الانتخابات البلدية خطوة للعمق
د. هيا عبد العزيز المنيع - جريدة الرياض
لانتخابات البلدية لهذه الدورة تأتي مختلفة عن الدورات السابقة حيث تمثل مشاركة المرأة فيها بعدا مختلفا في حجم مشاركة المرأة السعودية في صناعة القرار وخاصة على مستوى المجتمع المحلي..
قد لا تفوز امرأة في هذه الدورة ولكن المؤكد انها جزء من ممارسة العملية الديمقراطية، والمرأة فيها عنصر حيوي ومحوري..
تدرُّج انطلاق المرأة السعودية في مجالات التنمية جاء عبر مجموعة من المراحل مثّل فيها القرار السياسي عنصرا مهما وقوة محورية في تحريك خطوات المرأة لعمق أكثر في المشروع التنموي الوطني..
البدء كان انطلاقتها بمشروع التعليم وقد حقق اهدافه رغم المقاومة المجتمعية حينها ولكن القرار السياسي كان حضوره قويا وفاعلا ليستمر الحراك النسائي خطوات للأمام كان فيها العمل تحديا آخر فشكل القرار السياسي قوة دفع جديدة لتعميق مشاركة المرأة في المشروع التنموي بخطوة اخرى.
توالت الخطوات لتأتي مشاركتها في مجلس الشورى مرحلة متقدمة ونوعية.. وقد شكل حضورها حراكا فاعلا في المجلس بشهادة الجميع.
واليوم تأتي مشاركتها في المجالس البلدية خطوة نوعية في مشاركاتها التنموية فهي تأكيد ان صناع القرار مقتنعون بأهمية مشاركة المرأة في العمل التنموي هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فهي اختبار عملي للمرأة والاستفادة من خبراتها في دفع التنمية المحلية للأمام بشراكة رجالية – نسائية متساوية والنجاح متاح للجميع بنفس الظروف ودون تمييز.
قد تكون كفة الرجل ارجح بحكم خبراته السابقة الا انني انظر للموضوع من زاوية مختلفة وهي أول وقوف للمرأة لقياس رضا المجتمع عنها بعد ان وضعها القرار السياسي في تجربة الانتخابات والترشح للمجالس البلدية بنفس الشروط والضوابط التي يخضع لها الرجل..
الرأي الموضوعي والمنطقي يجعلنا لا نخشى إخفاق المرأة في التجربة الأولى وعدم نجاح احد من المرشحات وهذا لا يعيب المشتركات لو تحقق وان نجحت احداهن فهو انجاز لكل نساء الوطن ورجاله في الوقت نفسه..، نعم قد تحتاج المرأة لأكثر من دورة لكي تستطيع النجاح واختراق منظومة الفكر المجتمعي الذي مازال يقاوم في بعضه مشاركة المرأة التنموية خارج المنزل..
مشاركة المرأة في انتخابات المجالس البلدية تمثل تأكيدا على سياسة الملك سلمان في استمرار تمكين المرأة ودفعها للأمام وفق منظور شرعي لا يقف امام المعوقات الاجتماعية ولكنه لا يتخلى عن ثوابت الدين بل هي موازنة وتوازن ليكون حضور المرأة في مجتمعها فاعلا ومنتجا.. من منطلق أن المجتمعات السوية تتنفس من رئتيها وليس من رئة واحدة.
مشاركة المرأة في المجالس البلدية اضافة اخرى اشتركت فيها النساء في المدن الصغيرة والقرى بعد ان كان الحراك النسائي في المدن الكبيرة اكثر من غيره بل ان المرأة في بعض القرى كانت شبه مغيبة عن التغيرات المجتمعية التي عاشتها نساء الوطن ومنها انطلقن لحضور تنموي فاعل اكد قدرتهن وجدارتهن مع العلم ان المرأة السعودية على مر العصور تمثل قوة إنتاجية مهمة في المنظومة الاقتصادية الأسرية.
مشاركة المرأة في المجالس الانتخابية خطوة بعمق مختلف فهي تمثل حلقة اولى في تماس المرأة مع المجتمع، وهي ايضا خطوة لم تميز الرجل بشيء عن المرأة.
المصدر : جريدة الرياض - 1-9-2015