراسياً.

ودون شك ان مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع تعد أبرز المهتمين بتلك الفئة الغالية علينا الا اننا لازلنا نحتاج منها الشئ الكثير من خلال اختراقها لمؤسسة التعليم وفرض بعض الطرائق والاساليب التعليمية ومن خلال التوصية بتعديل بعض محتوى المناهج التعليمية .

وان لا تقتصر على مرحلة اكتشاف المواهب اذا تم بطبيعة الحال لكن لا بد من المتابعة لمسيرة تلك المواهب .

وان لا تقتصر ايضا على دعمها وتوجيهها للفائزين بالجوائز العالمية من الطلاب بل لا بد ان تشمل ايضا الذين لم يحالفهم الحظ الذين قد يدخلون مسارب النسيان ..فلماذا لاتهتم بهم جميعاً وتتابع اهتمامها حتى يتم ايصالها الى مراكز الإنتاج المهني وهذا مطلب في غاية الأهمية .

وفي جانب رابع أرى ان تتولى المتابعة لطلابنا المبتعثين الى الخارج وخاصة المبدعين والموهوبين منهم وهم الأكثرية وان تتابع إنجازاتهم الابداعية وان تتابع مسيرتهم الوظيفية بعد عودتهم الى ارض الوطن ..فالمؤسسة بالتأكيد تلعب دوراً بالغ الأهمية في اكتشاف ورعاية الموهبة والإبداع لدينا لذا لازلنا نتأمل منها الشئ الكثير. والله من وراء القصد.

المصدر : جريدة المدينة - 3 جماد الآخر 1434هـ الموافق 13 ابريل 2013م