كلمة الاقتصادية - جريدة الإقتصادية

عدد القراءات: 1386

لقد حث الإسلام على التعاون في كل ما من شأنه إقامة العدل والقضاء المنصف بين الناس بالحق وتسهيل وإنجاز الأعمال، وإذا ارتقى التعاون حتى يصل إلى مؤسسات الدولة كانت النتائج أفضل وخيرها أعم، وفي الآونة الأخيرة بدأت المملكة تشهد الكثير من النماذج الجيدة من التعاون بين المؤسسات، الأمر الذي انتهى إلى تحسين جودة المخرجات، وإنجاز الأعمال، ومواجهة التحديات بصورة أفضل، ومن ذلك التعاون بين وزارة العمل ووزرة الداخلية، واليوم نشهد تفاعلا مميزا بين وزارة العدل وديوان المظالم والهيئة السعودية للمهندسين، حيث إن الهيئة ووزارة العدل أنهتا قبل شهرين مذكرة تفاهم تمنح الشرعية القانونية لمركز التحكيم الهندسي في الهيئة، كما تطلق مشروع شهادات التحكيم الهندسي القضائي التي يتم إصدارها وتوثيقها من وزارة العدل. وتنص المذكرة على تشكيل لجنة ثلاثية من وزارة العدل وديوان المظالم والهيئة السعودية للمهندسين، وتقوم اللجنة بالمقابلة الشخصية للمتقدمين للحصول على شهادات التحكيم الهندسي القضائي، وإعداد اختبارات تحريرية لهم، والتأكد من شهاداتهم الهندسية.

وهذه نقلة مهمة في العمل القضائي في المملكة، فالتحكيم الهندسي ضرورة، خاصة مع توسع المملكة في نهضتها الحضارية، التي تشهد مشاركة واسعة جدا من القطاع الخاص سواء المحلي أو الأجنبي، وكطبيعة لازمة فإن النزاع وارد في الكثير من القضايا، ولقد كانت مسألة التحكيم الهندسي من الأمور الأكثر جدلا، خاصة عند كتابة العقود، والمرجعية القضائية في ذلك، حيث إن منظمة التجارة الدولية تشترط دائما أن يتم إدراج مركز التحكيم في العقود الإدارية والتجارية، وغالبا ما يتعرض المستثمر السعودي إلى ضغوط لاختيار مراكز خارجية، وهو أمر مقلق بلا شك، وذلك نظرا لأن المهنة في المملكة لم تتطور بما يكفي، ولم تحظ حتى الآن بدعم من مؤسسات الدولة القضائية، فالمطالبة بإنشاء مرجعية تحكيمية لها صفة شرعية وقضائية كانت مطلبا مهما، وخاصة بعد إنشاء الهيئة السعودية للمهندسين ومركز التحكيم فيها.

وإذا كان الطريق لم يزل طويلا لتطوير مهنة التحكيم الهندسي في المملكة، إلا أن مذكرة التفاهم بحد ذاتها تعد خطوة صحيحة على الطريق، فمن المهم تنظيم المهنة وتطوير شروط وضوابط المراكز التحكيمية، وأن تشارك وتسهم وزارة العدل وديوان الظالم في أنشطة مركز التحكيم الهندسي في الهيئة، بما يؤهله ليكون مرجعية للتحكيم الهندسي إقليميا ودوليا بإقامة محاضرات ومراجعة القوانين والأنظمة.

فالتعاون بين الجهات والمؤسسات القضائية والمهنيين أمر يدعم التطوير الإداري القضائي في المملكة، ويسهم في أن يعمل القطاع الخاص جنبا إلى جنب مع مؤسسات الدولة في بناء الثقة بالاقتصاد السعودي، مما يعزز من فرص المنافسة على جذب الاستثمارات الأجنبية، ويعزز من بناء سوق أكثر تنظيما، الأمر الذي يجد اهتماما واسعا من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين، فالمملكة بموقعها وقوتها الاقتصادية اليوم في مسار تعزيز ذلك البناء الإداري والقضائي المتكامل والمتناسب مع متطلبات العصر والمشاكل المستجدة بما يوفر بيئة آمنة للمستثمرين ومن فرص النمو الاقتصادي، وبالتالي توفر الوظائف واستدامة التنمية .. وحتما فإن مذكرة التفاهم هذه، ينبغي أن يتم تفعيلها ليصبح التعاون نهجا عمليا وإطارا يحكم إيقاع التنمية للتفوق في مخرجاتها جودة ونوعية.

المصدر : جريدة الإقتصادية - يوم الخميس 11 شوال 1435 هـ. الموافق 07 أغسطس 2014