أحياناً… (اعتذار للعمالة)
عبدالعزيز السويد - جريدة الحياة
أود أن أتقدم باعتذار للأصدقاء الهنود وغيرهم من جنسيات أخرى من العمال، الذين انقطعت عنهم رواتبهم لأشهر حتى وصل الأمر إلى حاجتهم للغذاء كما قالت أخبار نشرتها وسائل إعلام هندية وغربية، وتغريدات لمسؤولة هندية، وعايشنا خلال الأشهر الماضية كثيراً من حالات إيقاف شركات كبرى مثل «بن لادن» و«سعودي أوجيه»، وطاول هذا مواطنين سعوديين من موظفين وجنسيات أخرى، ونتجت من ذلك أحداث شغب استهدفت مباني وسيارات للشركات المعنية.
ومنذ أشهر تصلني مناشدات من مواطنين تم إيقاف رواتبهم ويعملون مجاناً، وكتبت عن هذا في حينه غير مرة، من دون نتيجة حازمة.
والاعتذار عن نفسي لا ألزم به أحداً، ولكنْ لدي يقين أن الكثير من المواطنين السعوديين مثلي لا يرضون بمثل هذا، إنني أجزم أن الغالبية الساحقة هم كذلك، لأننا ببساطة تربينا وتعلمنا على حفظ حق الأجير منذ الصغر، فهذا التصرف لا يمثلنا حتى ولو كان لشركات كبرى «سعودية»، لم تضع إداراتها المتخمة في اعتبارها حدوث انخفاض أو تأخر في صرف مستحقاتها، لتخصص مبالغ وتستعد بمرونة إدارية، إذ لا يتأثر موظفوها على مختلف مستوياتهم، أما أن يصل الأمر إلى الغذاء فهذا ظلم فادح.
والأمر مؤسف ومزعج، وهو يستدعي العمل على فحص الأنظمة الرسمية التي سمحت بمثل هذا الخلل الكبير، كيف لم يتم التحوط لمثل هذا، والمسألة أضرت بسمعة الوطن وانتهكت الحقوق الإنسانية، كما أن هذا «للأسف» سينعكس مستقبلاً على التعاون واستقرار العمالة المهمة لحركة التنمية في البلاد، إن المسألة في تقديري تتعدى وزارة العمل لما هو أكثر شمولية وإن كانت في فوهة المدفع، لأن مثل هذه الحالات كانت تحدث في السابق على نطاق أضيق وفي ظل ظروف مالية أفضل من الظروف الحالية، لكن كانت آلية الحل بطيئة ولا تراعي الظرف الإنساني أو الحد الأدنى الذي لا يجب السماح باختراقه، واللافت أن هذه الشركات من الشركات المدللة لعقود، إذ تحصل على المشاريع بتمييز خاص، لكن هذا لم يكفل لها القدرة على الصمود، إنه مثال على أن الدلال كما يضر الفرد يضر بالشركات أيضاً!! وإذا كان أصحابها في بحبوحة من العيش، فإن هذا لن يقلل من وصمة الظلم لضعفاء يشاركهم في ذلك أجهزة لم تقم بالواجب، وفيما يتحدث البعض أو يتمنى برامج لتحسين الصورة، نحن أحوج ما نكون لإيقاف الظلم وتشويه الصورة.
رحم الله الأمير سطام بن عبدالعزيز رحمة واسعة، إذ أسدى للوطن خدمة كبيرة حين منع هذه الشركات من الدخول في مشروع النقل العام في الرياض.
المصدر : جريدة الحياة - 3 أغسطس 2016م