د.صلاح بن فهد الشلهوب - جريدة الاقتصادية

عدد القراءات: 1188

 لا شك أن الاستهلاك للموارد في المملكة بلغ ذروته، وأصبح التساهل في هذا الأمر يمكن أن يشكل تهديدا ليس فقط للأجيال القادمة بل حتى للأجيال الحالية، فمن ينظر إلى حالة المبالغة في الاستهلاك لجميع أنواع الموارد في المملكة، يجد أن الجيل الحالي قد لا يتمكن من أن يتمتع بالرفاهية التي يعيشها اليوم لأكثر من عقد أو عقدين من الزمان على الأغلب، خصوصا مع الزيادة المطردة في عدد السكان. وهذا لا يعني بالضرورة أنه قطعا متحقق؛ إذ إن إرادة الله فوق كل شيء، ولكن من سنن الله في الكون أن الإسراف وكفر النعمة نذير زوالها.

برنامج “كفاءة” كما جاء في الموقع الإلكتروني للمركز الوطني لكفاءة الطاقة “تم إنشاء المركز بقرار مجلس الوزراء الموقر رقم 363 وتاريخ 24 ذي القعدة 1431هـ.. ويهدف المركز إلى ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، وتوحيد الجهود بين الجهات الحكومية وغير الحكومية في هذا المجال، وهو ما يسهم في الدعم والمحافظة على الثروة الوطنية من مصادر الطاقة بما يعـزز التنمية والاقتصاد الوطني، ويحقق أدنى مستويات الاستهلاك الممكنة بالنسبة للناتج الوطني العام والسكان.

وتشمل أعمال المركز الرئيسة:

– تطوير السياسات والأنظمة واللوائح المنظمة لاستهلاك الطاقة ودعم تطبيقها.

– دعم تكامل جهود الجهات المعنية برفع كفاءة استهلاك الطاقة والتنسيق فيما بينها.

– تعـزيز الوعي الاجتماعي والرسمي العام في مجال ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة.

– المشاركة في تنفيذ بعـض المشاريع الريادية التي تتطلب مشاركة المركز”.

لا شك أن مثل هذا البرنامج له أهمية كبيرة في حياتنا، ومستقبل أجيالنا -بإذن الله- بما يحقق التنمية المستدامة، والاستخدام الأمثل للموارد، ولكن برنامج “كفاءة” بحسب ما هو موجود الذي ركز على استخدامات الأفراد للطاقة مثل العزل الحراري والتكييف والإضاءة وبعض الاستخدامات المنزلية للأجهزة لا يكفي في تحقيق الاستخدام الأمثل للطاقة. فكما هو معلوم أن الترشيد في استهلاك الماء يوفر في الطاقة أيضا، إذ إن تحلية المياه المالحة للبحر تستهلك الكثير من الطاقة، إضافة إلى استهلاك المادة الأهم لحياة الإنسان التي لا يمكن أن يستغني عنها وهي الماء، ويظهر أن البرنامج لم يتضمن ذلك باعتبار أن وزارة المياه والكهرباء لها جهود في ذلك، يضاف إلى ذلك مسألة المبالغة في الاستهلاك عموما، وهذه- بلا شك- تؤدي إلى هدر للموارد والثروات الطبيعية، فضلا عن الطاقة التي تدخل في إنتاجها ونقلها وإعداد تلك الموارد.

من المهم التفكير في مسألة تعزيز استخدام الطاقة من المصادر المتجددة الذي يتضمن استخدام الطاقة الشمسية أو المتولدة من الرياح. كما أنه من المهم تعزيز برنامج وزارة العمل الذي بدأ يفتر وهو إصلاح سوق العمل، إذ إن الموارد الطبيعية التي يحصل عليها المواطن والمقيم بما يعتبر أسعارا متدنية جدا مقارنة بأسعارها في أغلب دول العالم يزيد من حجم استهلاكها، ولذلك فإن وجود بعض المقيمين بصورة غير نظامية مكلف أيضا في استنزاف الموارد الطبيعية ومنها الطاقة.

فيما يتعلق بجانب التوعية في الترشيد ما زال عمل البرنامج أقل مما هو مطلوب، فرغم أن البرنامج يركز بصورة مباشرة على الأفراد بحسب ما تضمنه الموقع من نتائج وأمثلة، إلا أن وصول هذا البرنامج للأفراد محدود، حيث ركز على بعض المعارض والمناسبات مع العلم أن الحضور لها من الأفراد رغم أنه جيد إلا أنه محدود، كما أن هذه المعارض تتركز في المدن الرئيسة وهي محدودة، علما بأن الوصول في المدن الكبيرة وبسبب زحام الطرق لا يشجع كثيرا من الأفراد على حضور هذه المناسبات، ولذلك من المهم العمل على برنامج لتسهيل الوصول للمواطن، ومن الممكن الاستفادة من كفاءة بعض الشركات في الوصول للمواطن لعمل إعلانات مشتركة بينها وبين برنامج “كفاءة”، إضافة إلى المشاركة المجتمعية في المناسبات الرياضية والترفيهية والسياحية، التي قد تصل بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى المواطن.

كما أنه من الممكن أن يتضمن البرنامج ما يحقق مصلحة مشتركة للفرد والبرنامج مثل برنامج لعزل المنازل القائمة التي ليس بها عزل للحرارة بتكلفة منخفضة يشترك في تكلفتها برنامج “كفاءة” مع المواطن، إضافة إلى برنامج لاستبدال المكيفات أو الإضاءة أو تعديلها بالمشاركة بين برنامج “كفاءة” والمواطن، بل يمكن حتى مع الشركات والمؤسسات والمحال التجارية والمولات، وذلك لتشجيعها على تخفيض التكلفة في الاستهلاك بما يحقق مصلحة مشتركة للمواطن والبرنامج.

الخلاصة أن تعزيز كفاءة استخدام الطاقة لا يقف عند برنامج لتخفيض فاتورة الكهرباء، بل من المهم النظرة له بصورة أكثر شمولية لتحقيق نتائج أفضل في ترشيد استخدام الطاقة.

المصدر : جريدة الاقتصادية - يوم السبت ٩ شعبان ١٤٣٥هـ الموافق ٧ يونيو ٢٠١٤م