تخلف أو تطور الجهات الحكومية يرجع لرأس هرمها
د. قيصر حامد مطاوع - جريدة المدينة
لا أحد ينكر بأن مستوى الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين والوافدين لدينا يختلف من جهة حكومية لأخرى. فبعض الجهات الحكومية تقدم خدماتها للجمهور بشكل سيئ للغاية، وهناك من تقدمها بدرجة أفضل منها قليلاً وبتطور ملموس، ولكن تظل الخدمة المقدمة من الجهات الحكومية في مجملها دون توقعات المواطن أو الوافد. وهذا ما يجعلنا نتساءل في بعض الأحيان، لماذا هذا التباين الواضح في طريقة وشكلية تقديم الخدمات بين الجهات الحكومية؟ لماذا عندما تدخل بعض الإدارات الحكومية تحس أنك رجعت للقرون الوسطى بسبب تخلفها، وعندما تدخل إلى إدارات حكومية أخرى تلمس أن الأمر يختلف بشكل كبير من ناحية التطور والتنظيم وتقديم الخدمات؟
الجواب هو أن الأمر دائماً متعلق برأس الهرم في تلك الجهة الحكومية، مع الأسف، فلو كان متطوراً ولديه رؤية حديثة في تقديم خدمات جيدة للمواطنين أو الوافدين فستجد تلك الجهة متطورة في تقديم خدماتها، وإذا كان لا يعير تقديم خدمات جيدة للمستفيدين أي اهتمام فإن ذلك سينعكس على أداء الجهة التي يرأسها. فهناك بعض الجهات أصبحت تستقبل المعاملات من تقديم طلبات وتحميل مستندات عن طريق موقعها الإلكتروني على الشبكة العنكبوتية ويمكن أن تنجز الكثير من الأعمال الحكومية الهامة من خلالها وفي أي وقت ودون الحاجة الى الذهاب إليها.وإذا ذهبت لتلك الجهات ـ إذا تطلب الأمر ــ تجد تنظيماً ملحوظاً وتطوراً ملموساً. وفي المقابل، هناك جهات أخرى مازالت تلزمنا بتقديم طلبات المعاملات والمستندات الخاصة بها في الملف الأخضر (العلاقي)، وصفحتها الإلكترونية لا تحوي غير أخبار رئيسها وما قام به من استقبالات وغيره لتلميع صورته، دون الاستفادة الفعلية من ذلك الموقع لتقديم خدمات للمستفيدين. وحتى عندما تذهب لتلك الجهات للحصول على أي خدمة، فإنه لا يتم خدمتك بشكل مقبول أو الاعتناء بك، بل إنك تحس بالغثيان منذ دخولك لتلك الجهة، بسبب عدم التنظيم والزحام والإهمال والروائح الكريهة وسوء المعاملة وعدم توفر المواقف وغيره.
وإن كان هذا التذبذب في تقديم الخدمات بين الجهات الحكومية يعتبر معضلة، إلا أن المعضلة الأكبر هي عند تغيير رأس الهرم في الجهة الحكومية المتطورة واستبداله بآخر عدو للتطور، لتجده يعيد تلك الجهة مرة أخرى إلى العصر الحجري أو أن يكتفي بما قام به سلفه ويجيّره لصالحه، لتفقد تلك الجهة ميزتها في تقديم خدمات جيدة.
ولتفادي هذا التذبذب غير المبرر في تقديم الخدمات الحكومية، فإنه يجب أن يكون هناك حد أدنى من تقديم الخدمات الحكومية المرضية للمستفيدين وإلزام كافة الجهات الحكومية أن لا تنزل عنه، سواء من تقديم الطلبات والمستندات عن طريق الصفحة الإلكترونية للجهة الحكومية ومتابعة الإجراءات من خلالها وصولاً للتنظيم والترتيب الداخلي للجهات الحكومية، لتسهيل إجراءات المواطنين أو الوافدين. لأنه من غير المقبول أن يظل المواطن أو الوافد تحت رحمة المسؤول، فإذا كان متطوراً ومنظماً ترتبت معه الجهة التي يرأسها، وإذا كان عدو التطور رجعنا معه قروناً للوراء.
إن وجود حد أدنى من تقديم الخدمات،الملزمة به الجهات الحكومية،سيضمر الفجوة الغريبة ما بين الجهات الحكومية لدينا في تقديم الخدمات، ويبعدنا عن شبح الخوف من تغيير رأس الجهة المتطورة، والذي قد يعيدنا رئيسها الجديد للمربع الأول في تقديم الخدمات، وليس البناء على ما قام به من سبقه، وذلك لضمان جودة الخدمات التي تقدمها جهاتنا الحكومية.
المصدر : جريدة المدينة - الثلاثاء 23 شعبان 1434هـ الموافق 2 يوليو 2013م