ذوو الاحتياجات الخاصة.. مكانك سر
د. طلال بن سليمان الحربي - صحيفة الرياض
بدايةً علينا الإقرار بأن مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة، وتمكينهم في المملكة من ممارسة حقوقهم الوطنية والانسانية، واندماجهم في مجتمعاتهم المدنية اندماجا شاملا على المستوى الحكومي تلقى مزيداً من العناية والالتزام..
فرأس الهرم في السلطة والدولة لديه حيز كبير من الاهتمام والرعاية والمتابعة والدعم، حيث خادم الحرمين الشريفين هو الداعم الاول لذوي الاحتياجات الخاصة، وهو صاحب الفكر النيّر في جعل هذه الفئة من المجتمع السعودي فئة معطاءة تعامل كما يجب ان تعامل دون نظرة شفقة او منّة من أحد، وهو حفظه الله يعلم ان الوطن يبنيه ابناؤه كلهم دون تمييز او استثناء، وان فئة ذوي الاحتياجات الخاصة قادرة على المساهمة في مسيرة الوطن ورفعته وازدهاره، وان هذه الفئة حين يمكّن لها بشكل سليم فإنها تسير على قدم وساق مع بقية فئات المجتمع دون ان تكون عبئا عليه، او تعرقل مسيرته.
في الاجتماع الذي عقد مع صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن مساعد الرئيس العام لرعاية الشباب وبحضور الزملاء رئيس اللجنة البارالمبية الشيخ احمد المقيرن وامينها العام والتي تبذل جهودا مميزة في خدمة هذه الفئة، ورؤساء الاندية الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، والذين يعتبرون المغذي الاساسي لكوادر الشباب السعودي المشارك في البطولات البارالمبية الاقليمية او القارية او العالمية استمع سمو الامير وحاور وبادل الافكار، لكن حقيقة الامر اننا نحتاج الى مزيد من نشر التوعية وايصال رسالة الاندية الخاصة ومفهوم الاندماج والمشاركة والبيئة السليمة للجميع.
حين مارسنا العمل في تنمية الاندية الرياضية الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة حقيقة لم يكن هدفنا الرئيسي الوحيد فقط البحث عن المواهب والمبدعين، بل كان الهدف الرئيسي ايضا هو ايجاد فرصة للالتقاء بالجميع وتوفير باب من ابواب الترفيه والاندماج بين ذوي الاحتياجات الخاصة وبقية فئات المجتمع، ورغم ان منتخباتنا البارالمبية مبدعة وتحقق الانجاز تلو الانجاز الا ان الفكرة الاساسية ما زالت لدينا كرؤساء اندية هي العمل على تحقيق مبدأ المشاركة الاندماجية وايجاد قنوات تواصلية لتوعية المجتمع ككل حول اهمية دور ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الاعاقات في بناء الوطن، وأن الخطوة الاولى الاساسية هي خدمتهم لأنفسهم دون الحاجة لأية مساعدة من أحد في بيئة يسهل لهم الوصول فيها الى ما يطمحون ويحتاجون.
سمو الرئيس العام متفهم ومدرك حقيقة ما نصبو اليه وما يتلاءم مع رؤى القيادة الرشيدة لكن السؤال الاهم يبقى دائما متى نبدأ بوضع الاسس وتنفيذها؟
نعم نسعى الى توعية شاملة لكن المشكلة مما خبرناه وتعلمنا منه ان التوعية الشاملة كمرحلة حين تتجاوز الفترة المعقولة تصبح هي بحد ذاتها إعاقة للمجتمع ككل في تقدمه وفي كافة الاصعدة والميادين.
حصر الاندية الرياضية البارالمبية في فكرة البحث عن المواهب هو بحد ذاته مادة اضافية لعزلة ذوي الاحتياجات الخاصة، وكأننا نقول لهم انتم أصحاب اعاقة وايضا غير مبدعين ولا موهوبين، فلا مكان لكم معنا، هذا طبعا مرفوض وغير مقبول، لا عقلا ولا منطقا.
رسالتي اليوم هي ان الافكار والرغبات الجميلة كثيرة والقدرات لامحدودة، وولاة الامر يحثون فأين الخلل؟
لماذا نشعر اننا نراوح مكاننا ولا نتقدم؟
حقيقة اعلم جيدا ومن خبرتي في هذا المجال أن الحلول لا أقول سهلة ولكنها موجودة وبداية الالف ميل التي ما زلنا على اعتابها تبدأ بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وإدراج ملف ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن هيكلية برنامج التحول الوطني حتى تتم عملية القياس والتقويم للإنجازات وفق منظومة وطنية عامة أساسية رئيسية، أمر ضروري وليس تعاطفياً فقط.
المصدر : صحيفة الرياض - 04-02-2016