جوناثان وولترز - جريدة الإقتصادية

عدد القراءات: 1101

انتهت باريس لتوها من استضافة مؤتمر الأمم المتحدة الحادي والعشرين حول تغير المناخ: اتفاقية باريس 2015. حقق المؤتمر توافقا في الآراء بين 196 بلدا بشأن أكثر القضايا الدولية تعقيدا وصعوبة في زمننا- ألا وهي تغير المناخ. وقد نجح المؤتمر في التوفيق بين وجهات النظر والمصالح المتباينة بشدة بين البلدان النامية والمتقدمة، وهو الانقسام الذي ظل على مدى 20 عاما بين الشمال والجنوب يشكل السبب الرئيسي للفشل في التوصل إلى اتفاق حول تغير المناخ. وقد تضاءلت صعوبة المفاوضات التجارية العالمية بالمقارنة بهذه المفاوضات. ويحق لفرنسا أن تفخر بقدراتها الدبلوماسية والسياسية. فلنرفع لها القبعة!

يتناول اتفاق باريس كيفية اضطلاع البلدان النامية بمسؤولياتها إزاء التخفيف من آثار تغير المناخ حتى إن لم تكن هي السبب الرئيس فيه، وكيف يمكن للبلدان المتقدمة أن تدعم البلدان النامية ماليا لمساعدتها على القيام بذلك، وكيف يمكن للأسواق أن تساند بشكل فاعل جهود التخفيف من آثار تغير المناخ. والآن، يمكن لباريس أن تسلم الراية من شمال المتوسط إلى جنوبه كي يستضيف مؤتمر المناخ الثاني والعشرين: تسلمها للمغرب وتدعمه كي يكلل المؤتمر الثاني والعشرين بالقدر نفسه من النجاح الذي توج سلفه. باختصار، الانتقال من “مؤتمر القرارات” إلى “مؤتمر التطبيق” داخل فضاء المتوسط. وبالفعل، يشكل المتوسط نموذجا مصغرا للتحديات التي يتصدى لها المؤتمر. فليس هناك مكان في العالم تتلاصق فيه حدود هذا العدد من البلدان النامية مع عديد من البلدان المتقدمة مثلما هو الحال في هذه المنطقة. فهناك نحو 10 في المائة من بلدان العالم تطل على هذا البحر الضيق، وتتقاسم المنظومة الإيكولوجية نفسها، وتربطها بنية تحتية، وتتبادل السلع والخدمات، وتشهد حالات مد وجزر لتدفق المهاجرين والمسافرين واللاجئين.

إذن، كيف يمكن لفرنسا والمغرب، في حيزهما المشترك على البحر المتوسط، أن تظهرا للعالم ما يمكن فعله من خلال الشراكة من أجل المضي قدما بتوصيات مؤتمر المناخ خلال العام الأول المهم من اتفاقية باريس؟ ما المغزى القوي الذي يمكن أن تحققاه في الذكرى الأولى في مراكش كي تثبتا قوة الشراكة بين البلدان النامية والمتقدمة؟

أحد هذه الرموز سيكون عكس اتجاه التدفق في شبكة الربط الكهربائي الوحيدة بين أوروبا وشمال إفريقيا – عبر مضيق جبل طارق حيث ينفتح البحر المتوسط على باقي العالم. في الوقت الحالي، ينقل هذا الربط الكهرباء “الرمادية” من إسبانيا في الشمال إلى المغرب في الجنوب. ماذا لو أن فرنسا اشترت بعض الكهرباء “الخضراء” من أكبر محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في العالم، الموجودة في ورزازات بالمغرب، ثم يمكن بعد ذلك أن تتدفق الكهرباء من الجنوب إلى الشمال؟ ما الذي يمكن أن يقوله ذلك للعالم عن الشراكة بشأن المناخ والدعم المالي؟ وما الذي يفعله هذا النموذج للاستثمار والوظائف والنمو مع انتشار الطاقة الشمسية عبر شمال إفريقيا استجابة لمثل هذه الفرصة الكبرى المدفوعة باحتياجات السوق؟ كيف يمكن أن ينظر هذا إلى مؤتمر الأمم المتحدة الثاني والعشرين حول تغير المناخ؟ ما الذي يمكن أن تفعله الشراكات المناخية والتحركات الريادية الأخرى إزاء المناخ لتشجيع المناطق الأخرى من العالم؟

المصدر : جريدة الإقتصادية - 5-2-2016