د.سعود العماري - جريدة اليوم

عدد القراءات: 1483

جاء الإسلام مكملاً لمكارم الأخلاق ومنها الرأفة والرحمة بالضعفاء وبذوي الاحتياجات الخاصة، وحرص غاية الحرص على رعايتهم وحمايتهم والقيام على شئونهم ودمجهم في المجتمع، فقد ورد عن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام أنه قال: «هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم» وهذا تصريح وتأكيد نبوي على أهمية ومكانة هذه الشريحة في المجتمع.
 وقد أمر الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالعناية الكاملة والنفقة على هذه الشريحة من شرائح المجتمع حتى وإن كان صاحب الحاجة من غير المسلمين، كما قام الخليفة الوليد بن عبدالملك ببناء أول مستشفى للمجذومين عام 88هـ وأعطى كل مقعد خادماً وكل مبصر قائداً، كما أقام الخليفة المأمون مأوى للنساء العاجزات وآخر للمبصرين في بغداد والمدن الكبرى، ووضع الإمام أبو حنيفة النعمان تشريعاً يقضي بأن بيت مال المسلمين مسئول عن النفقة على ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك كله تجسيد لقوله تعالى: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم «مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى».
ويعُّرف المعوق وفقاً لما ورد في المادة الأولى من نظام رعاية المعوقين الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/37 وتاريخ 23/9/1421هــ بأنه: «كل شخص مصاب بقصور كلي أو جزئي بشكل مستقر في قدراته الجسمية أو الحسية أو العقلية أو التواصلية أو التعليمية أو النفسية إلى المدى الذي يقلل من إمكانية تلبية متطلباته العادية في ظروف أمثاله من غير المعاقين». كما تناولت المادة المشار إليها أنواع الإعاقة التي تصيب الإنسان ومنها على سبيل المثال الإعاقة السمعية أو البصرية أو العقلية أو الجسمية.
 ومشكلة الإعاقة من المشكلات التي واجهت المملكة العربية السعودية كغيرها من الدول الأخرى، وقد أشار تقرير صادر عن المشروع الوطني لأبحاث الإعاقة والتأهيل داخل المجتمع السعودي أن نسبة الإعاقة في المملكة بلغت3.72 % من إجمالي عدد السكان عام 1997م، وترجع أسبابها إلى تدني مستوى الخدمات الصحية والاجتماعية في تلك الآونة، وعدم التوعية بمفهوم الإعاقة والوقاية منها، وكثرة الكوارث الطبيعية وحوادث الطرق، وقصور برامج التحصين للأمراض القابلة للوقاية، وزواج الأقارب، إلى جانب العديد من الأسباب الأخرى التي يصعب حصرها.  
ولم تكن المملكة بمنأى عن تقرير الحماية للمعوقين، فقد صدر نظام رعاية المعوقين المشار إليه بغرض إضفاء أقصى حماية لذوي الاحتياجات الخاصة من خلال قيام الدولة بمنحهم كافة خدمات الوقاية والرعاية والتأهيل في المجالات الصحية والتعليمية والتربوية والتدريبية والتأهيلية ومجالات العمل التي تناسب قدرات المعوق وحاجاته، إلى جانب العديد من المتطلبات الحياتية الأخرى وهو ما تم تقريره بنص المادة الثانية من النظام المشار إليه.
وعلى الرغم من ذلك فما زال ذوو الاحتياجات الخاصة يعانون بسبب غياب الوعي بشكل عام في مجتمعاتنا، حتى أن البعض يتبع معهم سياسة التجنب والابتعاد -حتى في المدارس- مما ترتب على إثره عزلهم عن المجتمع وحرمانهم من الانفتاح على العالم والتفاعل مع أفراده، وممارسة حقوقهم الكاملة التي تقررت لهم بموجب الشريعة والنظام. وقد تنبه المسئولون في وزارة التربية والتعليم لهذا فتم دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في مدارس التعليم العام، وهذا يسجل للوزارة والمسئولين فيها بمداد من ذهب.
ولكن من المؤسف أن هناك بعض القائمين على المدارس يختلق بعض العوائق؛ ليضطر أولياء أمور الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى البحث عن بيئة جاذبة لأبنائهم خارج إطار التعليم العام، مما يكبدهم مصاريف مالية باهظة كان الأجدر توفيرها لاحتياجات أخرى لهؤلاء الأبناء المعاقين.
وأخيراً، فإذا كان نظام المعوقين في المملكة قد سعى لتقرير العديد من المتطلبات التي تفتقر إليها تلك الشريحة وكفل حقوقهم، إلا أن الأمر يحتاج في المقام الأول إلى وعي متكامل يشارك فيه الجميع من أجل تطبيق الأنظمة وتحقيق أهدافها. ويمكن أن يتم تفعيل هذا الوعي وتحقيقه من خلال الإعلام الهادف والواعي سواء كان مرئياً أو مسموعاً أو مقروءاً أو من خلال المدرسة والمسجد وثقافة المجتمع المسلم، وهذا ما أدعو إليه وأرجو أن يتحقق بإذن الله.

المصدر : جريدة اليوم - 7 جماد الآخر 1435هـ الموافق 7 أبريل 2014م