لنبحث عن حلول للتعامل مع العنف الأسري
كلمة الاقتصادية - جريدة الاقتصادية
تجربة التعامل مع العنف الأسري أدت إلى إنشاء شرطة خاصة للتعامل مع حالات العنف الأسري، وهو نوع من العنف الذي يكون ضحيته أحد أفراد الأسرة الواحدة، فالجاني والمجني عليه بينهما قرابة تجعل من هذه العنف خفيا وغير ظاهر للمجتمع، حيث تبدو البلاغات والشكاوى أهم طرق الكشف عن هذه الجريمة، وتتمثل الخطوة المقبلة فيما انتهت إليه الدراسة المقترحة بين وزارتي الشؤون الاجتماعية والداخلية عن الشرطة الأسرية للتعامل مع القضايا الأسرية التي ترد لمراكز الشرط، بما يتكيف ويتناسب مع خصوصية المجتمع السعودي ونظام الإجراءات الجزائية وغيره من الأنظمة ذات العلاقة بمعالجة الجرائم.
هناك بالفعل أنظمة جديدة لحماية الطفل وضمان حقوق الإنسان، وهناك جهد لعدة أجهزة حكومية منها وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعية التي رصدت 20 مليون ريـال لإعداد برامج توعوية ضد العنف قبل حدوثه، ومع أن الأنظمة الجديدة لحماية الطفل والأسرة ومنع الإيذاء تحتاج إلى وقت لكي يستوعبها المجتمع ويتقبلها أفراده، وكذلك العاملون في مجال الحماية إلا أن هناك وعيا متزايدا لفهم خطورة الجريمة الأسرية وما يترتب عليها من نتائج وعقوبات شرعية ونظامية؛ فالمختصون يرون أن المنظومة القانونية لحقوق الإنسان قد اكتملت في السعودية بعد صدور أنظمة الحماية من الإيذاء وحماية الطفل وإنشاء وحدات الحماية في المناطق والانضمام لاتفاقية حقوق الطفل ومناهضة التمييز ضد المرأة.
لقد استقبلت الإدارة العامة للحماية الاجتماعية خلال عام 1435هـ نحو 200 بلاغ، وتم إيواء 20 حالة على مستوى السعودية، وفي العام الماضي بلغت عدد قضايا العنف الأسري والإيذاء في المملكة منذ بداية عام 1434هـ في جميع محاكم السعودية 108 قضايا؛ تشمل عنفا أسريا وضربا واغتصابا وحبسا وإهانات ومنعا للحقوق والإهمال، وتزامن ذلك التصريح للمتحدث الرسمي لوزارة العدل مع ندوة تضمنت مناقشة نظام الحماية من الإيذاء، حيث وجّهت انتقادات من قانونيين وأكاديميين، إضافة إلى انتقادات من أعضاء مجلس الشورى، وكانت أبرز تلك الانتقادات من النساء الحاضرات، حيث خلا النظام من وجهة نظرهن من تجريم تزويج القاصرات وعدم احتساب هذا الفعل من أنواع الإيذاء بحقهن.
إن مشكلة العنف الأسري ما زالت دون حد الظاهرة الاجتماعية، لكنها تزايدت في السنوات الخمس الماضية، فوفقا لإحصائيات الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، فإن نسبة قضايا العنف الأسري بواقع 22 في المائة من إجمالي 5600 حالة تلقتها الجمعية، وما لم يتم إعطاء دور للمدرسة والمرأة في مواجهة جرائم العنف ضد الأطفال، فإن هذه الجريمة المستجدة على المجتمع ستتحول إلى ظاهرة لا يمكن الوقاية منها سوى بقانون صارم وصلاحيات واسعة للجهات التربوية، ولكل مَن يبلغه علم بوجود عنف ضد الطفل. وبادر مجلس الوزراء الموقر إلى تكليف الجهات المعنية بوضع استراتيجية وطنية شاملة للتعامل مع مشكلة العنف الأسري على جميع المستويات مع تدعيم مناهج التعليم الدراسية بمفاهيم واضحة لمواجهة العنف الأسري.
وإن من الواجب أن يتحرك كل فرد بدءا من ذاته ليواجه سلوك العنف المرفوض شرعا وخلقا، خصوصا داخل الأسرة، فاليوم هناك خطوات وضعها مجلس الوزراء ولم يعد هناك ما يبرر تناول هذا الموضوع الحساس بالاستحياء والسلبية سواء على المستوى الرسمي أو المستوى الأهلي؛ لأن حالات العنف الأسري ضد المرأة وضد الطفل لم تكن لدى أذهاننا القدرة على تصورها، فإن المكان الأخير الذي يمكن أن توجد فيه الجريمة هو البيت، ففي إطار الأسرة الواحدة المكونة من الأبوين والأبناء توجد العاطفة والحب والتضحية وكلها تقاوم؛ بل تنفي فكرة الإقدام على العنف، ولكن اليوم يحدث ما لم يكن متصورا، وأصبح لزاما على المجتمع أن يبحث عن حلول للتعامل مع حالات العنف الأسري.
المصدر : جريدة الاقتصادية - السبت الموافق 29 نوفمبر 2014