مليارات التعليم الصورة غير واضحة
عزة السبيعي - جريدة الأقتصادية
ثمة أخبار جيدة عن التعليم، ومنها التعاون والشراكة مع المنظمة الأوروبية للاقتصاد والتنمية، والتي ستقيس بمعايير عالية مستوى طلابنا في القراءة والرياضيات والعلوم، وتقدم تقريرا حول النتيجة.
استقلالية هذه المنظمة وعالميتها ونزاهتها أيضا ستخبرنا أين نقف وأين نتجه وما نحتاجه لنتقدم دون مجاملات أو محاباة، كما أن نظامها لا يسمح بالتحايل، والذي يحدث في المسابقات الدولية عادة.
كما أن هناك خبر رصد مليار ريال لتطوير المناهج، والذي تلقى ردودا عديدة تكشف بوضوح وعيا مجتمعيا كبيرا فيما يخص التعليم والهدر فيه.
معظم الردود من المختصين بتطوير التعليم والآباء كانت تتساءل عن جدوى مليار جديد في وقت سبقته مئات المليارات وبلا نتيجة تذكر.
في الحقيقة، الحديث عن مليارات التعليم حديث ذو شجون، يبدأ من صعوبة كتابة الرقم الذي قدمته الدولة خلال 10 سنوات لتطوير التعليم وانتهاء بمليار المناهج.
الحزن مبعثه أننا لا نعلم أين ذهبت هذه الأموال، غير معلومات متناثرة. فمثلا موقع شركة تطوير للخدمات التعليمية، والتي أنشئت لإدارة المليارات التي قدمها الملك عبدالله -أنار الله قبره- يقدم حديثا كثيرا عن برامج ومشاريع وأهداف وآمال وطموحات، لكننا رأينا تحركا واحدا فقط على أرض الواقع، تمثل في ترتيبات تدريب 600 معلم في فنلندا، ولا أظن أحدا يعلم إن كان هناك شيء آخر. هل صدر بيان أو تقرير؟ هل حصل كل فصل في مدارسنا على ما يجعلنا نطلق عليه بيئة تعليمية ولو سبورة ذكية واحدة وقيمتها بالمناسبة 1200 ريال لا غير!
عندما تدخل إلى موقع الشركة وتتجه إلى أيقونة مشاريع تحت التنفيذ تجد تحته عناوين تدريب المعلمين، تطوير المدارس،.. إلخ. قم بفتحه وستجد كلاما إنشائيا دون أرقام أو أسماء مدارس تم أو سيتم تطويرها، والكثير الكثير من الصور بالألوان المبهجة، لكنها ربما كانت مثل ألوان قوس قزح.
إن الشركة لها حتى الآن 4 أعوام، فهل أسماء المدارس أو الأرقام سر تريد مفاجأتنا به مثلا؟
يظهر من الشركة أن لديهم برنامجا لبناء معايير المدارس، وإذا فتحت هيئة تقويم التعليم ستجد جهدا آخر لبناء معايير التقويم، مما يدعونا إلى التساؤل: هل نسمي هذا تشتيتا للجهود، وبابا آخر للهدر، خاصة أن من يقوم ببناء المعايير شركات استشارية وتعقبها ورش وتسكين للضيوف وملايين مهدرة؟
هناك أيضا مؤسسة موهبة، وهي تدفع مبالغ هائلة لمدارس الشراكة “جزء كبير من هذه المدارس مدارس خاصة”، فهل هذه الأموال من هذه المليارات أم من غيرها؟ وإذا كانت من هذه الأموال، لماذا تدرب الموهوبين في مدارس خاصة، هل لأن المدارس الخاصة بيئة تعليمية حقيقية والمدارس الحكومية ليست كذلك؟ إذن، لماذا لا تقوم “موهبة” مشكورة بتحسين بيئة المدارس الحكومية وإيقاف هذا الهدر الذي يدفع سنويا للمدارس الخاصة.
الصورة غير واضحة لنا جميعا، ولا أحد يعرف من هي الجهة المسؤولة التي تستطيع إخبارنا أين ذهبت هذه الأموال، وقبل أن نحلم ونمني أنفسنا بما ستفعله هذه الأموال، نريد أن نعرف أين ذهبت الأموال السابقة أولا؟.
المصدر : جريدة الأقتصادية - 8 أغسطس 2016م