بدر أحمد كريم - جريدة المدينة

عدد القراءات: 1137

نقلتْ صحيفةُ الحياة ( 21 جمادى الآخرة 1434هـ، الصفحة الأولى) عن صحيفة ديلي تلغراف اللندنية قوْلَها:” إنّ أكثرَ من 15 ألْف مهندس أجنبي في السعودية، يحملون درجات علميّة مُزَيّفَة” لافتةً إلـى أنّ ذلك” يزيدُ القلق على سلامة المبانـي، التي أشرف أولئك المهندسون على تشييدها” وللتوثيق أشارتْ إلـى أن الـهيئة السعودية للمهندسين” مصدَرُ الإحصاء، المتعلق بعدد المهندسين الأجانب، العاملين في المملكة بشهادات مُزَوَّرَة”.

أرعبتْني هذه الإحصائية وتساءلت :هل أبكي على واقعٍ مُخْيف؟ أم أنوحُ على مبانٍ يمكنُ أن تقعَ في أي لحظة على رؤوس سكان، في يومٍ مُشْمِسٍ جميل، وعلى مرأى ومسمع من جهات أغمضتْ عينيها، ورسمتْ على الأفق لوحات مُشَوّهة ؟ وماذا ينفع البكاءُ؟ أو النُّواحُ ؟ أو العويلُ ؟ هل يَرُدُّ مبالغ طائلة أُنْفِقَتْ على مبانٍ لسكن الناس أو للاستثمار ؟ وهِيَ تطل على ربوة من العلل، والأمراض ؟ أليس البناءُ جَمَالاً وانفعالاً بالـجَمَال، والناس، والأشياء؟. أشعرُ بخيبة أمل كبيرة، ولا أملكُ غير هذا ، وأزعمُ أن قلبيَ على سكان هذه المبانـي في هذا الوطن، فأصبحتُ مرعوباً خائفاً وجلاً، ممَنْ يصفق لأولئك المهندسين المزوِّرِين، الذين شبِعُوا أموالاً، ووقّعُوا على دفاتر ذكرياتـهم: قبضْنَا، فَمَنْ يقبِضُ علينا ؟ وأين ؟ وكيف ؟ ومتى ؟ والناس يبحثون عن مُنْقِذ، ويعصرون أذهانـهم في البحث عنه، حتى إذا وجدوهُ كان أشبهَ بِسَرَابٍ بِقِيعَةٍ، يحسبهُ الظمآنُ ماءً، حتى إذا جاءه لم يجدْهُ شيئاً، بل وجد الخراب، والدمار، فيبكي كما بكى امرؤ القيس، وهُوَ يتلمّسُ الطرقَ المؤديةَ إلـى الفهم.

1500 مهندس غير سعودي بشهادات مزوّرَة، هؤلاء هُمْ الذين اكتشفتهم هيئة المهندسين السعوديين، فماذا عن الذين لَمْ تكتشفهم ؟ كَمْ عمَارة شيّدُوا ؟ وكم بيتْاً بَنوْا ؟ وكم كتلاً صخرية تقع على الرؤوس!! ؟ أليس من حق الناس أن يتعجبُوا مما يَرَوْن، ويسمعون، ويقرؤون ؟ إن النارَ لا تحرق إلا أقدامَ مَن يطؤُها، ويتلظى بلهيبها، وهؤلاء المهندسون الـمُزَوِّرونَ” لا يعيرون اهتماماً بالزمن، ويتراخَوْن كثيراً، ويتعاملون ببطءٍ مع الأيام، ويتثاءبونَ في فراشهم ساعةً قبل أن ينهضوا من النوم”..

من حق الناس في هذا المجتمع التخلص من مهندسين، يحتاجون لفهم عميق لمعانـي الكرامة الإنسانية، واستعبدوا أفراداً ومؤسسات، وطال عمرهم الوظيفي، وأهلاً بمهندسين وافدين أكْفَاء، يبنون بيوتاً وعمائر وأبراجاً على جانب كبير من: الإتقان، والـجَوْدة النوعية.

المصدر : جريدة المدينة - 28 جماد الآخر 1434 هـ الموافق 8 مايو 2013م