سعيد السريحي - جريدة عكاظ

عدد القراءات: 958

إذا كان كثير من المنتقدين لما أقدمت عليه إحدى السيدات في الرياض من التعرض لعضو في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالسب والشتم قد فعلوا ذلك انتصارا لرجل الهيئة، ومن حقه علينا جميعا أن ننتصر له كما ننتصر لأي موظف يتعرض للإساءة خلال أداء عمله بل وكل مواطن يتم التعدي عليه بقبيح الفعل أو قبيح القول، إذا كان كثير ممن أنكروا على تلك السيدة فعلها انطلقوا من الدفاع عن عضو الهيئة فإن آخرين فعلوا ذلك نتيجة استفزاز تلك المرأة للجميع عندما صرخت برجل الهيئة (إنت ما تعرف أنا بنت مين).
ما قالته تلك السيدة من شأنه أن يُعدّ جرما في حق المجتمع لا يقل عن جرمها في حق رجل الهيئة، وذلك أنها تمثل نمطا من التفكير لدى فئات من المجتمع، ذكورا وإناثا، يتوهمون أن مكانتهم العائلية سواء كانت تلك المكانة مستمدة من سلطة وظيفية أو قدرة اقتصادية أو وجاهة اجتماعية كفيلة بتصنيفهم كشخصيات اعتبارية لها ميزتها التي تجعلها فوق القانون وتوفر لهم الحماية من المساءلة عما يفعلون ومنحهم الحق في الإساءة لمن يوقعه حظه العاثر معهم فيتعرضون له بما يشاءون دون خوف من عقاب أو مساءلة عما قالوا أو فعلوا.
الكلمات التي قالتها تلك السيدة تؤكد أنها لا تحتمي ببراءتها مما ترى هي، على أقل تقدير البراءة منه مما قد يكون رجل الهيئة لاحظه عليها أو اتهمها به، كما لا تنتصر بالنظام والقانون الذي يمكن أن يحميها مما قد تكون تعرضت له من إيذاء، وإنما انتصرت بمكانة والدها الذي ترى أن مكانته كفيلة بردع رجل الهيئة لو أنه عرف ابنة من هي فيتوقف عن مطاردتها إن كان مخطئا كما يتوقف عن أداء مهمته في النصح والإرشاد إن كان مصيبا، وهي في كلا الحالين تنظر إلى نفسها باعتبارها فوق القانون انطلاقا من مكانة ذلك الوالد الذي هددت به رجل الهيئة.
كثير من الذين أنكروا ما قالته تلك المرأة وشفى أنفسهم ضبط الجهات الأمنية لها إنما فعلوا ذلك حماية للمجتمع من فئة ترى نفسها فوق المجتمع وتمنح من هم منتسبون إليها الحق في فعل ما يشاءون فإذا أنكر عليهم أحد شيئا من ذلك هتفوا به (إنت ما تعرف إحنا مين).

المصدر : جريدة عكاظ - 22 نوفمبر 2016م