كلمة الاقتصادية - جريدة الاقتصادية

عدد القراءات: 1363

حوادث سيارات نقل المعلمات تعود إلى الواجهة بقوة لتتدخل الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وتصف تزايد هذه الحوادث القاتلة للمعلمات في الطرق، بأنها قضية ضائعة بين الوزارات والجهات الحكومية، وأن تقاذف القضية تهرُّب من تحمُّل المسؤولية في توفير نقل آمن للمعلمات. ودعت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان إلى التدخل السريع، والابتعاد عن التقليدية في حل هذه المشكلة، لأنه لا بد من حل جذري لتنقل المعلمات وقطعهن المسافات الطويلة؛ فقد تسبّبت تلك الحوادث في فقد الأرواح، وهذا يتعارض مع مبدأ المحافظة على الأسرة وهو أحد المبادئ الأساسية في نظام الأساسي للحكم.
إن من الملاحظات التي سُجلت على وزارة التربية والتعليم في تقارير لحقوق الإنسان عدم تأمين وسائل نقل آمنة للمعلمات، خاصة أنه يتم تعيينهن في أماكن بعيدة عن سكنهن وذويهن، كما أن هذه الحوادث تسبّبت في إهدار حياة إنسان يعمل في أجلّ الأعمال وهو التعليم، وقد أنفقت المملكة الملايين على تعليمهن وتربيتهن وعلّقت الأسر آمالاً عظيمة على هؤلاء النخبة من بناتها، وقد رضين بالعمل خارج حدود المدينة في أحيان كثيرة، ومارسن العمل في هجر بعيدة وقرى معزولة بلا وسائل نقل ولا مساكن مخصّصة لهن في هذه المناطق النائية، فلا منح من أي نوع ولا حتى بدلات خاصة لكل تلك المخاطر التي يتحملنها.
لقد صدرت توصيات عدة لحل هذه الظاهرة، ولكن لم يتم تنفيذ شيء منها، وهي مسؤولية ملقاة على عاتق وزارة التربية والتعليم، ولا عذر بعد أن اتضحت الأسباب وتركزت في وسائل النقل الخاصة التي يقودها أشخاص يعملون لحسابهم دون رقابة عليهم في توافر وسائل السلامة لسياراتهم، والذي نخشاه فعلاً أن يبقى هذا الملف دون معالجة عملية وسريعة بسبب النظرة غير الواعية لوظيفة المعلمة التي تعمل خارج المدينة التي تسكن فيها، وهي نظرة لا تحتاج إلى بيان، فالمعلمة عليها الوصول يومياً إلى مكان عملها وتحمُّل الأخطار لأنها قبلت العمل في المكان الذي تم تعيينها فيه، ومع ذلك فإنه يجب وقف هذا المسلسل المؤلم بإجراء عملي يضع حداً لأطول مسافة بين منزل المعلمة والمدرسة التي تعمل فيها، بحيث لا تتجاوز هذه المسافة 50 كيلو متراً حتى يمكن السيطرة على حركة نقل المعلمات وتجنيبهن أخطار الطرق الطويلة.
لقد تم تحليل البيانات المتوافرة عن حوادث المعلمات والطالبات في دراسة أكاديمية لاقتراح الحلول الملائمة، وكانت نتائج الدراسة تؤكد ارتفاع نسبة حوادث نقل المعلمات، حيث يصل المعدل إلى 6.2 حادث لكل 100 معلمة متنقلة، وهذه النسبة أكبر من النسبة الوطنية لعموم الحوادث، البالغة أربعة حوادث لكل 100 فرد خلال الفترة التي أجريت فيها الدراسة نفسها، بينما كانت نسبة حوادث الطالبات للفترة نفسها 3.5 حادث لكل 100 طالبة متنقلة.
إن ما نخشاه أن يبقى هذا الملف معلقا بين جهات عدة دون حل يخفف حجم المعاناة، رغم ما سبق إعلانه من إجراءات وقائية من وزارة التربية والتعليم، لكن عدد هذه الحوادث يتزايد مع كل عام دراسي؛ ما يعني أن تلك الإجراءات لم تكن عملية، ولعل أفضل الحلول وضع خطة استراتيجية توقف تماما تنقل المعلمات والطالبات لمسافات طويلة يمكن تحديدها بما لا يزيد على 50 كيلومترا، حتى يمكن السيطرة على حركة تنقل المعلمات والطالبات وتجنيبهن خطر الموت على الطرقات الطويلة.

المصدر : جريدة الاقتصادية - الاثنين 15-9-2014