د. محمود إبراهيم الدوعان - جريدة المدينة

عدد القراءات: 1176

التعاون بين قطاعات الدولة المختلفة والجهات العامة والخاصة في الحفاظ على البيئة الطبيعية، واحترام أنظمتها، وعدم استنزاف مواردها، أمر في غاية الأهمية

إن يوم البيئة العالمي هو رمز للحفاظ على البيئة من التلوث والتدهور بسبب تجاوزات الإنسان الخاطئة، وله دلالات كثيرة ولعل من أهمها: نشر الوعي البيئي بين أفراد المجتمع، والاهتمام بمكونات البيئة الطبيعية، والعناية بعناصرها المتجددة وغير المتجددة، كما جاء الاهتمام هذا العام ( 2014)، بالدول الصغيرة التي هي عبارة عن جزر بحرية عرضة لطغيان مياه المحيط نتيجة ظاهرة الدفيئة، وللتلوث الذي يجتاح العالم بأسره، والذي يؤثر بدوره على ذوبان الجليديات ومن ثم إلى ارتفاع منسوب سطح البحر ويعرض الجزر وساكنيها للغرق تحت مياه المحيط. ولذا جاء شعار هذا العام 2014 بعنوان ” ارفع صوتك.. لا مستوى سطح البحر “.
إن حكومة خادم الحرمين الشريفين في المملكة العربية السعودية أعطت البيئة اهتماماً كبيراً ممثلة في أجهزتها الحكومية مثل: الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، والهيئة السعودية للحياة الفطرية، وكثير من الجهات ذات العلاقة والاهتمام بالبيئة، ومكوناتها، والحفاظ على أنظمتها، كما أوجدت الحكومة القوانين، ووضعت الضوابط التي تحد من التلوث البيئي في أشكاله المختلفة ( هواء، ماء، وغذاء)، كما شددت الجهات المعنية في الاهتمام بقضايا التلوث بشكل رئيس، وتخفيض نسب التلوث بما يتواءم مع متطلبات منظمة الصحة العالمية، وهذا يشمل جميع الملوثات: صناعية، وزراعية، وتعدينية، وبلدية سائلة أو صلبة، مع الحرص الشديد بنوعية تأثيراتها ومخاطرها التي قد تدمر البيئة المحيطة، وقد تصل أضرارها إلى الإنسان نفسه وتصيبه بالعديد من الأمراض.
ورغم كل ما تبذله الدولة من جهود لصيانة البيئة وحمايتها، إلا إن البيئة الطبيعية في بلادنا تحتاج إلى اهتمام خاص، وإلى تضافر في الجهود بين جميع القطاعات ذات العلاقة في الدولة وخارجها، وعلى رأسها الفئات ذات العلاقة المباشرة بحماية البيئة، والتي يمكن أن ترتقي ببيئتنا المحيطة، وتحافظ على نظافتها، وعدم الإضرار بمكوناتها، كما أنها من الواجبات الأساسية للجهات المسؤولة عن حماية البيئة وعناصرها الحية وغير الحية، أن تفعّل القوانين التي تحد من نسب التلوث المرتفعة وتضع الضوابط لها، ( والتي ربما تكون مكتوبة على الورق فقط)، ولكنها لم تفعّل وتفتقر إلى التطبيق، وتنفيذ الغرامات والجزاءات الرادعة لكل من يتجاوز نسب التلوث المتفق عليها دولياً، والتي تركز على التلوث الهوائي، والمائي، والغذائي، وما يتبعها من ملوثات في البر والبحر والجو.
إن التعاون بين قطاعات الدولة المختلفة والجهات العامة والخاصة في الحفاظ على البيئة الطبيعية، واحترام أنظمتها، وعدم استنزاف مواردها، هو أمر في غاية الأهمية، فلقد أهملنا بيئتنا السعودية كثيراً حتى تدهورت بشكل لافت، وأصبحت تئن من شدة ما أصابها من عبث الإنسان وتجاوزاته الخاطئة، كما بدأت انعكاساتها السلبية تظهر في كل مكان، وبدأت الأمراض تتفشى من كثرة سوء استخدام البشر لأنظمتها المحيطة، أو بسبب سوء استخدام الأرض بشكل لا يتفق مع شريعتنا الإسلامية السمحة، التي تؤكد الإصلاح وعدم الإفساد في الأرض تصديقاً لقوله تعالى: ” ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين” {القصص 77}.
يجب أن يكون هناك وقفة صارمة تجاه التلوث البيئي، والحد منه، ووضع طرق العلاج له، كما نؤكد على الحفاظ على مواردنا الطبيعة، ووقف استنزافها، ووضع حد للتجاوزات الخاطئة أيا كان نوعها، والقضاء على مسبباتها، و إيقاف من يمارسونها، وتطبيق الجزاءات الرادعة من غرامة وسجن، أو ترحيل للوافدة، والعقوبة لكل من يسيء لبيئتنا المحيطة، أو يخل بتوازنها الطبيعي، أو يلحق الضرر بمكوناتها الحية وغير الحية، من أجل أن ننعم ببيئة نظيفة وتنمية مستدامة تخدمنا وأجيالنا إلى ما لا نهاية بإذن الله.

المصدر : جريدة المدينة - يوم الأحد ١٠ شعبان ١٤٣٥هـ الموافق ٨ يونيو ٢٠١٤م