عبد المحسن هلال - جريدة عكاظ

عدد القراءات: 1009

تتوق النفس في رمضان إلى العمل الخيري بمختلف أنواعه ومجالاته، إلا أن معظمه عمل فردي ينحصر في الصدقات، وربما في الشوارع، ما يشجع وينمي ظاهرة الشحاذة، أو في الموائد الرمضانية حول المساجد، فليت أن هناك أوعية تستقبل هذه الصدقات العينية والمادية لتوزيعها بطرق أكثر رقيا وتقديرا لمشاعر المستقبلين، بل ليت أن العمل الخيري يخرج من عباءته التقليدية كالصدقة وبناء المساجد لمجالات أوسع كبناء المستشفيات ومراكز إيواء العجزة وكبار السن والأيتام ومراكز تعليم حرف ومهن لأبناء الفقراء، فأن نعلمهم الصيد خير ألف مرة من أن نعطيهم سمكة كل يوم.

الاعتماد على الجمعيات الخيرية وحده لا يكفي، وبالخصوص في ظل وضعها وتنظيمها الحالي، ففي دراسة أعدتها المؤسسة السعودية للتعليم والتدريب عن واقع العمل الخيري في المملكة تقول إن في المملكة 618 جمعية خيرية و170 جمعية تعاونية و89 مؤسسة خيرية خاصة، بلغ حجم إعانات الدولة لها 450 مليونا في العام 2011م شكل 75% من إيراداتها والباقي تبرعات فردية، ووجد أن 68% منها يعاني نقصا في التمويل، و84% ليس لها شراكة مع القطاع الخاص، وأكثر من 50% ليس لها أوقاف، بينما بند الرواتب والأجور يشكل 50% من مصروفاتها، وعدد 6 فقط من هذه الجمعيات دخلت تصنيف الأكثر شفافية على مستوى العالم العربي وليس دوليا.

كل هذا يعني أن هناك خللا ما (إداري بالمقام الأول، ومنهجي في المقام الثاني)، إذ لا يعقل الارتهان إلى التمويل الحكومي دون نشاط استثماري يذكر أو انقطاع أوجه التعاون مع قطاع الأعمال، فضلا عن امتلاك أوقاف أو السعي وراء الوصايا من أثرياء المجتمع. الجمعية ليست مجرد صندوق لتوزيع العطايا والهبات أو الريع، بذا نحن نعيد إنتاج الفقر ونستديمه، بينما الهدف هو إلغاء الحاجة، تعليم صنعة بسيطة أو اكتساب مهنة أولية أفضل للفقير من الوقوف في طابور الصدقة. توسيع مفهوم المؤسسات المدنية، تنظيميا وقانونيا، يمكننا من تدارك الكثير من نواقص عمل الجمعيات الخيرية النبيل.

المصدر : جريدة عكاظ - 5 رمضان 1434هـ الموافق 14 يوليو 2013م