د. عائض الردادي - جريدة المدينة

عدد القراءات: 1410
يجب أن يعطى الطريق حقه من السلامة وألا يبقى مرهونًا بحادثة تقع ثم يبحث عن وسائل السلامة، فالطريق الآمن حق لكل سالك
فتح غرق طفل ووالده في منهل صرف صحي في جدة مخاطر الطرق التي يسلكها المارة، فليس الأمر مقتصرًا على زوجة ثكلى وأم انفطر قلبها على ابنها وهي تراهما يسقطان في بالوعة مفتوحة ثم يصبحان من الموتى، بل هو خوف في نفوس الكبار والصغار، وخطر يتهدد كل سائر في الطريق مجهول المخاطر.
في كثير من الشوارع حفر مفتوحة، من مقاول لم يقدر المخاطر، أو سارق لأغطية مناهل الصرف الصحي أو خزانات المياه، والجهات المسؤولة قد تتقاذف المسؤولية أو ليس لديها المتابعة المطلوبة، ففي حادثة جدة وقع الحادث في شارع مكتظ بالحركة، وسوق يموج بالمتسوقين وهو من أهم الشوارع وأكثرها حركة إلا من مراقبي السلامة في الجهات المسؤولة.
إذا كانت الأغطية تسرق وتباع فمن الذي يسرقها، ومن الذي يشتريها ومن الذي يبيعها؟ لو كان المشتري لا يشتري من بائع لها إلا بإثبات هوية لما راج سوقها، ولو كانت الجهات المسؤولة سألت البائع المتكدسة لديه من أين لك هذا لما تكدست عند البائعين، فمن سرقها مفقود الضمير فهو بسرقته يبيعها بسعر زهيد، لكنه يتسبب في إزهاق نفوس بريئة.
ثم إن تركيب الغطاء على الفتحات متواضع، فهو يطرح بسهولة ولذا يتمكن السارق من رفعه بسهولة ولو كان محكم التركيب عليه أقفال داخلية لا تفتح الا بمفتاح خاص لما سهل قلعها، إضافة إلى أنه في الدول المتقدمة يوجد أكثر من غطاء وتكون محكمة التركيب بحيث لا يمكن فتحها إلا من مختص.
وسائل السلامة في الطرق لا ترقى إلى درجة أمن الطريق، وإذا صارت حادثة يكون لها رد فعل مؤقت ثم تعود الأمور كما كانت، فعندما سقطت طفلة في بئر مهجور نشطت الجهات المسؤولة في طمس كل بئر دون مراعاة لمدى الحاجة لهذه البئر في بلاد أعز مفقود لديها الماء، مع أن هناك وسائل في تغطية الآبار بحيث تبقى البئر وتصان حياة الناس.
وفي بعض الشوارع تضيق الأرصفة بحيث لا تكفي لمشي المارة، وإن كانت عريضة وضع فيها حوض لشجرة بحيث تدفع المار إلى مسار السيارات.
إن للسائر في الطريق حقًا في السلامة ليسير فيه وهو آمن، وقد أمر الدين بإماطة الأذى عن الطريق فكيف بمن حمل مسؤولية تأمين سلامة الطريق؟ ولذا لا عذر لمن قصر سواء أكان بتكاسل منه أم بتعرض وسائل السلامة للكسر أو السرقة من غيره، فالمسؤولية على عاتقه.
إن للسائر على الرصيف حقًا في السلامة، وللطالب حقًا في سلامة مرافق المدرسة، وللأعمى حقًا في سلامة طريقه، وللطفل حقًا في سلامة الحدائق من كل المخاطر، ولكبير السن حقًا في طريق المسجد ومداخله، وللمعاق حقًا في توافر خدمات الطريق لسلامته، وللسائر بسيارته في طريق رئيس أو فرعي حقًا في ألا تهوي به سيارته في حفرة. يجب أن يعطى الطريق حقه من السلامة وألا يبقى مرهونًا بحادثة تقع ثم يبحث عن وسائل السلامة، فالطريق الآمن حق لكل سالك.

المصدر : جريدة المدينة - 1435/12/26 هـ الموافق 2014/10/20 م