مكارم صبحي بترجي - جريدة المدينة

عدد القراءات: 2569

حقيقة ما يحدث في مجتمعنا من أصحاب العقارات المتغالين على المستأجرين استنزاف للبشر.. فهل يتوقف النزيف الدامي لإيجارات الشقق الخاوية من الأساس، الضائقة بما أحاطها من جدران وتقسيمات ومرافق.. فلقد شكا أمامي عجوز يومًا بقوله: لقد كبُر أولادي وبناتي، ومسكني يحتاج لمضاعفته من حيث الغرف ولكن كيف يحدث ذلك؟!.. واستطرد بقوله: كيف يحدث ذلك وقد تضاعف إيجار مسكننا مرتين فما بالك في المسكن المضاعف، فلا يمكن أن يحدث شيئًا سوى معجزة تُغيِّر الحال!!!

وقتها لم يكن لديَّ رد، ولكن اليوم الأمر يختلف، فسوف أطمئنه وبقوة؛ فبعد أن سعت وزارة الإسكان لتخفيض الإيجارات وتوثيق عقودها إلكترونيًا.. لكي يضع القضاء ميزانه بين المستأجر المسكين والمالك المتغالي؛ فضلًا عن خدمات تليق ببلدنا الذي يقف على أعتاب العالم الأول.. ومن تلك المستحدثات المنصة الإلكترونية لعرض الوحدات السكنية والإشعارات والإحصائيات والبيانات، أيضًا خدمة عرض الصور للوحدات وتأهيل المكاتب وتصنيف المباني، واشتراطات سلامة وخدمة الوديعة الائتمانية.. نعم إنها بالفعل حزمة أنظمة راقية ترفع شأن البشر في تعاملاتهم مع بعضهم البعض؛ “فالغني يزداد عفة.. والفقير يزداد قناعة”، فعلًا ستكون الحياة هنيئة، وكل ذي حق يأخذ حقه دون مزايدة ولا فضل من أحد على أحد.. لذا يحق لأكثر من 9.5 ملايين مواطن ومقيم أن ينتظروا بفارغ الصبر قدوم نهاية العام الحالي لتنطلق تلك الخدمات وتُطبق على الجميع.. بل ليس بنهاية عام ولكن نهاية معاناة طالت قسوتها واشتدت وطأتها.. ليأتي اليوم وتُعاد جدولة أكثر من مليوني وحدة معدّة للإيجار لكي يُستفاد منها بصورة حضارية.. وستكون بداية لسوق عقاري استثماري آمن، وسيكون معروض الوحدات السكنية كبيرًا؛ ما يعني انخفاض الأسعار تدريجيًا.. وسيكون للمستأجر الحق في مُطالعة أسعار الشقق في الشارع أو الحي في أي مدينة من خلال صور موجودة في موقع “إيجار”.

وعُد النظام الذي سيتبع في التسديد مهمًا وسهلًا لجميع أطراف الإيجار وهو نظام السداد الإلكتروني.. مما سيُسهِّل عملية السداد بطريقة شهرية وتقسيط العقار بدلًا من أن يُدفع دفعة واحدة، وسيكون الدفع بطريقة مقسّطة وبطرق مختلفة، إما الاستقطاع الشهري أو ربع السنوي من خلال نظام «سداد» ليُحوَّل المبلغ إلى صاحب العقار مباشرة.. ألا يحق لي أن أقف مرفوعًا الرأس وأُخبر “العجوز الشاكي” بأن هذا اليوم.. “يوم الكرامة” الذي أبت حكومتنا ألاّ ينتهي العام إلا وقد استشرفنا.

وما زاد الأمر قيمة وجعلنا ننتظر مَقدم هذا اليوم الذي نحلُم به لحياة كريمة لكل مستأجر لا يمتلك عقارًا، هو أن عرض الوحدات سيكون بيد مكاتب العقار لا الملاك، وتوثيق العقد أيضًا.. فضلًا عن سجل سداد للمستأجر يُعلم المُؤجِّر مدى انتظامه من عدمه؛ فالشكر كل الشكر لكل من فكَّر في إخراجنا من عنق الزجاجة، وأتى لنا بتلك التجربة العالمية المعتمدة في كثيرٍ من الدول المتقدمة.. شكرًا وألف شكر.. حفظ الله قيادتنا وبلَّغنا وكل مستأجر مسكنًا آمنًا وعيشًا هانئًا.

المصدر : جريدة المدينة - 6 رجب 1434هـ الموافق 15 مايو 2013م