حمود أبو طالب - جريدة عكاظ

عدد القراءات: 734

إذا كنا تحدثنا أمس عن ضعف مخرجات التعليم الصحي الأهلي في كثير من معاهده وكلياته مما اضطر وزارة التعليم إلى إيقاف إعطاء تصاريح جديدة ومراجعة وتقييم ما هو قائم الآن لوضع معايير وضوابط أفضل، وكذلك تحذير بعض تلك المرافق بتصحيح أوضاعها بشكل عاجل وإلا ستكون معرضة لإيقاف الدراسة بها، إذا كنا تحدثنا عن التعليم الصحي الأهلي فمن الموضوعية والعدل أن نتحدث عن مشكلة أخرى أهم في التعليم الصحي الحكومي، وتحديدا في بعض كليات الطب الناشئة والقديمة أيضا، وبكل أسف.
في وقت سابق كان عدد كليات الطب محدودا لكن كان التعليم الطبي متميزا ونتائجه أثبتت ذلك بتخريج دفعات متميزة من الأطباء استطاعت إثبات جدارتها المهنية والالتحاق ببرامج التخصص المحلية والخارجية بجدارة ودون عوائق، وأثمرت عن وجود أطباء تميزوا في الداخل والخارج في مختلف التخصصات وبرز الكثير منهم على المستوى العالمي. كان من أهم أسباب ذلك وجود أساتذة في الكليات وهبوا نفسهم لهدف نبيل وتفانوا في تعليم طلابهم بإخلاص وجدارة. كان الأستاذ يحضر قبل طلابه في المحاضرات وجولات المرور على المرضى وحلقات النقاش وكافة أشكال التعليم، وكان متواجدا في كليته وقسمه وعياداته الجامعية باستمرار لتعليم طلابه وخدمة مرضاه، كانت هناك قيم وأخلاقيات مهنية صارمة يحترمها ويلتزم بها الجميع.
هذا الواقع تغير للأسف الشديد بعد السماح لأساتذة كليات الطب بالعمل في المرافق الطبية الخاصة، وبالطبع لا نعمم ولكن يمكن القول دون تجاوز أن كثيرا منهم سقط تحت إغراء زيادة الدخل فأهمل طلابه حتى أصبحنا نسمع عن أساتذة لا يراهم طلابهم لمدة طويلة، وإذا حضروا أعطوا طلابهم علما مبتسرا وعلى عجل من أجل اللحاق بمرضاهم في العيادات الخاصة. هذا الإهمال أثر كثيرا على مستوى الخريجين المظلومين بهذا الواقع المختل. وأما فيما يخص بعض كليات الطب الناشئة فإنه من الظلم للطب أن يطلق عليها هذا المسمى لافتقادها إلى كثير من المتطلبات الجوهرية الضرورية للتعليم الطبي الصحيح.
إن هذا الواقع المؤسف يتطلب بالضرورة تصحيحه جذريا بما يضمن الحد الأدنى من الجودة على الأقل، وهذه مهمة جهات عديدة لا بد أن تضطلع بها عاجلا حتى لا يستمر المستوى في الانحدار إلى ما هو أسوأ.

المصدر : جريدة عكاظ - 18 أغسطس 2016م