حماية الوطن
علي الجحلي - جريدة الأقتصادية
حديثي بالأمس كان عن موضوع في غاية الأهمية، وهو التسلل العجيب داخل المجتمع الذي بدأتُهُ بمشكلة التسول، ثم دلفت إلى موضوع أكثر خطورة وهو تسلل الشباب عبر مواقع التواصل والوسائل الإلكترونية.
عندما تحدثت عن مخاطر التسول قبل عامين كنا نتحدث عن السرقات والمخالفات الشرعية والأخلاقية. ثم نشأت إشكالية انتشار المخدرات على أيدي من يدعون الحاجة ويقفون على نواصي الشوارع وعند إشارات المرور.
هنا نتذكر أمرا مهما وهو الحالة العامة التي تنشأ عن وجود ثغرات في المجتمع يمكن أن ينفذ منها أصحاب الأجندات الخاصة الذين يرون في الشباب وسيلة للوصول إلى مآربهم. نعم إن استمرار المخالفات التي ذكرتها هنا، أسهم إلى حد كبير في تعزيز أطماع الأعداء ليدخلوا إلى المجتمع بمزيد من المؤثرات السيئة التي تتجاوز إفساد الأفراد، إلى زعزعة الأمن والدفع بمزيد من المهددات لتصدر الوضع، فتصبح محاولة التصدي لها الشغل الشاغل لأجهزة الدولة.
الحديث في هذا يطول، لكنني لن أخوض في كم المصاعب التي يمكن أن تواجه أجهزة الدولة من هذه المحاولات الاحترافية الخطيرة، وإنما سأركز على الدور المهم الذي يجب أن يلعبه المواطن في الحفاظ على أمنه وأمن مجتمعه كرجل أمن أول يمكن أن يرصد المخاطر ويتعامل معها.
لعل أهم ما يمكن أن نتوقف عنده في مثل هذه الأمور هو الاهتمام بمراقبة الأبناء والتعامل معهم كمسؤولية أساسية لا يمكن التنازل عنها. هذا يستدعي أن يكون الأب والأم منشغلان بحماية الأسرة من خلال الوجود المستمر والقرب من أبنائهم وبناتهم باعتبارهم المسؤولية الأولى. إن التفاعل المستمر داخل الأسرة وتشارك الاهتمامات يكسب الوالدين القدرة على التعرف على كل ما يمكن أن يتعرض له الأبناء من المغريات الموجودة في كل مكان.
ثم إن التعامل المستمر مع المدرسة وتفعيل دورها المجتمعي الذي يتجاوز ساعات الدراسة مهم كذلك في تكوين شبكة من الحماية المجتمعية الفاعلة التي يمكن أن نحمي بها الأبناء والبنات من الفراغ الذي يؤدي لسيطرة عناصر غير إيجابية على سلوكهم. يعتمد على هذا الفراغ كل من يريد أن يسيء إلى المجتمع أو الأمن العام في البلاد.
أرى أنه من المهم في هذه المرحلة أن يتعزز التعاون المجتمعي ودور مؤسسات المجتمع المدني في تكوين منظومة متكاملة تمنع ظهور مؤشرات الخطر وتسهم في التعامل مع التبعات بسهولة ويسر.. وللحديث بقية.
المصدر : جريدة الأقتصادية - 29 يوليو 2016