كلمة الاقتصادية - صحيفة الاقتصادية

عدد القراءات: 1689

 تبادر وزارة العدل من حين لآخر إلى إعلان إحصائية بالقضايا المنظورة أمام المحاكم العامة والقضايا المحكوم فيها، وهي مبادرة تعطي صورة واضحة عن شفافية المعلومات لدى وزارة العدل ورغبة القائمين فيها في إطلاع المجتمع على حجم الأعمال التي تنجزها المحاكم، ومنها تلك القضايا التي تتصل بالاعتداء على الأموال العامة، والتي بلغ عددها في العامين الماضيين 1250 قضية تصدرت مدينة الرياض قائمة المدن السعودية في نسبة هذه القضايا، علما بأن هذه الإحصائية تغطي فقط القضايا المعروضة على المحاكم، وهناك قضايا لم تنظر أمام المحاكم هي خارج هذه الإحصائية، ما يعني أن العدد أكبر من ذلك.

وقد سبق لوزارة العدل تنبيه القضاة إلكترونيا إلى معدل إنجاز القضايا المنظورة لدى كل قاض، حيث تم وضع ثلاث خانات تحدد مستويات الإنجاز، وهي بحسب ألوانها خضراء وصفراء وحمراء، تعطي درجة الأداء وتعبر عنه بوضوح مقارنة بعدد ساعات العمل وما أنجزه كل قاض في اليوم الواحد؛ لتحدد أي نطاق يقع فيه القاضي وإدراجه في إحدى الخانات الثلاث، وهو قياس يتم كل شهر، وهي فترة زمنية قصيرة جدا مقارنة بالقياس ربع السنوي ونصف السنوي ونحو ذلك مما هو معمول به في قياس جودة الأداء، حيث يجب أن يخضع كل موظف سواء في القطاع العام أو الخاص لقياس معدل الأداء، وعلى أساس هذا القياس يتم اتخاذ قرارات الترقية والمكافأة وغيرهما من القرارات التي يجب أن تكون المعايير فيها موضوعية.

إن المعيار الدولي الأكثر نموذجية لعدد القضاة بالنسبة لعدد السكان هو ما يعادل سبعة قضاة لكل 100 ألف نسمة، في حين أن عدد القضاة في السعودية يتجاوز ضعف عدد القضاة في كثير من الدول الأوروبية وغيرها بالنسبة لعدد السكان، حيث إن تزايد عدد القضاة في المملكة في السنوات الأربع الماضية بما يعادل الضعف، حيث وصل إلى خمسة آلاف قاض في حين يراوح عدد القضايا التي ينظرها القاضي في اليوم الواحد بين 14 و20 قضية، وتظهر الإحصائيات التي صدرت العام الماضي ارتفاعا لمعدل ما ينظره القاضي الشرعي في السعودية يوميا من القضايا.

هناك حلول ترجع إلى فهمنا لطبيعة دور القاضي، وضرورة تركيز مهام عمله على النظر في الدعوى، وقد سارت الوزارة في هذا الاتجاه فأنشأت مكاتب صلح قضائي أثبتت جدواها في تخفيف الأعباء عن القضاة، واستطاعت أن تحل خلال عام واحد نحو 17 ألف خلاف أسري من إجمالي الخلافات المتنوعة، أبرزها دعاوى الطلاق والحضانة والنفقة ودعاوى تتعلق بالعقار، وهناك برنامج عملي يعطي لكتاب العدل دورا في الإنهاءات التي تزدحم بها مكاتب القضاة واستصدار صكوك استحكام الأراضي، وإجراء الوقف والإثباتات عموما، وهي إجراءات توثيقية يمكن أن يقوم بها كاتب العدل، بل هي من صميم عمله.

وإن من المؤمل أن يتحقق وعد وزير العدل ببدء عمل المحاكم المتخصّصة في المدن الرئيسة، ومنها المحاكم التجارية والعمالية والأحوال الشخصية، إن توفير الكوادر البشرية من القضاة وكتاب العدل والموظفين للقيام بالأعمال القضائية في المحاكم وكتابات العدل لن يكون عسيرا في ظل وجود عدد من كليات الشريعة وأقسام الحقوق والشهادات المعادلة التي تتوافر لدى شبابنا السعودي، كما أن توافر الموازنة العامة الضخمة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء عموما، هي أكبر دعم للقضاء كي يواكب المتغيرات التي تفرض التحديث وإعادة الهيكلة وتطبيق أنظمة تقنية حديثة لنظم المعلومات، وجمع وتوثيق المعلومات والبيانات والإحصائيات والوثائق، والاستفادة منها في إجراء الدراسات والبحوث، ووضع الخطط والبرامج لتحسين العمل وتنظيمه.

المصدر : صحيفة الاقتصادية - يوم الثلاثاء ١٠ رمضان ١٤٣٥هـ الموافق ٧ يوليو ٢٠١٤م