د. سعود العماري - جريدة اليوم

عدد القراءات: 2116

كانت المحاماة ومازالت مهنة القيم الإنسانية الخالدة، فهي مرتبطة بالدفاع عن الحق في مواجهة الباطل، حيث يتجه دور المحامي في المجتمع نحو تطبيق مقاصد الشريعة الإسلامية وتحقيق العدل.
فالمحامي يدافع عن حقوق وحريات الأشخاص المدنية منها والجنائية، ومن جهة أخرى يدافع عن حقوق الأشخاص الاعتبارية كالشركات التجارية والجمعيات الخيرية والأهلية والمؤسسات الحكومية، لذلك تحتل مهنة المحاماة مكانة بارزة في دول العالم كافة، لأنها تسعى إلى تحقيق غاية سامية ونبيلة.
ونظراً للنمو المطرد الذي يشهده العالم وكثرة العلاقات وتشعبها على المستويين المحلي والدولي، الأمر الذي أدى إلى إصدار العديد من الأنظمة والقوانين وإبرام الاتفاقيات الدولية لحماية الحقوق، فقد تمت الاستعانة بالمحامين من أهل الخبرة والتخصص لسن هذه القوانين وتنظيم العلاقات بين الأطراف بشكل يحفظ لكل ذي حق حقه.
كما يبرز دور المحامي في المجتمع عند قيامه بتمثيل دولته والدفاع عنها وعن مسئوليها ضد أية دعاوى مغرضة يكون من شأنها الإساءة إلى سمعتها أو الانتقاص من سيادتها.
كما تُعنى مهنة المحاماة بصناعة القادة وإعداد الكفاءات وترسيخ المبادئ والقيم وإجادة إدارة الأزمات، وكثير من رؤساء الدول قد تخرجوا في كلية الحقوق وكانوا يزاولون مهنة المحاماة في بداية مسيرتهم، وخير مثال على ذلك: بعض رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية كالرئيس السابق ابراهام لنكون، وبيل كلينتون، وجورج واشنطن، والرئيس الحالي باراك أوباما، فضلاً عن ذلك الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي، وغيرهم الكثير مثل الدكتور غازي القصيبي يرحمه الله.
ليس هذا فحسب، بل إن أكثر الوزراء على مستوى العالم من خريجي كليات الحقوق، حتى أن كلية الحقوق في كثير من البلدان العربية تسمى الآن كلية الوزراء، لأن أكثر الوزراء من خريجيها.
جدير بالذكر أن نظام المحاماة رقم (م/38) وتاريخ 28/7/1422هــ قد أولى عنايته بدور المحامي في المجتمع في الدفاع عن الحقوق والحريات وإثباتها والعمل بها. حيث نصت المادة التاسعة عشرة منه على أنه : “على المحاكم وديوان المظالم واللجان المشار إليها في المادة (الأولى) من هذا النظام والدوائر الرسمية وسلطات التحقيق أن تقدم للمحامي التسهيلات التي يقتضيها بواجبه وأن تمكنه من الاطلاع على الأوراق وحضور التحقيق، ولا يجوز رفض طلباته دون مسوغ مشروع”.
كما نصت المادة (4/1) من نظام الإجراءات الجزائية رقم (م/2) وتاريخ 22/1/1435هــ على أنه: “يحق لكل متهم أن يستعين بوكيل أو محام للدفاع عنه في مرحلة التحقيق والمحاكمة”.
كما أكد ذلك مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في هافانا عام 1990م، حيث نص على أن: “لكل شخص الحق في طلب المساعدة من محام يختاره بنفسه لحماية حقوقه وإثباتها وللدفاع عنه في جميع مراحل الإجراءات الجنائية”.
وهذا يدل – بطريقة لا تدع مجالاً للشك – على دور المحامي في السعي إلى حماية حقوق موكليه، والدفاع عنها، وإعلاء راية العدل والحق.
وتفعيلاً لدور المحامين في المجتمع فإنه لزاماً عليهم المشاركة في الأنشطة الخيرية والاجتماعية والثقافية والمناقشات العامة المتعلقة بالأنظمة والقوانين، لدعم العدالة وحقوق الناس ورعايتها.
إضافة إلى تكوين الروابط المهنية وحضور الندوات والمناقشات وإبداء الآراء بما يخدم البلاد والعباد وفقاً للأنظمة والقوانين وأخلاق المهنة والمعايير المتبعة في هذا القطاع الحيوي.

المصدر : جريدة اليوم - يوم الاثنين ٢٥ شعبان ١٤٣٥هـ الموافق ٢٣ يونيو ٢٠١٤م