الملكية الفكرية في دول مجلس التعاون الخليجي
ماجد محمد قاروب - جريدة عكاظ
يبدو أن الاهتمام والعلم والإدراك بقوانين الملكية الفكرية ضعيف جدا في دول الخليج العربي سواء على الصعيد الأكاديمي أو الحكومي أو القطاع الخاص.
ويرجع ذلك إلى ضعف الاهتمام والإيمان بحقيقة قوانين الملكية الفكرية وذلك لضعف الثقافة الحقوقية كإحدى سمات المجتمعات الخليجية ولا يجب أن ننسى الحالة الاقتصادية فتقريبا 45 % من سكان دول الخليج من العمال ذوي الدخل البسيط و25 % عمالة وطنية وأجنبية متوسطة الدخل وبطبيعة الحال هذا لا يعكس الصورة العالمية لدول الخليج بأنها دول غنية فهذا ليس له ارتباط بالسكان من الأجانب والمواطنين ولذلك الإقبال على المنتجات المقلدة والرخيصة هو الأساس.
ولا يوجد تطبيق حقيقي لقوانين براءات الاختراع إلا تسجيل البراءات العالمية والأجنبية لأن الجميع يعلم بأنه لن يتحصل على تعويضات مجدية وحقيقية من القضاء في دول الخليج التي هي دول مستوردة أكثر منها دول تصنيع.
وهناك عدد كبير من قوانين الملكية الفكرية النموذجية في دول الخليج، وصدقا لا توجد أي ميزات أو إيجابيات حقيقية من الناحية الاقتصادية أو القضائية والقانونية مثلا لوجود قانون علامات تجارية موحد لدول الخليج التي تختلف اختلافا جذريا في اقتصادياتها خاصة تلك التي تعتمد على الملكية الفكرية في المجتمعات الصناعية.
ولا أعتقد أن وجود القانون الموحد للملكية الفكرية سوف يساعد أو يساهم في أي تطوير للنظرة والمعاملة مع تلك القوانين من قبل المجتمعات ورجال الأعمال وحتى الإدارات الحكومية لأن العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية في جميع الدول تؤدي إلى عدم الاهتمام التلقائي والطبيعي بتلك القوانين التي تقابل بالنظرة السلبية في معظم الأحوال وأن التعامل معها يظل إيجابيا من قبل الأجهزة الحكومية في الحد الأدنى الذي يرفع عنها الحرج الدولي لتصنيف بيئة الاستثمار لديها، وفيما يخص حقوق المؤلف وحمايته فإن جميع دول الخليج تنفذ البرامج الحمائية والوقائية كما هو منصوص عليه في المواثيق والمعاهدات بما يضمن تقارير إيجابية عنها في المنظمات والهيئات الدولية والعالمية باعتباره الحد الأدنى المطلوب منها وتقوم الأجهزة الحكومية بإنفاذ بعض العقوبات الإدارية مثل الإتلاف وإيقاع الغرامات إلا أن القضاء في دول الخليج حتى الآن لم يصدر أحكاما توضح إلماما وقناعة بحقوق المؤلف تؤدي إلى صدور عقوبات تعويضية لأصحاب الحقوق.
ولا يزال هناك الكثير من البرامج الخاصة بالثقافة والتعليم القانوني تشارك فيه الحكومات مع القطاع الخاص والغرف التجارية وقطاع التعليم الجامعي لتطوير وتغيير النظرة والتعامل السلبي مع قوانين الملكية الفكرية وتحويلها إلى فكر آخر إيجابي يضعها في سلم الأولويات والضرورات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لينعكس ذلك مع الوقت على التعامل الاقتصادي والقانوني والقضائي لتلك القوانين والحقوق الناتجة عنها.
كما أن الشركات العالمية الكبرى المالكة للحقوق لديها برامج وميزانيات يجب أن تكون قوية لحماية حقوقها من الغش والتقليد والتزييف وتربط ذلك مع حجم أعمالها الاقتصادية في المنطقة ولذلك معظم محاولات محاربة الاعتداء على الحقوق غير مجدية ونظرا لذلك فإننا بحاجة إلى جهود كبيرة وجبارة لتغيير التعامل مع حقوق الملكية.
المصدر : جريدة عكاظ - 23 محرم 1435 هـ الموافق 27 نوفمبر 2013م