مها محمد الشريف - جريدة الرياض

عدد القراءات: 1251

 انطلاقاً من قراءة عدة مفاهيم وعلاقات، في قانون الطبقات العاملة، سنعرض نص الافتتاح من أعمال “جوزيف برودون” الذي استهل أطروحته بالتساؤل قائلا:(لو توجهنا بسؤال إلى موظف بالإدارة أو ممرضة في المستشفى، أو في القسم، أو عامل بالمصنع، وسألنا كل واحد من هؤلاء عما ينقصه لكي يكون مطمئناً في عمله ويقوم بواجباته المهنية، لأجابنا بدون تردد: إن الكل ينتظر مني أن أقوم بواجباتي ولكن أين حقوقي؟)

ولو أغدقنا على أنفسنا قيم المشاركة في الحياة العامة، وشيدنا قواعد تعتمد على القانون والضريبة والواجب، لوجدنا أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع من مبدأ الحق ذاته، وتوجيه كل القدرات إلى احترام الحق والعدالة والإنصاف، وعدم المساس بحرية الآخرين، والحرص على الحقوق ومشروعيتها، وبالتالي نضيف إلى قاموس الحياة الاجتماعية بعضاً من أسئلة الفلاسفة التي تحلل وتناقش قضايا الأطروحات، وتفسر الإشكالية العامة.

ومما تجدر الإشارة إليه مفهوم الحق الذي اعتبره “جوزيف برودون” وظيفة لتصحيح ممارسات البشر وتعديل سلوكهم، ورسم مسارات عدة لهذا المفهوم ثم أرفق هذه المسارات بعدة تساؤلات عن مدى قابلية العمل على أرض الواقع، وكيف انعكست الثورة الصناعية على الحركة العمالية؟، فنقول لو أخذنا بمنهج هذه التساؤلات كما قال “جوزيف برودون”، (لو سألنا صحافياً في جريدة عما هي غاية مهمته، لأخبرنا بثقة كبيرة انه يدافع عن حق المواطن في التعبير عن الرأي والوصول إلى الخبر، وإلى الكشف عن الحقيقة، ونشر ما تقدمه النقابة العمالية التي تدافع عن حق العامل في الأجر العادل).

إذن الاستفادة من التغطية الاجتماعية تعمل على تجسيد الإنصاف، والإنصاف يصلح قوانين العدالة ويساوي الناس أمام القانون، لاسيما عندما تؤطر هذه الهيئات السياسية أدوار المواطنين ليمارسوا حقوقهم السياسية والمدنية، ضمن السلطة العامة التي تكفل للفرد حريته وكرامته، ثم نستخلص من النص كيف يُبلي الفرد في المجتمع ليحصل على أجره وكامل حقوقه، ابتداء من القاعدة إلى الانضباط، لكي نستطيع حسم الحقوق والأجور مقابل الإتقان والإخلاص، والقرآن الكريم يؤكد لنا فيه ربنا –تبارك وتعالى:(وقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ… الآية).

فمثلاً لو قيل للناس: إن هناك حقاً طبيعياً وحقاً موضعياً، الأول يطابق حقيقة الإنسان، والثاني مجموعة من القوانين يحددها واقع الزمان والمكان، ثم اعتبر الجميع أن الحق والمساواة وقانون العمل والعمال من أولويات الحياة الاقتصادية والاجتماعية ولكنهم أسقطوا بنداً هاماً منه وهو الإتقان والإخلاص، تماماً كموظفي البلديات وما ثبت عليهم من نقص وعجز وبعض موظفي القطاعات الحكومية، ومدى التكافؤ بين العمل والعامل، وتراكم الحياة غير المتوقع، وتضاؤل الإنتاجية وارتفاع صوت الاحتجاج، وتجاوز التعارض بين الإنتاج والحقوق ووظائفها، مما يفاقم التكتلات بين الناس نتيجة الفوضى.

فانطلاقاً من ضبابية الصورة لدى الفرد العامل في العالم الثالث، وجد العالم خللاً كبيراً في المجتمعات على خارطة الإنجاز، وسجلت نسباً متدنية من المنفعة وسعراً غير عادل لا يساوي ولا يكافئ الطرفين.

لذلك لم ينل الفرد فرصاً سانحة تؤهله للفوز بها، فهزمه العامل الذاتي وأضعف عزيمته، وعقد آمالاً متأرجحة بين التفسير والتنبؤ والحاجة، وأيضاً دور آلية العمل الملائم للقدرات والمؤهل، فالبحث عن بعض أنماط السلوك يستدعي مضامين مهيمنة، تؤهله إلى بلوغ مراتب ووظائف ذات معنى للعمل.

المصدر : جريدة الرياض - 21 صفر 1435هـ الموافق 23 ديسمبر 2013م