- جريدة المدينة 5 ذو القعدة 1434هـ الموافق 11 سبتمبر 2013م

عدد القراءات: 1227
محمد بتاع البلادي – جريدة المدينة
القطاع الخاص والمسؤولية الاجتماعية* يقول المتحدث الإعلامي في وزارة الشؤون الاجتماعية (عكاظ – 9 سبتمبر): إن الوزارة بدأت مباحثاتها مع عدد من الجامعات في المملكة لإعداد دبلومات متخصصة في العمل الخيري، مبيناً أن الوزارة لديها نظرة مستقبلية متفائلة لواقع الجمعيات والعمل الخيري بشكل عام.. وبقدر سعادتي -كمهتم بالعمل الخيري- بهذا الخبر إلا أنني كنت أتمنى لو توجّهت بعض هذه الجهود لتوعية القطاع الخاص بأهمية الاستثمار على المستوى الاجتماعي والإنساني.. ليس بحكم قدرة رؤوس الأموال على التأثير في مسار العمل الخيري فحسب، بل ولحاجة معظم هذه الأموال إلى التوعية في هذا الجانب التنموي المهم.

* إذا كانت المسؤولية الاجتماعية في أبسط تعاريفها تعني أن يقوم كل فرد بدور اجتماعي تجاه تنمية مجتمعه‏.‏.‏ فإنها بالنسبة للقطاع الخاص تتمثل في دعم الخدمات التنموية ومؤسسات المجتمع المدني حتى تستطيع تحقيق أهدافها ‏دون الحاجة لانتظار الدعم الحكومي أو المعونات الخيرية‏.. ويمكن لهذا القطاع أن يذهب أبعد من ذلك من خلال التحرك بإيجابية نحو الاستثمار واستحداث المزيد من البرامج التي يمكن أن تشارك فعليا في التنمية ‏المستدامة.

* وعلى الرغم من وجود العديد من الأمثلة المحلية والعالمية التي أثبتت أن الشركات تُحقِّق ربحاً أعلى عندما تحترم وتنمّي القيم، والأشخاص، والمجتمعات (عبداللطيف جميل مثالاً).. إلا أنه من المؤسف أن تجد بين رجال الأعمال من لا يزال يعتقد أن الإنفاق على تنمية القيم الاجتماعية سوف يؤثر سلباً على أرباحه‏‏‏.‏. وهذا أمر خاطئ بالطبع، فالشركات ذات الإسهامات المجتمعية لا تسهم فقط في ترويج ونشر الجهود الإنسانية، بل تعمل أيضا علي توسيع نشاطاتها وزيادة أرباحها على المدى الطويل‏.‏. وتؤكد بعض التجارب العالمية صحة هذه الفكرة،‏ حيث حققت بعض الشركات مكاسب مزدوجة علي المستويات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية‏.‏. فقد ورد في تقرير مؤسسة (مريل اند لينش) عن أغنياء العالم أن الأشخاص الذين تجاوزت ثرواتهم الشخصية 30‏ مليون دولار، كانوا ينفقون حوالى ‏9%‏ من تلك الثروات في مشروعات ذات صبغة إنسانية‏.‏. وقد اتفق غالبيتهم أنهم بعملهم هذا إنما يريدون أن يحدثوا تغييراً سريعاً في المجتمع،‏ بالإضافة إلى تحقيق عائدات نمو سريعة لثرواتهم.

* إذا كانت مجتمعاتنا العربية تمتلك رصيدًا لا بأس به من الوعي تجاه العمل الخيري نابعا من منطلق إسلامي.. إلا أنها لازالت بحاجة لمزيد من الوعي بمسؤولياتها الاجتماعية‏ التي لا تقل أهمية ولا ثواباً عن غيرها من أعمال الخير‏.. فمن المؤسف أن نرى اختزال العمل الخيري وحصره في أوجه محددة مثل الصدقات أو الإنفاق على بناء المساجد،‏ وعدم الإنفاق بالمقابل على جمعيات تعمل علي تنمية المجتمع، ومحاربة الكثير من مشكلاته كالفقر والبطالة والمخدرات.‏. وهو الفكر الذي يجب أن نعمل جاهدين على تغييره‏.

المصدر : جريدة المدينة 5 ذو القعدة 1434هـ الموافق 11 سبتمبر 2013م -