- جريدة عكاظ 19 شوال 1434هـ الموافق 26 أغسطس 2013م

عدد القراءات: 1133
فاطمة آل تيسان – جريدة عكاظ
في الوقت الذي ندعي فيه أننا الشعوب التي تصون النساء وترعى حقوق الأطفال نرتكب أفظع الجرائم والإبادة في حق هاتين الفئتين المصنفتين اجتماعيا لدينا أنهما الأضعف في حماية أنفسهم والأكثر عرضة للاستغلال، وهم كذلك فعلا، فهم وقود الحرب وضحايا الإرهاب والدروع التي يحتمي بها الجبناء والطغاة على حد سواء، كراماتهم تسلب، وأرواحهم تزهق، وفي النهاية هم لقمة سائغة تتداول الأفواه أخبارها وتتناقل المحطات التلفزيونية صورها، إما موتى أو جرحى، حتى في الموت تمتهن صورهم وتعرض أجسادهم كدليل إدانة من طرف لآخر دون مراعاة حرمة لهذه الأجساد البريئة التي قضت في حروب طاحنه لم تفتعلها ولم تشارك فيها، ولكن لا بد في النهاية أن يكون هناك ضحايا، ولن يكون هناك أحد غيرهم، والسؤال: لماذا الإصرار على استغلال أجسادهم بهذا الامتهان؟!، مع العلم أنها لن تحدث في قلب الطغاة الرحمة ولا في قلوب العالم الشفقة، فكل مشغول بنفسه، وأشقاؤهم في الدول الأخرى ليسوا بأحسن حالا منهم، فهم يعانون بطرق مليئة بالألم، مئات القصص والصور التي تروى وتشاهد يوميا عن ما تتعرض له النساء والأطفال في الوطن العربي من تعذيب أو موت، فإن لم يكن بالحرب والاقتتال، فبالتعنيف والتعذيب والتحرش من المقربين جدا أو غيرهم ممن توطنت القسوة قلبهم. وليس هناك من قوانين أو عقوبات تردع هؤلاء، بل يجد المجرم عندما يرتكب فعلته الكثير من الثغرات التي قد تبرئ ساحته أو تقضي بأبسط عقوبة، فالنساء والأطفال هم في النهاية مملوكون للأقوياء في نظر العرف الاجتماعي. الإسلام كفل للفئتين الرعاية وحسن المعاملة، والقوانين والاتفاقات الدولية أيضا، إلا أن حسن المعاملة والرعاية فن يخصنا نمارس من خلاله ما يرسخ في الأذهان القوة والجبروت، وأن السلطة ذكورية بحتة، وبيدها أن تمنح أو تمنع، حتى الأبوة إن راق لها اعترفت بها وإلا تنكرت ومن له إجبارها. ستظل المرأة والطفل بصمة عار في جبين الأمة ما بقي معها الظلم والاضطهاد يرتع في مجتمعات لا تستنكرهما، بل تسوق للفاعل من مبدأ حق الولاية.

المصدر : جريدة عكاظ 19 شوال 1434هـ الموافق 26 أغسطس 2013م -