سهام الشارخ - جريدة الرياض

عدد القراءات: 1403

لا فائدة من وضع الأنظمة والقوانين إذا لم يطلع عليها المواطنون ويستوعبوا الأهداف التي وضعت من أجلها، فكل مواطن له الحق أن يعرف حقوقه وواجباته، فلا يتقاعس عن حقه ولا يخل في أداء واجبه، وبالمقابل على الموظفين المعنيين بتطبيق الأنظمة والقوانين في مختلف المجالات أن يفهموها ويطبقوها بوعي واحترافية مع الالتزام بالتعامل بمهنية مع المواطن حتى فى حالة تجاوزه النظام، والمهنية تعني تطبيق النظام مع الامتناع عن الإساءة له جسديا ومعنويا، فكرامة المواطن يجب أن تبقى محفوظة حتى عند ارتكاب الخطأ، وعندما تبدر منه أي مقاومة أو تطاول على المسؤول يعامل وفق الأنظمة المرعية، ولا يستثنى أحد دون أحد لأن هذه الاسثناءات هي التي تغري البعض بالضرب بالقوانين عرض الحائط.
من وقت لآخر تتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات لمشاهد تظهر تعسف وعنف بعض الموظفين الحكوميين في استخدام سلطاتهم، وهذه المشاهد تعكس مفهوما خاطئا عندهم وهو أن موقعه الوظيفي يخوله التعامل مع الناس كما يريد دون خوف من حساب، وهو ينسى أن الدولة عينته في هذه الوظيفة التي يتقاضى راتبا عليها ليخدم المواطنين ويحل مشكلاتهم ويتعامل مع التجاوزات بما يمليه عليه القانون وليس وفق هواه ومزاجه، فمواجهة خرق الأنظمة لا يجب أن تكون بأسلوب خارج عن القانون.
هذا الأسلوب في التعامل مع المواطن منتشر مع الأسف في معظم البلدان العربية، والمطلع على ما يجرى من حوادث يفاجأ بقصص مأساوية نتجت عن الشطط والعنف في تنفيذ الإجراءات وقد سمعنا عن كثير من الحوادث المفجعة نتجت عن عنف يمارسه بعض مستغلي سلطتهم، ولا ننسى حادثة محمد البوعزيزي الذي توفي متأثرا بحروقه بعد أن أضرم النار بجسده احتجاجا على مصادرة عربة الخضار التي يسترزق منها، ورفض الشكوى التي تقدم بها ضد الشرطية التي صفعته وأهانته ورفض المسؤولين مقابلته، ومنذ أيام مات بائع سمك مغربي داخل طاحونة نفايات بعد أن رمت الشرطة بضاعته التي صادرتها منه لأنها غير مرخصة، مما دفعه أن يقذف بنفسه داخل الشاحنة محاولا استردادها فمات بسبب ضغط الماكينة التي شغلت ولم يكشف التحقيق إلى الآن المسؤول عن تشغيلها والملابسات التى أحاطت بمقتل بائع السمك.
يجب أن تتربى الأجيال على احترام الأنظمة والقوانين والتقيد بها مهما كانت صرامتها، ولا يجب أن ينظر إليها على أنها ظلم بشرط أن توضع بحكمة وبعد دراسات متأنية وتطبق على الجميع، لأن المسؤولين عندما يستثنون أحدا فإنهم يفتحون الباب للواسطات والمحسوبيات والتحايل، وبالمقابل على المسؤولين عن تطبيق القوانين أن يتعاملوا بتعقل مع المخالفين، وبالأسلوب الذي لا ينتهك حقوقهم، وعلى الإدارات أن تتأكد من تأهيل موظفيها وقدرتهم على التعامل مع المواطنين في كل الأحوال واستبعاد المتهورين والفاسدين.

المصدر : جريدة الرياض - 15 نوفمبر 2016م