د. عائض الردادي - جريدة المدينة

عدد القراءات: 1471

كتب د.أيمن بدر كريم في هذه الصحيفة مقالاً بعنوان “ولا تعضلوهن” في 19/7/1434هـ، 29/5/2013م عن إساءة بعض أولياء الأمور استخدامهم للولاية انطلاقاً من عادات أو تقاليد أو مصالح وليس من مبدأ الرعاية والعناية الذي جاء به الإسلام والزم بحفظ الحقوق.

واستوقفني تعليق على المقال من سيدة سمَّت نفسها “ضحية عم لا يخاف الله” وهو موجود على موقع الصحيفة، وخلاصته انها حاصلة على ماجستير في المحاسبة بفضل الله ثم بحرص والدها على تعليمها وأخواتها الخمس الأخريات، وأنها كانت تعمل في أحد البنوك بمرتب 14 ألف ريال، وتوفى الوالد قبل 3 سنوات فأصبح العم هو ولي الأمر لهن، وأول عمل صنعه هو فصلُها من عملها، لأنه اتضح له أنها توظفت وفق نظام ينص على عدم احقية عمل المرأة إلا بموافقة ولي الأمر، وهذا العم يرى أن عمل المرأة حرام وعار- كما قالت- ولذا فصلهن من عملهن الذي يؤمِّن لهن لقمة عيش كريمة، ولم يبقَ لهن سوى تقاعد والدهن القليل، وأصبحن يعشن ضيقاً من العيش بعد سعته، وحاولن عمل مشروعات صغيرة ووجهن أن تجديد الهوية الوطنية يستدعي موافقة ولي الأمر، وأردن شراء سيارة صغيرة فرفض العم وعندما أردن الشراء بأنفسهن فوجئن بطلب موافقة ولي الأمر، وهو لا يأذن بتجديد جواز السفر ولا بغيره، فأصبحن مرتهنات لهذا العم الذي سجنهن بولايته وضيق عليهن الحياة على سعتها، وختمن شكواهن من التعسف في استخدام الولاية بأنهن قررن شكايته للقاضي فقيل لهن: هذا عمكم الوحيد فلا يمكن أن تنتقل الولاية لغيره إلا إن مات، وحسب المنى أن ترى الموت شافياً.

هذا نموذج من التسلط على المرأة تحت مظلة الولاية، والولي في الإسلام ليس خاصاً بالمرأة، فكل إنسان بحاجة لولي في فترة من عمره من الطفولة إلى الشيخوخة لأي عارض يعرض له من صغر أو ضعف أو مرض حتى لا تضيع حقوقه وبخاصة الطفل الصغير واليتيم والمرأة والشيخ الكبير والمريض الفاقد للاهلية، وقد تكون المرأة ولياً لأولادها أو أبويها أو إخوتها وأخواتها أوأي قريب آخر إن لم يوجد من هو أولى منها، وقد يكون الولي طفلاً في حال القصاص فينتظر حتى يبلغ.

إن الولاية رعاية لا جناية أو تسلط أو سلب حق، ولذا لا بد من أهلية الولي وبخاصة في رعاية الطفل واليتيم والمرأة، أما أن تفهم الولاية أنها تسلط فهذا ظلم وفهم مقلوب لحقيقة الولاية، وبخاصة عند حاجة المولى عليه كهؤلاء النساء أو وجود خصومة أو وجود فهم سقيم لدى الولي يترتب عليه قطع أسباب الرزق ونقل المتولى عليه من الغنى إلى الفقر ومن العمل إلى البطالة.

وإذا كان ما ذكر في الشكوى صحيحاً وهو أن البنك فصل المرأة من عملها استجابة لطلب ولي الأمر لأن النظام يشترط ذلك؛ فإن وزارة العمل مسؤولة عن تغيير النظام وإن لم يكن صحيحاً فإن عليها أن تحقق مع البنك الذي أسهم في قطع رزق كريم لمن يحمل تأهيلاً للعمل.

إذا كان ولي الأمر ليس له عقد النكاح للمرأة إلا برضاها وشهود الشهود على ذلك فهل له أن يفصلها من عملها لمجرد أن قسوة الزمن ساقت إليه ولاية ليس جديراً بحملها وأمانة ليس بأهل لها؟

لا يجوز أن تختلط العادات بالعبادات ولا التقاليد بالأنظمة، وهناك حقوق لا تسقطها الولاية منها حق العمل، وحق المواطنة الذي هو هبة من الله وليس من ولي أمر المرأة أو الشاب، فإن منع ولي الأمر الحصول على هوية يجب أن يتم تجاوزه لسقوط أهليته مثل العاضل في النكاح، إن الإسلام ضبط الحقوق، وأعطى كل ذي حق حقه، وليس الولي إلا لإحقاق الحقوق فإذا انحرف به لقصر فهمه أو تحكمت فيه الأعراف فإن الحق يجب أن يعطى لصاحبه ولا ينظر لمن يضيع الحق بدلاً من أن يحرص عليه.

المصدر : جريدة المدينة - 1 شعبان 1434هـ الموافق 10 يونيو 2013م