راشد محمد الفوزان - جريدة الرياض

عدد القراءات: 746

حب العمل لا يمكن أن تشتريه, ولا يمكن أن يعطى على كبر سن, ولا يمكن أن يأتي بدون غرسه من الصغر, والحاجة أم الاختراع، فالأجيال السابقة كانت تبحث عن لقمة العيش، وأجبرت على العمل لكسب قوت اليوم أو وجبة واحدة، وتلك الأجيال انتهت بلا رجعة، وكانت نموذجا فذا للعمل، للحاجة وعدم وجود “ثقافة العيب” أو “أنا سعودي لا أعمل هذا العمل” كما يغرسه البعض كيف تقبل هذا العمل بكذا وكذا، وكأنه يفترض أن يكون رقما ضمن البطالة العاطلة، ويقبل حافز وراتب 2000 ريال، ولا يعمل، ولا يعني أن يقبل أي عمل بقدر أن يبدأ بأي عمل وأنها مرحلة أولى تتبعها مراحل. ثقافة العمل أو الشغف بالعمل هي تحدٍ كبير، لأننا نلاحظ “الجو” المحيط أن “الشغف” بالعمل غير موجود للأعمال الحرة مثلاً، وحتى الموظف سواء قطاع خاص أو عام، ثقافة العمل تغرس من “البيت والأسرة والمدرسة والمجتمع والمنبر وكل ما يحيط بالإنسان”، ثقافة العمل والقبول به تبدأ من البيت بتكليف الطفل بترتيب منزله وتكليفه ببعض الأعمال طبقا لسنه، وأن يكون لديه “قدوة” والدته والده والمقربون، وليس العكس. وأن يكون دور المدرسة مهم وجوهري، فلماذا لا يقسم الطلاب والطالبات “في المدراس” وهذا معمول به بالدول المتقدمة من خلال مجمعات تنظيم الفصل أو المدرسة أو الألعاب والصيانة الخفيفة أو النظافة، وزيارة المصانع وسماع قصص حقيقية لناجحين، لمناهج دراسة تروي قصصا ناجحة لرجال أعمال، أو منتج بدأ من لاشيء وكيف وصل،ولماذا تميزت هذه الدولة بصناعة السيارات وتلك بالطائرات وأخرى بالأدوية؟ لماذا لا نسمع خطب المساجد وإرشادات المعلمين عن كيفية حب العمل وما يحثنا عليه ديننا الإسلامي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ )، يكفي أن نطبق هذه القاعدة الأساسية هل نحن نتقن كل عمل نقوم به ؟!.
حين نركز على الجانب المادي في العمل فلن ننتج ونعمل بإتقان، والمال هو حق مشروع للجميع، ولكن هل أنت تملك الموهبة والمعرفة والقدرة والخبرة بأن العمل الذي تعمله يستحق هذا المال الذي تأخذه؟ وهل تعتقد أن طموحك يتوقف عند الحد؟ هل تفكر بتطوير ذاتك ونفسك بصورة مستمرة ومعها ترفع من قيمتك العملية والوظيفة وتكون مطلوبا للعمل من الكل؟ ثقافة العمل المطلوبة أن تملك “الشغف، الرغبة، الحماس، أن الأهداف متدرجة وليس واحدة ولن تكون ثابتة” ثقافة العمل مسؤولية الجميع ولاتقف على مطلب واحد، وهي نتاج ومخرجات المنزل والمدرسة والمجتمع ككل. يقول ستيف جوبز “احتفظ بذهنية المبتدئ”.

المصدر : جريدة الرياض - 1 سبتمبر 2016م