الحجر والعزل في الصحة
عبد العزيز معتوق حسنين - جريدة عكاظ
بسبب سهولة وسرعة وكثرة وسائل التنقل بيننا وبين باقي العالم وارتفاع نسبة الوافدين للعمل من أدنى مستويات العالم الثالث من عمالة سائبة وبسبب سهولة وانفتاح مجال أداء العمرة والحج وارتفاع عدد المعتمرين والحجاج اليوم أصبحنا معرضين للأمراض المعدية الخطيرة. مثلا لا حصرا كانت حميات الخنازير و السارس والضنك والسل والطيور وجنون البقر وحديثا كرونا.
أخذت على عاتقي أن أقوم ببحث ميداني صغير جدا وبدأت أختبر بعضا من الزملاء والأصدقاء من المثقفين والعلماء حاملي درجة الدكتوراه وأوجه لهم سؤالا بسيطا جدا وهو: ما الفرق بين «الحجر والعزل»؟ في الصحة, بكل أسف شديد كانت النتيجة مخزية، حيث لم يجبني على سؤالي بالجواب الصحيح علميا ولا واحد ممن سألتهم، ولم يكن بينهم طبيب، حيث إنني اعتبرت أن الطبيب لا شك يعرف الفرق , المهم في الأمراض المعدية ليس عدد الحالات المصابة بل ما هو أهم جدا هو نسبة الوفيات من المرض, وبغية في احتواء وانتشار الأمراض المعدية، تعتمد سلطات الصحة العامة عالميا على استراتيجيات عديدة. العزل والحجر الصحي هما اثنان من هذه الاستراتيجيات. وكلاهما من ممارسات الصحة العامة المهمة ويهدفان إلى عدم احتمال نشر الأشخاص المصابين بالعدوى إلى الآخرين, وتختلف الإستراتيجيتان عن بعضهما، حيث إن العزل ينطبق على الأشخاص المصابين بالمرض ويمكن عزلهم طوعاً أو جبراً، بينما الحجر الصحي ينطبق على أولئك الذين تعرضوا للمرض ولكنهم لم يمرضوا بعد.
مدة حضانة فيروس المرض في جسم المريض مهمة جدا كلما كانت قصيرة يصبح العزل والحجر أسهل على السلطات, وتشير الدراسات البحثية الحديثة إلى أنه ليس من الضروري أن يكون الحجر الصحي مطلقاً لكي يكون فعالا قد يكون الحجر الصحي الجزئي فعالا في البعض عندما يقترن مع التلقيح وهذا يعني ضرورة الحجر الصحي لكثير من الأشخاص المحتمل تعرضهم. من الأرجح أن يشمل الحجر الصحي عدداً محدوداً من الأشخاص المعرضين للعدوى في مناطق صغيرة بدلا من أن يشمل أعداداً كبيرة من الأشخاص في أحياء أو مدن بكاملها , ومن الممكن اعتبار المناطق الصغيرة بمثابة «حلقات» محيطة بحالات المرض الفردية, الحجر هو إجراء معياري يُستخدم عالميا منذ مئات السنين وتعود أصل الكلمة في اللغة الإنجليزية ( Quarantine ) كوارانتين أي الكرنتينة إلى اللغة الإيطالية التي استخدمت في مدينة البندقية في القرن السابع عشر، وتعني الكلمة حرفياً أربعين يوماً، وهي الفترة التي كانت تفرض على السفن حينها قبل السماح للبحارة بالنزول إلى الموانئ والشواطئ. ولا تزال الكلمة تطبق إلى يومنا الحاضر للذين تعرضوا للأمراض المعدية, تسمح هاتان الإستراتيجيتان أن يتلقى المرضى رعاية ملائمة، وتساعد في احتواء انتشار المرض, ومن منطلق أهمية الحجر والعزل أتساءل عن مرض كرونا في مدى خطورة هذا الداء الذي لا نعرف عنه شيئا وليس له علاج ولا لقاح؟ هل تحتاج وزارتنا إعلان أي نوع من التنبيه أو أي درجة من الخطورة. العزل والحجر من السنة أمر بها الـمصطفى (صلى الله عليه وسلم)، فمتى سنحتاج إلى العزل والحجر وعلى أي مستوى كان؟ وختاما أين مجلس الشورى عن هذا المرض؟
وقد تواصلت هاتفيا مع رئيس اللجنة الصحية بالمجلس الأستاذ الدكتور محسن الحازمي، ونقلت له قلقي وآرائي المتواضعة فوعد خيرا. والله خير الحافظين.
المصدر : جريدة عكاظ - 19 رجب 1434هـ الموافق 27 مايو 2013م