بيت الطاعة ونظام الحماية من الإيذاء (1) كيف يقبل قضاتنا هذه النوعية من القضايا وهم يعلمونكيف يقبل قضاتنا هذه النوعية من القضايا وهم يعلمون بأنّ لا وجود لبيت الطاعة في الإسلام؟
د.سهيله زين العائدين - جريدة المدينة
والأسئلة التي تفرض نفسها: كيف يقبل قضاتنا هذه النوعية من القضايا وهم يعلمون بأنّ لا وجود لبيت الطاعة في الإسلام؟ وأنّها مقامة من الأزواج هروبًا من النفقة مستندين على مرويات موضوعة ضعيفة؟
فبيت الطاعة لا وجود له في الإسلام, فهو مأخوذ من المادة 214 من القانون الفرنسي الذي ينص على إلزام الزوجة بقوة الشرطة العيش في بيت الزوجية الذي يحدده الزوج، وقد طبقته بعض البلاد العربية التي أخذت بالقانون الفرنسي , والغريب أنّ محاكمنا أخذت به مع أنّ لا وجود له في الشريعة الإسلامية ، فالإسلام لا يجبر المرأة أن تعيش مع زوج تكرهه؛ إذ لها مخالعته برد مهره إليه, يوضح هذا قوله تعالى:(وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا) [البقرة : 229]وفسّرت ذلك السنة النبوية في حديث زوجة ثابت بن قيس التي قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن زوجها:” لا أعيب دينه وخلقه ولكنى أكره الكفر في الإسلام, فقال لها: أتردين له حديقته؟ قالت نعم” وتمّت مخالعته, هذا الحديث يبيّن لنا أنّ الخُلع برد المهر للزوج عندما يكون الضرر على الزوج بفسخ العقد, وليس عند وقوع ضرر على الزوجة, فزوجة قيس لم تُعبْ زوجها, ولكنها لم تُحبّه, وبالتالي لن تستطيع إعطاءه حقوقه الشرعية
أمّا إن كانت تكره العيش معه لممارسته عنفًا ضدها، فلا حياة بالإكراه, فلها حق طلب الطلاق , وليس مخالعته لأنّ الضرر هنا واقع على الزوجة وليس على الزوج الذي عليه أن يُطلقها يوضح هذا قوله تعالى:(فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)[البقرة: 229] (فأَمْسكوهنَّ بمعروفٍ أَوْ سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهنّ ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلمَ نفْسهُ)[البقرة: 231](فإذا بلغنَ أَجلهنَ فأَمسكوهنَ بمعروفٍ أو فارقوهنَّ بمعروفٍ)[ الطلاق: 2],وكل هذه الآيات تأمر الرجال فقط بحسن معاشرة النساء, مما يؤكد أنّ سوء العشرة يأتي في الغالب من الزوج لا من الزوجة, والله أعلم بخلقه.
ولقد جعل الله السكن والمودة والرحمة قوام الحياة الزوجية(ومنْ آياتهِ أنْ خلقَ لكمْ منْ أَنفسكمْ أزواجاً لتسكنوا إِليها وجعلَ بينكمْ مودَةً وَرَحمةً إنَ في ذلكَ لَآياتٍ لقومٍ يتفكَرونَ) [الروم:21].ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم« خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» والرسول صلى الله عليه وسلّم عندما غضب من زوجاته، وهجرهن شهرًا خارج بيت الزوجية، وهو معنى( واضربوهن) في آية النشوز، خيرهن بين الرضا بالعيش معه على وضعه المادي أو يُسرحهن تسريحًا جميلًا, ولم يُدخلهن ما يُسمى بـ” بيت الطّاعة ” ويوضح هذا قوله تعالى في الآية 28 من سورة الأحزاب:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً)
أمّا عن اعتبار المرأة التي تخرج من بيتها بدون إذن زوجها ناشزًا استنادًا على مرويات موضوعة وضعيفة فهذا ما سأبحثه في الحلقة القادمة إن شاء الله
المصدر : جريدة المدينة - الثلاثاء ٧ يناير ٢٠١٤