د. صالح بكر الطيار - صحيفة المدينة

عدد القراءات: 1174

يتوقع الخبراء زوال بعض الدول النامية من الوجود , مع تدفق موجات الهجرة واللجوء بصورة غير مسبوقة , لتندلع الحروب بسبب النزاعات والخلاف على توزيع حصص المياه والأراضي الخصبة

إن الدراسة التي أعدتها هيئة علمية ألمانية وتقرير الأمم المتحدة الأخير يعنيان , أن خطراً بيئياً متوقعاً في طريقه للعالم , نتيجة التغيرات المناخية وتأثيراتها المخيفة , التي تستوجب أن تقرأ بوعي وروية استعداداً لمواجهتها وعمل ما يمكن عمله للتقليل من مخاطرها , فالأمر أكبر من أن يقف العالم مكتوف اليدين لا يحرك ساكناً حياله , ولا بد من تقصي الحقيقة ومعرفة حجم المهددات المتوقعة والمصاحبة لتلك التغيرات , تحسباً لمباغتة لا تحمد عقباها قبل فوات الأوان , فماذا نحن فاعلون لمواجهة هذا القادم المرعب؟ فالمنطق الحكيم والتحرك الواعي يحتم على الجميع الاستعداد اللازم , والتصدي لمحاصرة تلك التغيرات التي تنذر بكارثة إنسانية واضطرابات داخلية واسعة سيشهدها العالم , فقد تصل لدرجة انتشار النزاعات والحروب , كخطر يهدد الأمن والاستقرار العالمي , لذا فلا بد من تضافر الجهود لدرء هذا الخطر الداهم بجدية قبل أن يؤدي إلى عجز الدول المتضررة ومنظمات المساعدة والإغاثة الدولية عن التصدي لاجتثاثه من كافة أطرافه خاصة الجانب المتمثل في أن 1,1 مليار إنسان الذين يعانون من ندرة مياه الشرب الصحية , ستتضاعف معاناتهم , مما سيدخلهم نفقاً بالغ الصعوبة , نظراً لتزايد اضطرابات دورات ومعدلات سقوط الأمطار , وشح الموارد المائية بصورة كارثية , كنتائج مصاحبة للتغيرات المتوقعة .
وتشير المخاوف المحتملة إلى أن النقص الكبير في مياه الري والشرب , ستكون خسائره فادحة في مجال المحاصيل الزراعية عموماً , وتزيد وطأتها على الدول النامية إذ سيترتب على ذلك النقص انتشار المجاعات , وسيرتفع عدد المصابين بسوء التغذية من (850 مليوناً ) إلى الضعف خلال سنوات قليلة , علماً بأن الخطر ليس بعيداً عن مدن صناعية خاصة القريبة من السواحل , فهي الأخرى مهددة بالدمار في حالة زيادة معدلات سقوط الأمطار الغزيرة مع ارتفاع منسوب البحار , أما مدن ساحل الصين الشرقي المزدحمة فأغلب الظن أنها ستكون هدفاً لفيضانات وأعاصير مزعجة .
ويتوقع الخبراء زوال بعض الدول النامية من الوجود , مع تدفق موجات الهجرة واللجوء بصورة غير مسبوقة , لتندلع الحروب بسبب النزاعات والخلاف على توزيع حصص المياه والأراضي الخصبة , ومن الطبيعي أن يصاحب ذلك زيادة عدد الدول المهجورة الفقيرة , التي تفتقد أدنى مقومات العيش , ولن يقتصر الدمار على هذا الحد , فقد توقع الخبراء أن اضطراب مواسم الأمطار في منطقة حوض نهر الأمازون بسبب التغيرات المناخية ستدمر الغابات , وستلحق أضراراً اقتصادية واجتماعية وإنسانية قاسية , كما أنها ستسهم في إشعال المزيد من النزاعات والحروب , ونزوح ملايين الأفارقة من قارتهم غير المستقرة , وسيترتب على تلك النزاعات بين الدول الفقيرة المتضررة والدول الصناعية المتقدمة ,تأسيس نظام دولي لبيئة جغرافية وسياسية مختلفة عما هو سائد في عالم اليوم , وعبر هذا النظام المتوقع من المنتظر أن تدافع الدول الصناعية الكبرى بالإضافة إلى الصين والهند عن نفسها , باعتبارها متهمة بتدمير البيئة العالمية والإضرار بحياة ملايين البشر , على أي حال فكل المؤشرات تؤكد أن الإنسان هو أساس دمار البيئة , فهو الذي يحرق الفحم والخشب والنفط والغاز , وهو المتهم الأول بإطلاق المركبات الكيميائية السامة إلى الجو , مثل (ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والكبريت )وستبقى كل تلك السموم في الغلاف الأرضي لثقلها , فكلنا يعلم الأضرار البليغة لثاني أكسيد الكربون , ومن تلك الأضرار أنه يغلف الأرض , يمنع تشتت الأشعة تحت الحمراء, ويقوم بسمية الكائنات الحية , فيؤدي لظاهرة الاحتباس الحراري وثقب طبقة الأوزون , فيحدث ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة حول العالم , فينصهر الجليد جراء هذا الاحتباس
إنها مجرد توقعات نسأل الله تبارك وتعالى أن يسلم العالم منها , ومع ذلك فتدارسها واجب من باب الحيطة والحذر , فقد يكون خطرها أكبر وأعظم, حسب مخاوف الخبراء من حدوث كوارث تهدد البشرية , فالخبراء يرون ضرورة تأسيس منظمة دولية مستقلة لحماية البيئة .

المصدر : صحيفة المدينة - يوم الخميس ١٨ شوال ١٤٣٥هـ الموافق ١٤ اغسطس ٢٠١٤م