عبدالله صادق دحلان - جريدة عكاظ

عدد القراءات: 821

في أحدث تقرير للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أوضح أن أجمالي عدد المشتركين في التأمينات الاجتماعية بلغ حوالى 10.5 مليون مشترك في بداية العام بلغت نسبة السعوديين المؤمن عليهم 17% من إجمالي المشتركين مقابل 83% مشتركين غير سعوديين ومن المدهش والمؤسف أن قرابة 50% من السعوديين المؤمن عليهم في المؤسسة العامة للتأمينات حسب تقرير المؤسسة لا تتجاوز رواتبهم (3) آلاف ريال سعودي وعددهم حوالى (838.7) ألف موظف في الربع الأول من عام (2016)، أما العمالة غير السعودية المسجلة في التأمينات الذين تقل رواتبهم عن (3000) فبلغ حوالى (7.4) مليون موظف أي بنسبة 87% من إجمالي غير السعوديين على رأس العمل. والحقيقة استوقفتني هذه الإحصائيات التي توضح أن 50% من السعوديين العاملين في القطاع الخاص لا يتجاوز راتبهم الشهري (3000) ريال وهو من وجهة نظري كارثة اقتصادية على نصف العاملين السعوديين في القطاع الخاص الذين يصل عددهم إلى (838.5) ألف موظف وراء كل موظف أسرة مكونة كحد أدنى من أربعة أشخاص بإجمالي عدد أفراد الأسر (3.354.000) إنسان تعيش أسرة كل واحد فيهم بدخل (3000) ريال سعودي وهو أمر يحتاج إلى دراسة عاجلة لكيفية معالجة وضعهم الاقتصادي ليستطيعوا الحصول أو الوصول إلى خط الكفاية في مستوى المعيشة الذي قامت بدراسته مؤسسة الملك خالد الخيرية من خلال دراسة علمية هي الأولى من نوعها في تاريخ المملكة، وسميت الدراسة بـ(خط الكفاية في المملكة العربية السعودية) أعد وأشرف على الدراسة الباحث السعودي الأستاذ الدكتور عبدالعزيز الدامغ الذي عرّف خط الكفاية في السعودية بأنه (الحد الذي يمكن عنده للأفراد أو للأسر أن يعيشوا حياة كريمة، ولا يحتاجوا إلى أي مساعدات إضافية، ولا يمكنهم دونه العيش حياة تغنيهم عن استجداء المحسنين أو التردد على الجمعيات الخيرية التي تقدم مساعدات التسول). وشملت الدراسة البحثية عشرة آلاف أسرة سعودية في جميع أنحاء المملكة وهو رقم إحصائي جداً ضخم بلغة الإحصاء البحثي وحددت مكونات خط الكفاية العشرة وهي السكن والأكل والملبس والرعاية الصحية والحاجات المدرسية وحاجات الأطفال والرضّع والكماليات (واحتياجات أساسية أخرى) والمواصلات والخدمات الأساسية والترفيه. ومن أجمل مصطلحات البحث الحديثة استخدام الدكتور الدامغ مصطلح (خط الكفاية) وهو مصطلح حديث راقٍ مريح للنفس بدلاً عن (خط الفقر) وعلل ذلك بعدم ملاءمة استخدام خط الفقر في السعودية لأن حد الفقر الشديد أو المدقع قد لا يتناسب مع دولة غنية صاحبة اقتصاد قوي. وأجزم بعد أن قرأت الدراسة متأخراً جداً بعد سنتين من إصدارها أن لهذه الدراسة أهمية كبرى وتأثيراً أكبر على مستوى الحياة في المجتمع السعودي إذا أُعطيت أهمية لتوصياتها من قبل واضعي الخطط في المملكة. إذ أوضحت الدراسة أن متوسط المصروفات الشهرية المتعلقة بالسكن بلغت (1390) ريالاً والغذاء (1510) ريالات والملابس (1307) ريالات والرعاية الصحية (201.40) ريال والاحتياجات المدرسية (248.7) ريال واحتياجات الرضع (882) ريالاً والكماليات (496) ريالاً والمواصلات (633) ريالاً والخدمات الأساسية (1353) ريالاً والترفيه (905) ريالات ليصبح إجمالي الاحتياج لخط الكفاية في المملكة (8926.10) ريال شهرياً.
ومن أهم ما يميز الدراسة أنها صادرة من مؤسسة خيرية تنموية لا تستهدف الربح وتقصد المصلحة العامة وعززت مؤسسة الملك خالد الخيرية الثقة في نتائج الدراسة بعد تصديقها من بيت خبرة عالمي. ومن أهم ما يميز الدراسة شموليتها لمناطق المملكة الثلاث عشرة وتغطيتها لعيّنة عشرة آلاف أسرة سعودية. كما توضح الدراسة أهمية إعادة النظر في نظم الضمان الاجتماعي الحالي نظراً لوجود جوانب عجز كبيرة في تغطية احتياجات الأسر وتؤكد عدم كفاية مخصصات الضمان الاجتماعي، ويعود الجزء الكبير من هذه المشكلة إلى انخفاض مستوى دخل الفرد الذي أوضحه تقرير مؤسسة التأمينات الاجتماعية بأن 50% من موظفي القطاع الخاص رواتبهم ثلاثة آلاف ريال يعولون أكثر من ثلاثة ملايين شخص. وهذا ما يدفعني اليوم إلى الاقتراح بإعادة قراءة الدراسة التي أعدّتها مؤسسة الملك خالد والاستفادة من توصياتها لأنها في غاية الأهمية، ولن يعالج الفقر إلا بخلق الفرص التي تسهم في زيادة دخل الفرد إلى الحد الذي يغطي احتياجاته الأساسية وليس إلى خط الفقر.

المصدر : جريدة عكاظ - 28 أغسطس 2016م