من يتأمل واقع القطاع العقاري قبل عدة أعوام ويراه اليوم، يدرك أن المكتسبات التي قادتها وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان في السنوات الخمس الأخيرة، كان لها آثار واضحة في عدد من المجالات المتعلقة بالسوق العقاري، بدءاً من تشريعاته وتنظيماته، ومروراً بأعماله وإنشاءاته، وانتهاء بالخدمات المقدمة إلى المستفيد النهائي من المعروض العقاري.
فإن كان الحديث عن زيادة المعروض العقاري، نجد أن كثيراً من الأراضي البيضاء التي سعت الحكومة إلى الحد من احتكارها، دخلت سوق العرض والطلب أو كانت جزءاً من مشروعات التطوير التجاري والخدمي حتى أصبحت مشروعات ووجهات حيوية وسط المدن، بمنهجية حاسمة في تطبيق رسوم الأراضي البيضاء بمرحلتيها الأولى والثانية، وأُكلها التي أثمرت في دعم مشروعات الإسكان وتطوير بنيتها التحتية من إيرادات الرسوم.
وفي إطار تنفيذ حلول ترتقي بالقطاع، كان للوزارة عدد من البرامج التي أدت إلى رفع جودته وتنظيمه عبر مشروعات نوعية مُميزة، تُجزّئ المشكلة وتقدم حلولاً تناسب كل جزء منها، فما قدمه برنامج “سكني” من زيادة كبيرة في نسبة تملك الأسر السعودية، وتحقيق أحد مستهدفات رؤية المملكة 2030، كان جزءاً من منظومة عقارية قوية ومتكاملة.
ولعل أحد الحلول النوعية الفعالة التي قامت بها الوزارة هي تطوير البيئة الإيجارية السكنية والتجارية، عبر إطلاق شبكة “إيجار” لتنظيم البيئة الإيجارية، وتقديم عقد إيجار موحد يحد من المشكلات التعاقدية والمالية التي أنهكت المستفيدين، ويضع آليات واضحة وميسرة ويوفر اختيارات مرنة؛ إلى جانب اعتبار العقد الموحّد سنداً تنفيذياً بعيداً للجهات القضائية.
ولا يقف مشروع الوزارة على فرض رسوم وبناء مساكن إذا لم تكن هنالك بيئة ديناميكية تلائم القطاع العقاري الضخم، فمثلا نرى العمل على تعزيز ثقافة التعايش المشترك عبر الجمعيات التي ينظمها برنامج “ملاك”، وعمل برنامج “البناء المستدام” للارتقاء بجودة المباني واستدامتها، وفق معايير فنية وهندسية عالية إضافة إلى مطابقتها كود البناء السعودي، إضافة إلى تمكين الملاك الحاليين من “فرز الوحدات العقارية” إلى عدة وحدات وإصدار صكوك مستقلة تساعدهم على بيعها أو تأجيرها أو الانتفاع بها.
وأخيراً فإن “الوطنية للإسكان” التي تملكها الدولة لتشغيل هذه البرامج بطرق مؤسسية وأساليب منظمة، وعمل احترافي وفق قواعد العمل الخاص الذي يساعد على تحقيق المستهدفات وتطوير البيئة العقارية باتت اليوم علامة بارزة ومهمة في التوسع بتمكين المواطنين ورفع نسبة التملك.