عبير الفوزان - جريدة عكاظ

عدد القراءات: 734

قرار وزارة الصحة الجديد في عدم تحملها لتكاليف علاج مصابي الحوادث، حيث وجهته إلى المتسبب في الحادث أو شركة التأمين، جعلني أعود بذاكرتي للوراء، وإلى آخر مرة راجعت فيها مستشفى حكوميا، ولا بأس مع هذه العودة بقليل من النقد.
كنت أعاني من ألم في الظهر كاد يكون مزمنا، وبناء على النصائح قصدت مستشفى حكوميا فهو الأب الحنون والأم الرؤوم والأدوية بلا حساب، والأشعة مجانية، وكل شيء متاح. بعد انتظار مرير لمدة 6 ساعات أسفر عن طبيب يحمل مسطرة خشبية 25 سم، ويحسس ظهري بالمسطرة ليتتبع مكان الألم.. بعدها صرف لي دواء جل سعره 3 ريالات -ما زلت احتفظ به للذكرى- وست حبات مسكنة من أردى أنواع المسكنات التي لا تزيل حتى الصداع. مررت بأطباء مارسوا ادعاءات النزاهة عند الكشف على مريضاتهم.. فأحدهم كان يصرخ بعصبية لأن الممرضة غير موجودة (المحرم)، والآخر يمسك بالمسطرة حائلا وحاجبا.. رغم أن الكشف يتم من فوق الملابس، لقد كانوا مهووسين بمن حولهم أكثر من تركيزهم على معاناة مرضاهم، أو شكواهم.
كل هذا إلى أن قيض الله لي طبيبا في أحد المستشفيات الخاصة، توسمت فيه خيرا، فلا يحتاج أن يتبهرج أمام المريضات وذويهن ويرتدي مسوح التقى. كان جادا في كشفه السريري الذي بدا لي من خلال أسئلته طبيبا حقيقيا، حتى من التحاليل التي طلبها، لم تأخذ المسألة برمتها ساعات قليلة إلى أن تم تحويلي للطبيب المختص، لتنتهي مأساتي مع ألم الظهر من غير رجعة.
هذه التجربة المريرة بشقها الأول جعلتني أطلب من سيارة الإسعاف -عندما تعرضت لحادث- حملي إلى المستشفى الخاص، على مسؤوليتي، والابتعاد قدر الاستطاعة عن طوارئ المستشفيات الحكومية التي تعج بأصناف المراجعين بينهم من يحشرج موتا، والآخر يحشرج ثرثرة.
القرار الجديد استنهض بين طياته حديثا ذا شجون يبدأ من الأطباء المهووسين بادعاءات النزاهة والاستشراف، الذي يعد من مخلفات الصحوة البئيسة، مرورا بالأطباء المحملين فوق طاقاتهم، وبينهم صنوف من المرضى.. منهم من يدعي ومنهم من يموت بالفعل.

المصدر : جريدة عكاظ - 30 اغسطس 2016م