الإسكان في إطار السياسة السكانية
سليمان بن عبدالله الرويشد - جريدة الرياض
تتبنى الدول عادة مجموعة من المبادئ والأهداف فيما يخص القضايا المتعلقة بالسكان، يطلق عليها بوجه عام السياسة السكانية، حيث ترمي تلك السياسة إلى التأثير في النمو السكاني وعناصره الرئيسية من معدلات خصوبة وولادة ووفاة، والتوزيع المكاني للسكان، والهجرة والتركيبة السكانية، بالإضافة إلى القضايا العامة الأخرى المرتبطة بالصحة والتعليم، من هذا المنطلق تشكل السياسة السكانية مظلة واسعة تندرج تحتها العديد من البرامج والأنشطة والفعاليات التي تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة في المتغيرات السكانية، وهي عادة ما تقوم أي تلك السياسة السكانية على ثوابت تنبثق من ثقافة المجتمع وقيمه.
في المملكة يناقش مجلس الشورى هذا الأسبوع وفق ما أعلن عنه وثيقة السياسة السكانية التي تهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو السكاني والموارد الطبيعية والاقتصادية، ومراعاة التباين في التوزيع المكاني للسكان، والتعامل مع الآثار المترتبة على ارتفاع وتيرة التحضر في المملكة والاهتمام بالجوانب المتعلقة بالتركيبة السكانية، ونشر الوعي بالقضايا السكانية، وتعزيز مهمة التخطيط للتنمية في خدمة السكان، حيث يتركز اهتمام السياسة السكانية للمملكة على معالجة التحديات المتعلقة بحجم السكان، ومعدل نموهم، وتركيبتهم العمرية، وتوزيعهم المكاني، وذلك بهدف تحسين خصائصهم التعليمية والصحية والإسكانية، فضلاً عن توفير الخدمات العامة والتجهيزات الملائمة في بيئة صحية، وذلك في ظل تركز حجم السكان في ثلاث مناطق رئيسية هي الرياض، ومكة المكرمة، والمنطقة الشرقية.
تشمل الوثيقة عشرة محاور من بينها الإسكان والبيئة الملائمة للسياسة السكانية، وذلك من منطلق ما تعاني منه معظم مناطق ومدن المملكة من انخفاض في عدد السكان، واستمرار سياسة عدم التوازن في التوزيع السكاني بين المناطق والمدن وما له من تأثير سلبي على المدى البعيد، إضافة إلى ما تشكله التركيبة السكانية للمملكة في الداخل من تحديات تتمثل في تجاوز شريحة الشباب من (ذكور وإناث) الأقل من 30 عاماً نسبة 60 % من السكان المواطنين، هذا بخلاف عدد السكان المقيمين، الذي بلغ وفق آخر تعداد سكاني رسمي 8.700 ملايين نسمة، مقابل 18.7 مليونا من المواطنين، أو ما نسبته 31 % من السكان.
لذا وفي إطار مبادئ وأهداف تلك السياسة السكانية للمملكة يتضح جلياً أن مفهوم الإسكان هو في الواقع أعم وأشمل مما يتصور البعض من أنه فقط مخططات ورسومات هندسية نمولها لكي تتحول إلى أراض مطورة عليها منشآت ووحدات سكنية، بل هو تنظيم حضري شامل على مستوياته الثلاثة، الوطني والإقليمي والمحلي، يستلزم منا التأكد من أنه يحقق التناغم والانسجام بين السكن والبيئة التي يتواجد فيها بكل مكوناتها الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية.
المصدر : جريدة الرياض - 20 صفر 1435هـ الموافق 23 ديسمبر 2013م