د. سلطان عبد العزيز العنقري - جريدة المدينة

عدد القراءات: 1368
ظاهرة العنف ضد النساء والأطفال ظاهرة عالمية تعاني منها جميع المجتمعات بدون استثناء، ولكن تبرز هذه الظاهرة بشكل كبير في المجتمعات النامية ودول العالم الثالث، في ظل ضعف القوانين أو غيابها بالكامل، التي تردع وتوقف كل إنسان مُعنِّف عند حدّه؟!
الإساءة للنساء اتخذت -في عصرنا الحاضر- أشكالاً متعددة تجاوزت الأنماط المتعارف عليها عالميًّا وهي: الإيذاء اللفظي (النفسي)، والإيذاء البدني، والإيذاء الجنسي إلى أشكال أخرى أكثر خطورة ووحشية، تمثلت بهضم حقوقهن، والاستيلاء على أموالهنّ ومدخراتهنّ ومعاشاتهنّ، بل يضغط بعض الأزواج على زوجته لأخذ قرض من البنك ليتصرّف فيه كيفما يشاء، ويجعل زوجته مدينة للبنك تسدد أقساط القرض التي لم تستفد منه، ويكافئها زوجها في النهاية بالطلاق، والزواج من غيرها، ليفعل الشيء نفسه بالزوجة الثانية؟! فالمبتز يظل مبتزًا، في ظل -كما أسلفنا- ضعف أو غياب القوانين التي توقف هؤلاء الأزواج المبتزين عند حدهم!
حقوق النساء يجب أن تُحفظ في ظل دين إسلامي حفظ للمرأة حقوقها.. ففي الغرب، وتحديدًا في فرنسا، التي يُطبَّق فيها (قانون الأحوال الشخصية) وهي قوانين إسلامية على المذهب المالكي؟! تُطبَّق تلك القوانين الإسلامية وتردع كل من تسوّل له نفسه إيذاء زوجته أو أطفاله، ولقد صدق الإمام محمد عبده -رحمه الله- حين قال (وجدت في أوروبا إسلامًا بدون مسلمين، وفي بلاد الإسلام وجدت مسلمين بلا إسلام).
إلى يومنا هذا، لم يحدث تأصيل وتقنين لبعض أحكام الشريعة الإسلامية لإخراجها على شكل قوانين مكتوبة يستفيد منها الناس. فغياب القوانين المكتوبة هي السبب الرئيس في معاملة النساء كسقط متاع في المنازل من قِبل أزواجهن أو أولياء أمورهن.
المرأة تظل الأم التي أنجبتنا، وتعبت علينا، وتظل الأخت والبنت، والخالة والعمة والجدة، يجب أن يكون لهن احترام وتقدير. بدون النساء نحن معشر الرجال ليس لنا قيمة على الإطلاق، فوراء كل رجل عظيم امرأة كما يُقال. معظم المشكلات النفسية التي تعاني منها المرأة هي بسبب تسلط بعض الرجال سواء كان زوجًا أو ولي أمر.
في أمريكا لاعبو كرة قدم ومشاهير طُردوا من وظائفهم بسبب تعنيفهم للمرأة وللطفل، ومازالوا إلى الآن يُحاكمون. القوانين يجب أن تكون رادعة، والعقوبات يجب أن تكون مغلظة.
أمّا الإساءة للأطفال فيأخذ أشكالاً يتخطى الأشكال المتعارف عليها وهي الإيذاء اللفظي (النفسي) والإيذاء البدني والإيذاء الجنسي والإهمال والحرمان العاطفي إلى أشكال أخرى أكثر خطورة؛ كخطفهم من قبل آبائهم واستخدامهم كورقة ضغط يلعب بها المعنف ضد زوجته لابتزازها وتحطيمها نفسيًّا. فالأطفال أبرياء لا ذنب لهم، يقعون دائماً ضحايا لهذا العنف بين الزوجين، ويتم الانتقام منهم نكاية بأمهم، التي تعترض على الظلم الواقع عليها من قبل زوجها. تحطمت بيوت وانهارت بسبب تسلط بعض الرجال على النساء والأطفال.
الزواج رباط مقدس، وهو شراكة بين اثنين، وليس رباط مزيف يمتلك فيها الرجل المرأة ويفعل بها ما يشاء. هناك رجال أفاضل يعاملون النساء بكل أدب واحترام، وليس فحسب يحافظون على حقوقهن، بل ويدافعون عنهن، والبعض الآخر ذئاب مفترسة يتزوجون النساء طمعًَا في أموالهن.
إن سوء معاملة النساء والأطفال يجب أن ينتهي، ولا يمكن تحقيق ذلك بدون وجود قوانين رادعة تحمي النساء والأطفال من تسلط الأزواج، فالذي يحفظ حقوق الجميع؛ تلك القوانين التي لا تُفرِّق بين قوي وضعيف وغني وفقير، فالجميع تحت القانون.
تقنين أحكام الشريعة وتأصيلها ووضعها على شكل قوانين مكتوبة هي مطلب ملحٌّ بل ضرورة لحماية أفراد المجتمع خاصة النساء والأطفال، وهذا ما نرجوه وننتظره من الجهات المعنية لكي تسن لنا قوانين تحمينا وتحمي مجتمعنا من عبث العابثين الذين لا يخافون الله في نسائهم وأطفالهم.

المصدر : جريدة المدينة - الثلاثاء 02/12/2014