معيارية المساكن..مدخل للتوطين في قطاع الإنشاء
سليمان عبدالله الرويشد - جريدة الرياض
استناداً إلى المبدأ الاقتصادي المعروف القائم على أن تكلفة الإنتاج لأي سلعة تتناقص مع الزيادة في عدد الوحدات التي تنتج منها، تقوم معيارية المساكن على جعلها -أي تلك المساكن- تتألف من وحدات قياسية متكررة يمكن إنتاجها بالجملة ومن ثم القيام بتجميع وتركيب تلك الوحدات القياسية في موقع انشاء تلك المساكن، مما يحقق فارقا في التكلفة بينها وبين المساكن التقليدية التي تبنى في الموقع، إضافة إلى التقليل من المدة الزمنية التي يحتاجها تنفيذ كل منهما، وتلك الوحدات القياسية إما تكون عناصر إنشائية مثل الأعمدة والأسقف ودرج السلالم، او معمارية مثل الأبواب والشبابيك وعناصر الواجهات الخارجية، أو صحية مثل الحمامات والمطابخ، أو خلافها من العناصر الأساسية الأخرى، أو ربما شملت كافة تلك العناصر بمجموعها، وفي هذه الحالة يطلق علي تلك المساكن “المساكن المعيارية” التي هي أحد صور المساكن مسبقة الصنع.
إن المساكن المعيارية التي تمثل في الواقع التوحيد القياسي الكامل للوحدة السكنية تحقق بلا شك الأهداف المتعلقة بخفض التكلفة وسرعة الإنشاء، لكن ما يعيبها هي أنها تنتج لنا وحدات سكنية نمطية متشابهة في كافة عناصرها، كما أنها ليست بالضرورة تلبي كافة رغبات المستفيدين من تلك الوحدات وبالذات في الجانب المتعلق بالتباين والاختلاف في احتياجاتهم الوظيفية، أو حتى الرغبة الطبيعية لأولئك المستفيدين في التميز والاختلاف عن الآخرين في شكل الوحدة السكنية من الخارج، وهو ما نرى أمثلة مشابهة لهذه النمطية في الوحدات السكنية بمشروعات الإسكان العام، ومشاريع شركات التطوير العقاري بينما التوحيد القياسي الذي أعني هنا هو لعناصر الوحدة السكنية ومكوناتها، التي وإن تلاقت تلك الوحدات السكنية في معايير ومواصفات تلك العناصر والمكونات، إلا أنها لا تزال تملك مساحة من التنوع والخيارات التي تلبي كافة الرغبات للمستفيدين وفقاً لتنوع واختلاف أساليب حياتهم المعيشية واحتياجاتهم الوظيفية وسمات التميز التي يرغبون إضفاءها على بعض مكونات السكن مثل مساحة وحجم الفراغات الداخلية والشكل الخارجي وخلافها.
إن تبني منهج القيام بإنتاج وحدات قياسية للمساكن واستخدامها في عملية الإنشاء والبناء بقطاع الاسكان لا تتوقف الإيجابيــات فيه على التكلفة والوقـت فقـط بل ضمـان الالــتزام بمواصفات التنفيذ وبالتالي الجودة وزيادة العمر الافتراضي التشغيلي للمنتج، وتيسير القيام بأعمال الصيانة اللازمة لتلك الوحدات واستبدالها إن لزم ذلك نتيجة توفرها الدائم في السوق، إضافة إلى مساهمة الأخذ بهذا المنهج في التقليل من نسبة الهدر في استخدام مواد البناء مقارنة بالوضع الحالي القائم، ليس هذا وحسب، بل إن يجاد بيئة عمل مناسبة لتصنيع وإنتاج تلك الوحدات القياسية ستكون المدخل الأمثل لإمكانية توطين الوظائف في قطاع الإنشاء عبر استقطاب الأيدي العاملة السعودية للعمل والاستثمار في هذا المجال الذي طالما تكرر القول باستحالة الاستغناء فيه عن الأيدي العاملة الوافدة.
المصدر : جريدة الرياض - 22 أغسطس 2016م