د. هيثم باحيدرة - جريدة الاقتصادية

عدد القراءات: 1156

 تمثل الشبكات والتقنيات الجديدة، فرصة كبيرة لتحويل المدن إلى النمط الأكثر استدامة من خلال توفير المعلومات في الوقت الحقيقي، بما يسمح بتمكين شركات المرافق العامة من تحسين إدارة الشبكة، وتمكين المستهلكين من توفير الطاقة، وتمكين شبكات النقل من العمل بشكل أكثر كفاءة.

وفي حال وجود شراكات بين القطاعات المختلفة، حيث يتم إعداد المشاركين ليكونوا مصادر منفتحة، وليكونوا مدركين أن الجميع على متن رحلة واحدة إلى المجهول، يمكن للقدرات التي توفرها المعلومات أن تتحقق.

ويمكن لأسلوب المصدر المنفتح أن يجعل المعلومات جذابة وسهلة المنال لمجموعة كاملة من أصحاب المصلحة، والمساعدة في ضمان تنمية المدن بشكل مستدام ومناسب للغرض على حد سواء.

وتحتاج المدن إلى أن تصبح أكثر قدرة على التكيف والتجاوب، ومن الطرق التي تؤدي إلى ذلك إنشاء هياكل مؤقتة يمكن تكييفها لاستخدامات بديلة أو إزالتها بالكامل. ومن أمثلة ذلك المرافق المؤقتة التي تقام لخدمة بعض الأحداث الرياضية في دورات الألعاب الأولمبية.

ويمكن للتخطيط المفاهيمي الرئيس أن يؤدي دورا رئيسا في ضمان مواءمة البنية التحتية للمدينة للغرض المطلوب. وأفضل طريقة للقيام بذلك تكون من خلال تنفيذ عملية توجهها الاعتبارات المجتمعية المحلية، وتضم مختلف وجهات النظر، وتركز على احتياجات مجموعة متنوعة وكاملة من أصحاب المصلحة.

كما يمكن أن يكون للتخطيط تأثير في مستويات الجريمة والسلوك المعادي للمجتمع. ويعد إنشاء المساحات التي يشعر الناس فيها بالأمان وتشجع على السلوكيات الحيوية الإيجابية أمرا مهما لخلق الإحساس بالمكان. وبهذه الطريقة يمكن استخدام التصميم البيئي كأداة لمنع الجريمة.

وتقليديا؛ استند النموذج الغربي للتنمية الحضرية على النمو والتوسع، ولكن هذا الاتجاه لا يمكنه الاستمرار إلى أجل غير مسمى، كما أنه ليس ملائما دائما للسياق في العالم النامي.

والموارد ليست غير محدودة، الأمر الذي يعني جوهريا أن شيئا في النموذج الحالي للتنمية يحتاج إلى تغيير. وعليه فإن استراتيجية العالم المتقدم القائلة للعالم النامي إنه لا يمكنه الحصول على الموارد نفسها ومستوى المعيشة الذي يتمتع به الغرب لم تحقق نجاحا كبيرا.

وتمثل عملية تمديد الموارد المحدودة مع المحافظة على تحسين مستويات المعيشة في الوقت نفسه تحديا كبيرا. ويعد دعم الابتكار وروح المبادرة من الأهمية بمكان لبلوغ ذلك الهدف، وينبغي للمدن التأكد من إيجاد والحفاظ على مساحة لتنمية الأفكار الجديدة، إضافة إلى ذلك وبدلا من القول إن العالم النامي لا يمكنه القيام بذلك، يجب على مدن العالم المتقدم النظر في ضرب المثل وتقديم القدوة وتبادل أفضل الممارسات التي يمكن استخدامها في أماكن أخرى.

وينبغي للمدينة المستدامة أن تكون:

– مكانا تريد أن توجد فيه؛ مكانا تختاره.

– مكانا تستطيع أن تقطنه بجميع العملات (الكربون والمال).

– مكانا ترغب في البقاء فيه، حيث يحقق الناس رأس المال الاجتماعي والإحساس بالانتماء للمجتمع.

– مكانا مرنا وطيعا وقادرا على التكيف مع التغير.

العوامل الرئيسة التي تشكل المدينة المستدامة هي:

– كفاءة استخدام الموارد.

– الجدوى الاجتماعية والاقتصادية.

– التنوع في الجيرة والبيئة.

– القيادة والرؤية.

– التعاون والشراكة.

من بين نقاط الانطلاق الممكنة:

– وضع رؤية مشتركة تحدد التحديات الرئيسة.

– وضع مجموعة من المقاييس التي يمكن استخدامها للحكم على التقدم.

– تحديد دور استراتيجي للمدير التنفيذي للمعلومات.

– تجربة شراكات جديدة.

– إعادة التوازي بين الابتكار المالي والقيمة الحقيقية.

وبشكل عام يتفق الخبراء على أن المدينة المستدامة ينبغي أن تلبي احتياجات الحاضر دون التضحية بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة. ويؤدي الغموض الذي تنطوي عليه هذه الفكرة إلى قدر كبير من التباين في كيفية تنفيذ المدن لمحاولاتها للتحول إلى الاستدامة.

ومع ذلك ينبغي أن تكون المدينة المستدامة قادرة على إطعام نفسها مع الحد الأدنى من الاعتماد على المناطق الريفية المحيطة بها، وعلى توفير الطاقة لنفسها من مصادر الطاقة المتجددة. وجوهر هذا الأمر هو ترك أصغر بصمة بيئية ممكنة، وإنتاج أقل كمية ممكنة من التلوث، واستخدام الأراضي بكفاءة، وإنتاج السماد من المواد المستعملة، وإعادة تدوير النفايات أو تحويلها إلى طاقة. وبالتالي تصبح مساهمة المدينة الشاملة في تغيير المناخ ضئيلة للغاية، إذا ما التزمت بتطبيق هذه الممارسات.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 50 في المائة من سكان العالم يعيشون الآن في المدن والمناطق الحضرية. وتوفر هذه المجتمعات الكبيرة تحديات وفرصا على حد سواء للمطورين الذين يتمتعون بالوعي البيئي. وهناك مزايا واضحة لزيادة العمل نحو تحقيق أهداف المدن المستدامة.

المصدر : جريدة الاقتصادية - يوم الاثنين ٢٨ شعبان ١٤٣٥هـ الموافق ٢ يونيو ٢٠١٤م