محمد المسعودي - جريدة الرياض

عدد القراءات: 1138

في زمن الفضاء الإلكتروني المفتوح وتقنيات التكنولوجيا الحديثة التي تكاد تسابق سرعة الضوء ولا نكاد اللحاق بها وفرضت نفسها في حياتنا وأضحى الجاهل بها وباستخدامها بمثابة “الأمّي” الذي لا يقرأ ولا يكتب.
ولأن لكل عصر أدواته، فعصر التكنولوجيا الذي نعيشه يتطلب التعامل معه بأدواته ووسائله الحديثة التي اقتحمت كافة المجالات وتسللت في مختلف القطاعات ومنها قطاع التعليم حيث يرى المهتمون بالتعليم أن التقنيات لعبت في مجال التعليم دورا كبيرا وارتقت بمخرجاته وقدمت مشاريع إلكترونية تعليمية وفق متطلبات العصر والعملية التعليمية حيث كان إدخال التكنولوجيا في المدارس والفصول الدراسية والقاعات الجامعية قد أصاب جملة من أهداف التعليم من تطوير وتسهيل عبر تطبيقات ووسائل جاءت في قالب إبداعي، وانطلاقاً منه قدم العديد من الاختصاصيين في حقل التعليم أفكارا عصرية مشتركة بنظريات تربوية حديثة مستفيدين من اندفاع الجيل الجديد إلى تقنيات وبرامج التواصل الاجتماعي فكان استقطابهم نحو التعليم من خلال نفس هذه القنوات أيضاً.
وفي نفس المنعطف، برهنت تقنية التواصل الاجتماعي ومواقعها في كثير من الدول يوما بعد يوم أن “المعلم” الذي انشغل بتحذير طلابه منها في البداية وأنها تستنزف الوقت، وبعد انعقاد كثير من ورش العمل والدورات التدريبية التي تقيمها القيادات التعليمية “المتقدمة” حول فوائدها واستعمالاتها وتوظيفها في التعليم حتى بدأ يأخذ “المعلم” بجديّة انعكاساتها الإيجابية في تقديم المنهج والمادة التي يقدمها مستفيدا من الخيارات الكثيرة والخدمات التي ترافق هذه المواقع الافتراضية، فبعد أن كان في تصادم وشذ وجذب مع طلابه لانشغالهم بتحديث منشوراتهم وتفاعلهم عبر حساباتهم فإذا به ينشئ صفحة على “الفيس بوك” و”قناة على “اليوتيوب”.. مضيفاً طلابه الذين ما لبثوا أن سارعوا إلى حسابه الافتراضي محتفين به ومرحبين، فكانت فرصة أن يتعرف عليهم أكثر، يتابع ميولهم، ويكشف قدراتهم بل وجد أنه يستطيع أن يقيمهم ببعض الأنشطة ببعض استعمالات المعلمين وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات مثلاً، بوضع نشاطات افتراضية كما كان يقيمها المعلم على الواقع ويقيم المشاركات الطلابية وتصنف مواهبهم الابداعية، كما يمكن إجراء مناقشات تّفاعلية “online discussions” حول الدروس وأهم نقاطه، ويمكن تقسيم الطلبة لمجموعات لإنجاز المهام والمشروعات، كما يمكن تسليم واستلام الواجبات والأنشطة المدرسية الأخرى، ويمكن استخدام بعض أدوات الشّبكات الاجتماعية مثل أيقونات الـ”like” والـ”comment” في الفيس بوك لأخذ رأي الطّلاب حول مكونات المادّة.
ولذلك يرى المهتمون بصناعة التعليم الذكي أن الحسابات على Social Media تفاعلية وممتعة ومرنة بمكانها وزمانها في عملية التعلم وتتيح أن تقدم مادة ذات جودة مع إمكانية إدارتها باحترافية، ويرون أن الكثير من الصور، والانفوجرافيك، والوسائط والحسابات يمكن الاستعانة بها من حسابات مفيدة تخدم أهداف المادة.
عوداً إلى بدء والمنعطف نفسه، نقول ان التخوف من تقنية جديدة يتعاطاها جيل جديد ثبتت فائدتها مع وجود آثار سلبية، فإن الكيفية المثلى في التعامل معها ليس بالتحذير والمنع بل يكون عبر التوعية والتثقيف.

المصدر : جريدة الرياض - 15 نوفمبر 2016م