علي الجحلي - جريدة الاقتصادية

عدد القراءات: 1123
نشرت مصلحة الإحصاءات العامة تقريراً يفصل حال الوظائف في المملكة. ورغم عدم قناعتي بدقة الإحصائية، إلا أنها “إن صحت” تقع بين مضللة ومخيفة وكارثية.

مضلِّلَةٌ لأنها قالت إن قوة العمل من السعوديين خمسة ملايين و330 ألفاً، وإن العاطلين عن العمل عددهم 633 ألف مواطن “بالطبع”. ومع ذلك اعتمدت الرقم الكلي لقوة العمل بما فيها الأجانب لاحتساب نسبة البطالة، فأكدت أن نسبة البطالة بلغت 5.6 في المائة، والواقع أن نسبة البطالة هي بقسمة عدد العاطلين السعوديين على قوة العمل من السعوديين أي 12 في المائة تقريباً.

تلك الإحصائية مخيفة لأنها ذكرت أن ساعات العمل في القطاع الخاص راوحت بين 63 و35 ساعة في الأسبوع. يعني هذا أن هناك مخالفات قياسية، فمعدل ساعات العمل كان نحو 50 ساعة في الأسبوع، وهو رقم يؤكد أن هذه القطاعات لا بد أن تُرغَم على تعديل ساعات العمل إن كانت هناك خطط لسعودة فعلية.

الكارثي في هذه الإحصائية هو أن توجه التوظيف في المملكة يدفع باتجاه توظيف المواطنين في الوظائف “الدونية”. إذ أكدت الإحصائية أنه كلما ارتفع المستوى التعليمي لطالب الوظيفة، انخفضت فرص حصوله عليها. فنسبة البطالة بين الأميين لا تتجاوز 0.3 في المائة، ترتفع لتصبح 5 في المائة بين الحاصلين على الشهادة الابتدائية والمتوسطة، ثم 12 في المائة بالنسبة للشهادة الثانوية، وتبلغ قمتها عند 18 في المائة بين الحاصلين على شهادة البكالوريوس، في دولة تستقدم 53 في المائة من العمالة. توحي هذه الأرقام بانتشار التوظيف الوهمي.

يذكرني هذا بأول مقال كتبته عن “نطاقات”، وهو البرنامج الذي أوجد الحوافز والعقوبات لضمان توظيف السعوديين. اعتمد البرنامج على قاعدة رقمية فقط. إذ تتحرك الشركات في “نطاقات” بناء على أرقام السعوديين الذين يعملون فيها، بغض النظر عن مستواهم الوظيفي وموقعهم في الهيكل التنظيمي.

أدى هذا إلى توظيف السعوديين في أعمال التعقيب والمراسلة والاستقبال برواتب زهيدة، بدلاً من الوظائف الهندسية والطبية والتخصصية والقيادية. بقي السعوديون في وظائف تشغيلية وخدمية بسبب “نطاقات”، وهذه النتيجة التي حصدناها. سعوديون يتعلمون، وتصرف عليهم دولتهم بسخاء، ثم يتزاحمون على برنامج آخر هو “حافز”.

المصدر : جريدة الاقتصادية - الأربعاء 26 ربيع الثاني 1435 هـ. الموافق 26 فبراير 2014