د. إحسان بوحليقة - جريدة اليوم

عدد القراءات: 1104

هل تباع السعادة وتشترى؟ الحكمة السائدة تقول لا. هل السعادة مسئولية حكومية حتى تخصص لها وزارة؟ إحدى المسئوليات الرئيسية لأي حكومة تحقيق مستوى عال من الرضا عند المواطنين. وبالقطع فلن يستطيع أحد أن يحقق رضا الجميع. وهكذا فإذا اتفقنا أن الرضا هو أحد محددات السعادة، فيصبح السؤال: وكيف يتحقق رضا المواطنين؟ البعد الأكثر وضوحاً وعلى صلة بالحياة اليومية للمواطن له علاقة بالجوانب الاجتماعية-الاقتصادية؛ أي ما يتصل بالخدمات البلدية والبيئية أي ما يتصل بالنظافة والصحة العامة، والصحة الشخصية والأسرية أي وزارة الصحة من توفر مراكز أولية ومستشفيات، وخدمات التعليم بمراحلها المتعددة. أما الجانب الاقتصادي فيمكن تلخيصه بالاستثمار والتوظيف.

خذّ أحمد، مواطن متزوج لديه وزوجته أربعة أبناء ويتوقعون خامساً. ما الذي يؤثر على مستوى سعادة الأسرة؟ أمور كثيرة، وللوصول للقصد لنستبعد كل شيء عدا ما قد يؤثر على رضا الأسرة (سعادتها) بما توفره الحكومة من خدمات. تخيل أن أكبر الأبناء أنهى الثانوية وحصل على بعثة ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين، ذلك سيسعد الأسرة. ولكن تصور أن الابن عاد بشهادته من جامعة أمريكية مرموقة ولم يجد عملاً، فذلك لن يرضي الأسرة، والعكس تماماً لو أنه حصل على عمل مرموق يدر عليه دخلاً عالياً، فذلك سيعزز رضا الشاب وأفراد أسرته. ننتقل للأم الحامل، فإن كان بالقرب منها مركز رعاية صحية أولية أو مركز لرعاية الأم والطفل على مستوى مرموق وخدمات مهنية معتبرة، وكان بوسعها أن تراجع فيه للاطمئنان على وضعها الصحي ووضع جنينها، فستكون أكثر انشراحاً وراحة وكذلك أفراد أسرتها، وسيوفر ذلك على الأب مصاريف قد يصل متوسطها لألف ريال، إذ أن جودة الرعاية الصحية قد تغنيه عن اصطحاب زوجته للمستوصف الخاص للمراجعة الدورية ومصاريفها العالية، وقد يغنيه توافر مستشفى حكومي عن أن تلد زوجته في مستشفى خاص وما يصاحب ذلك من مصاريف. وعندما افتتحت وزارة التربية والتعليم مدرسة جديدة في الحي عوضا عن المبنى المستأجر المتهالك، اصطحب الأب ابنه اليافع، وهو أكثر ثقة بأن ركنا مهما من أركان العملية التربوية قد تطور، ولعل ذلك أن يقنع الأم بالتنازل عن إلحاحها بإلحاق ابنها (دلوع ماما) في مدرسة خاصة، وسيوفر للأب ما يزيد على ألف ريال ثانية شهرياً، وكما يقال ريال توفره هو ريال كسبته! فإن تحقق ذلك فسيطير الأب سعادة.
وتصور أن الحلم تحقق وتوافر للأسرة منزل في حياة الوالد الخمسيني (والأعمار بيد الله سبحانه فلكل أجل كتاب) من خلال برامج وزارة الإسكان، فذلك سيعني أن الأسرة برمتها ستكون أكثر رضا فيما يتعلق بمأواها، ورب الأسرة سيوفر ألف ريال ثالثة نظير عدم دفعه ايجارا للمنزل. ما يوفره الأب من مال سيمكنه –كما نعلم جميعاً- من الانفاق على احتياجات أخرى للأسرة، فقد يساهم بصورة أفضل في برّ والديه أو صلة رحمه، أو يصبح بوسعه اقتناء بعض الأثاث الجديد، أو أخذ الأسرة لرحلة سياحية، أو افتتاح حسابات توفير للأبناء، أو شراء قطع ذهب للزوجة. فإن طبقنا هذا الأمر على آلاف الأسر الواقعة في نطاق الدخل المتدني، فسنجد أننا لسنا بحاجة لوزارة للسعادة بل لحاجة أن تقوم كل وزارة بعملها بحماس وتحرق فذلك سيسعد المجتمع برمته بصورة أو بأخرى، وسنصبح أكثر رضا.

المصدر : جريدة اليوم - الأربعاء 25 جمادى الأولى 1435 - 26 مارس 2014