منى يوسف حمدان - جريدة المدينة

عدد القراءات: 1944

التعليم وجودة مخرجاته هما المحك الحقيقي لقياس مستوى تقدم الأمم، والمؤشر الذي يعبر عن ماهية الإنسان وقيمه ومبادئه وعلمه وقدراته ومهاراته، التي اكتسبها داخل أروقة المدارس

جودة التعليم ومدارس المستقبلفي كل الأمم على مر العصور والتاريخ يبقى الاستثمار في العقل البشري هو بوابة العبور إلى المجد الإنساني، وتسجيل الإنجازات وتسطير الحضارات.

التعليم وجودة مخرجاته هما المحك الحقيقي لقياس مستوى تقدم الأمم، والمؤشر الذي يعبر عن ماهية الإنسان وقيمه ومبادئه وعلمه وقدراته ومهاراته، التي اكتسبها داخل أروقة المدارس.

الحراك الفكري الثقافي التربوي دليل عافية ومؤشر حقيقي على أن هناك عقولاً نيرة تريد أن تستزيد من كل جديد في الميدان التربوي.

على ضفاف البحر الأحمر من محافظة ينبع كم يسعدني أن أُسطِّر دومًا عن إنجازات تتحقق على أرضها، وهي بقعة عزيزة غالية من الوطن، وعلى شرف محافظ محافظة ينبع عقدت فعاليات ملتقى ينبع الثاني للجودة وبحضور سعادة مدير التربية والتعليم.

كم هو جميل أن تشارك الوزارة في حضور هذه الفعالية -على مدار يومين- من قبل سعادة مساعد مدير عام الجودة الشاملة الدكتورة نجوى شاهين، وترافقها مشرفة الجودة الوزارية الأستاذة مها العسيري، لتكونا حلقة الوصل بين الوزارة والميدان التربوي دعمًا ومشاركة وحضورًا متميِّزًا متألقًا.

هذا الملتقى العلمي التربوي يهدف إلى استقطاب الخبراء والخبيرات في مجال الجودة من أجل طرح الفكر، ومن ثم تبادل الخبرات والرأي السديد من جهات مختلفة ومن مناطق متعددة.

هذا هو غاية وهدف الملتقيات والمؤتمرات والندوات، تستنهض الهمم وتحفز الميدان ويكرم المتميزون لأن الإنسان يبقى أسيرًا لكلمة طيبة ترفع من معنوياته وتزيده حماسًا وسعادة.

الأوراق العلمية التي طرحت أكدت على أن نظم الجودة ضرورة وليست ترفًا، وعلى أهمية القيادة في دعم الجودة، فبدون قائد حكيم يدرك أهمية تطبيقات الجودة لن نستطيع تحقيق الهدف الذي ننشد.

إننا بحاجة إلى مزيدٍ من اللقاءات التي تُعمِّق صلتنا بالفكر الجديد؛ ونحن في عصر تتسارع فيه المعلومات، وتتزايد الخبرات، وننفتح على الآخرين في ثقافاتهم وأفكارهم، لذا لابد أن نكون على قدر هذا التحدي مع الزمن المتغير.

وفي أهم مراحل التعليم -في رياض الأطفال- كان هناك لنا وقفة مع ورقة عمل تحدثت عن أسس ومتطلبات الجودة في رياض الأطفال، والتي نقلت لنا صورة للتعليم في اليابان، وكيف نُركِّز على بناء شخصية الطفل من الداخل، ليُحاكي واقعه الخارجي وكيف يرتبط ببيئته.

وأبحرنا نحو تطبيقات منهجية كايزن اليابانية في تخفيض الوقت، من خلالها تأكدنا بأن اليابانيين مدرسة يتعلم منها القاصي والداني كيف نعمل بإتقان وبجهد أقل وتوفير في الوقت والتكلفة.

هذه هي حرفية اليابانيين وسر تميزهم، بدون تكاليف باهظة ولا ميزانيات ضخمة يحققون الهدف.

وكانت خاتمة الجلسات ورقة عمل تحدثت عن أفضل ممارسات التميّز والجودة في الإدارة المدرسية.

المتحدثون والمتحدثات من مناطق مختلفة من المملكة قدموا إلى ينبع ليثروا الميدان التربوي بفكرهم وعلمهم وخبرتهم، هذا هو فعل الإنسان المعطاء الذي ينشر علمًا، ويُحقِّق معاني الشراكة مع الآخرين، ولنصل للتكامل فيما بيننا نوثق علاقاتنا ونُجدِّد أواصر المحبة بيننا.

هكذا يريد منا الوطن، إنجاز وعمل دؤوب، وهمّة عالية، وتطبيقات ميدانية، بعيدًا عن التنظير وتسطير الكلمات.

كم أتمنى لو أستطيع أن أرسم بكلماتي مشهدًا لطالبات الابتدائية الرابعة بالصناعية، وهن يتحدثن ويشرحن لسعادة المحافظ، ولضيوف معرض الجودة في التعليم عن أدوات الجودة الشاملة، وبكل ثقة واقتدار ووعي لما يقلن من كلمات.

من هنا أقول للعالم كله نحن على الدرب سائرون، من أجل مدرسة المستقبل عبر بوابة الجودة الشاملة في التعليم.

شكرًا لكل من ساهم في إنجاح فعاليات هذا الملتقى، خبراء وقادة تربويون في مدارسنا، وطلاب وطالبات، وفرق عمل لا تعرف إلاّ التميّز والعطاء.

نبض الجودة:

الجودة ليست نتاج الصدفة.. بل تأتي دائمًًا نتيجة الجهد الذكي.. هي الإرادة لإنتاج شيء متفوق (John Ruskin).

الجودة منهج لتحسين أساليب تفكيرنا لإدارة شؤون أعمالنا، لتحقيق التميّز والبحث المستمر عن أفضل الطرق التي تحقق إسعاد المستفيدين.

الجودة منهج تجعل عملنا ممتعًا وسهلاً وواضحًا.. فهي إعداد عقل منظم ومبتكر يحقق احتياجات المستفيدين منه.

المصدر : جريدة المدينة - 23 صفر 1435هـ الموافق 26 ديسمبر 2013م