د. ناهد باشطح - جريدة الجزيرة

عدد القراءات: 913

فاصلة:
(( المعرفة تؤدي الى الوحدة، كما يؤدي الجهل إلى الاختلاف))
– حكمة هندية –
لا أحد يستطيع تحديد اتجاهه تجاه هروب الفتاة السعودية من أهلها خلال سفرها معهم إلى تركيا، إذ إن القضية من وجهة نظري كمتخصصة في الإعلام هي نموذج للتضليل الإعلامي الذي مارسته الصحف والذي يعيق بدوره تشكيل الرأي العام الذي يتشكل عبر أربع مراحل حددها «كامل خورشيد» في كتابه «مدخل الى الرأي العام» كالآتي:
1-مرحلة البزوغ إذ تظهر القضية لأول مرة
2-مرحلة تعريف الصراع وتشخيصة
3-مرحلة التعريف العام بالصراع للناس
4-وصول القضية إلى دائرة صنع القرار
ومن خلال متابعة الأخبار المنشورة في بعض صحفنا للقضية أستطيع القول إن غياب أخلاقيات المهنة يتضح تأثيره في وجود التضليل الإعلامي الذي وضح بأشكال متعدد مارسته الصحف فالصحافي ليس الوحيد الذي يبني الخبر !!
الاخبار المنشورة مارست أكثر من نوع من أنواع التضليل الإعلامي بعضها مارس الانتقائية المتحيزة بالتركيز على نقاط وإهمال أخرى في القضية، وبعض الأخبار مارس التضليل بإهمال خلفية الأحداث بحيث لا يستطيع القارئ فهم القضية وتفسيرها.
وهناك أخبار مارست التضليل بنشر معلومات غامضة أو مصادر غير صحيحة لم تساهم في الفهم لأبعاد القضية كما أن بعض الأخبار حاول قلب الصورة حيث يصبح المجرم هو الضحية أو تصبح الضحية هي المجرم.
كما أن هناك أخبار تكررت فإن كانت خاطئة فهي تمارس التضليل حيث ترسخ المعلومات غير الصحيحة في وعي الجمهور.
بينما اختارت بعض الصحف ممارسة التضليل بالتغييب والتجاهل للقضية مما يجعلها خارج وعي الجمهور.
هذا ما مارسته الصحف التقليدية مقابل نشر وسائل الإعلام الجديد للصور في القضية ذاتها والتي تعتبر أكثر تأثيرا على المتلقي من النصوص.
وفي النهاية فإن التضليل الذي حدث يمكن أن يحدث تشويها في الوعي الجماهيري قد لا يدركه الصحفي المبتدئ لكن من المفترض ان تعي مؤسساتنا الصحافية ان غياب ميثاق الشرف ليس أمرا هامشيا في تقدم مهنة الصحافة، خاصة أن الإعلام الجديد أصبح منافسا شرسا أمام المتلقي في عصر تدفق المعلومات.

المصدر : جريدة الجزيرة - الثلاثاء 19 يوليو 2016