التفتيش القضائي في جلسات المحاكم
كلمة الاقتصادية - جريدة الاقتصادية
أعطت وزارة العدل، الضوء الأخضر لحضور موظفي التفتيش القضائي جلسات المحاكم، وذلك للقيام بالدور الرقابي والإشرافي على أعمال القضاة في أثناء تأدية عملهم، وذلك في إطار تفعيل المتابعة للأداء، وخصوصاً إنجاز الأعمال القضائية بالجودة والدقة المطلوبتين، ومن ثم قياس أداء القضاة وجودة الأحكام. وأعلنت وزارة العدل في وقت سابق أنها ستنبّه القضاة إلكترونياً إلى معدل إنجاز القضايا المنظورة لدى كل قاضٍ، حيث تم وضع ثلاث خانات تحدد مستويات الإنجاز، وهي بحسب ألوانها خضراء وصفراء وحمراء، تعطي درجة الأداء وتعبّر عنه بوضوح مقارنة بعدد ساعات العمل وما أنجزه كل قاضٍ في اليوم الواحد؛ لتحدد أي نطاق يقع فيه القاضي، وإدراجه في إحدى الخانات الثلاث، وهو قياس يتم كل شهر، وهي فترة زمنية قصيرة جداً مقارنة بالقياس ربع السنوي ونصف السنوي ونحو ذلك مما هو معمول به في قياس جودة الأداء.
إن وزارة العدل أعرف بما يصلح أحوال القضاء، فزيادة عدد القضاة ليست هي الحل في جميع الأحوال، ولكن هناك حلول ترجع لفهمنا لدور القاضي وضرورة تركيز مهام عمله على النظر في الدعوى، وسارت الوزارة في هذا الاتجاه، فأنشأت مكاتب صلح قضائي، أثبتت جدواها في تخفيف الأعباء عن القضاة، واستطاعت أن تحل خلال عام واحد نحو 17 ألف خلاف أسري من إجمالي الخلافات المتنوعة، أبرزها دعاوى الطلاق والحضانة والنفقة، ودعاوى تتعلق بالعقار، وهناك برنامج عملي يعطي لكتاب العدل دوراً في الإنهاءات التي تزدحم بها مكاتب القضاة، واستصدار صكوك استحكام الأراضي، وإجراء الوقف والإثباتات عموما، وهي إجراءات توثيقية يمكن أن يقوم بها كاتب العدل، بل هي من صميم عمله.
لقد بدأت المحاكم المتخصصة في المدن الرئيسة، ومنها المحاكم الجزائية ومحاكم الأحوال الشخصية، وقريباً ستبدأ المحاكم التجارية، حيث ستتحقق قفزة كبيرة في أداء القضاء وجودة الأحكام، مع عمق التخصُّص الفقهي في الأحكام والخبرة العملية في إنهاء القضايا صلحاً، واختصار الطريق على المتخاصمين، وتوفير العدالة السريعة التي هي مطلب للجميع، بعد أن تجاوز المتوسط الزمني للفصل في القضايا كل المدد المتوقعة، وفي أسوأ الظروف الإدارية رغم تحديث القوانين والإجراءات والمرافعات.
إن توفير الكوادر البشرية من القضاة وكتاب العدل والموظفين للقيام بالأعمال القضائية في المحاكم وكتابات العدل لن يكون عسيرا في ظل وجود عدد من كليات الشريعة وأقسام الحقوق والشهادات المعادلة التي تتوافر لدى شبابنا السعودي، كما أن توافر الموازنة العامة الضخمة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – لتطوير مرفق القضاء عموما، هي أكبر دعم للقضاء كي يواكب المتغيرات التي تفرض التحديث وإعادة الهيكلة وتطبيق أنظمة تقنية حديثة لنظم المعلومات، وجمع وتوثيق المعلومات والبيانات والإحصائيات والوثائق، والاستفادة منها في إجراء الدراسات والبحوث، ووضع الخطط والبرامج لتحسين العمل وتنظيمه.
ولا يقل أهمية عمّا سبق العمل على نشر التوعية القضائية والقانونية بما يكفل توعية المواطنين وتصحيح المفاهيم لديهم في سلوك الطرق الصحيحة أمام الجهات القضائية، والعمل على ترسيخ أسس سليمة للعلاقة بين القضاء والمحاماة بما يكفل توحيد الجهود لتحقيق العدالة وتوفير الخدمة القانونية بما يوفر الوقت والجهد، فالمحامون من أعوان القضاة، ويقع عليهم التزام بالعمل المهني الذي يتفق مع الشرع والأنظمة واللوائح، وأن من المؤمل أن تتحقق الأهداف الأساسية للأنظمة القضائية في وقت قريب.
المصدر : جريدة الاقتصادية - 20 نوفمبر 2014