عدد القراءات: 6484

شارك سعادة رئيس الجمعية الدكتور مفلح القحطاني يوم الأحد الموافق 27/10/1432هـ 25/9/2011 م في الندوة العلمية التي نظمها الأمن العام وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بورقة عمل بعنوان “ملامح حقوق الإنسان في المملكة , حقوق الإنسان في الأنظمة السعودية” وقد حضر الافتتاح معالي وزير العدل الدكتور محمد العيسى ومعالي الفريق سعيد القحطاني مدير الأمن العام وعدد كبير من ضباط وأفراد الأمن العام والمهتمين بالشأن الحقوقي .

الجدير بالذكر أن مشاركة الجمعية في هذه الندوة تأتي في إطار جهودها لدعم نشر الثقافة الحقوقية وخاصة بين منسوبي القطاعات المكلفة بتنفيذ الأنظمة والقوانين.

 
نص الكلمة

تستند التزامات المملكة لحماية حقوق الإنسان إلى ما اشتملت عليه الشريعة الإسلامية من كفالة شاملة لحقوق الإنسان، باعتبار إحكام الشريعة الإسلامية هي القانون العام في المملكة وإلى الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها وإلى الأنظمة الداخلية. ولذلك تتعدد مكونات الإطار القانوني لحماية حقوق الإنسان في المملكة تبعاً لذلك فتشتمل على:

· حقوق الإنسان التي أقرتها الشريعة الإسلامية.

· نصوص الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان التي انضمت إليها المملكة.

· الأنظمة السعودية ذات العلاقة.

1- الإسلام وحقوق الإنسان:

من المعلوم أن الإسلام دين شامل ينظم حياة الإنسان بكافة جوانبها. وقد أشارت المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم في المملكة على أن: «المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة دينها الإسلام ودستورها كتاب الله وسنة رسوله» كما نصت المادة السابعة من النظام نفسه على أنه: «يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله»، وبالتالي فإن دستور المملكة هو القرآن والسنة، أي أن مبادئهما ذات قيمة دستورية بحيث لا يمكن لأية قاعدة قانونية أخرى أياً كان مصدرها أن تخالف ما ورد في القرآن والسنة من مبادئ، كما أن المادة 26 من نفس النظام تنص أيضاً على أن «تحمي الدولة حقوق الإنسان….. وفق الشريعة الإسلامية»، ومن هنا فإن أهم مكون لحقوق الإنسان في النظام القانوني للمملكة العربية السعودية هو أحكام الشريعة الإسلامية.

وحقوق الإنسان قديمة قدم الإسلام، فهي ليست وليدة تطور ظروف سياسية ومدنية معاصرة كما في حركات حقوق الإنسان الغربية التي ظهرت في بدايات القرن الثامن عشر الميلادي ,بل تنطلق من مفهوم شامل وعميق للإنسان,في الإسلام الذي خلقه الله من مزيج من المادة والروح  فأقر الإسلام حقوق الإنسان بما يتناسب مع شقي هذا التكوين.

وأساس حقوق الإنسان في الإسلام هو التكريم الإلهي إعمالاً لقوله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم)[الإسراء:70]، وكل ما ينافي هذا التكريم يعتبر حراماً ومناهضاً لأحكام الشريعة الإسلامية، والإنسان مخلوق مكلف ومسئول له دور إيجابي في الحياة هو مناط استخلافه في الأرض، وانطلاقاً من هذا الأساس المتين والشامل لحقوق الإنسان، نجد في الشريعة الإسلامية سلسلة من الحقوق التي يستلزمها تكريمه واستخلافه في الأرض، كالحق في الحياة وفي المساواة وفي الكرامة وفي العدل وفي الأمن وفي الحرية… الخ. ولذلك جاءت الشريعة بتحديد العقاب الزاجر لمن يعتدي على هذه الحقوق

ورغم عدم حداثة موضوع حقوق الإنسان بالنسبة للإسلام، ورغم وضوح هذه الحقوق والتركيز على أهميتها إلا أن هناك عدة عوامل أسهمت في عدم ظهور هذا الموضوع بالصورة المؤسسية المعاصرة منها:

§ إن الكتابات المعاصرة المتعلقة بهذا الشأن، رغم كثرتها، تتسم بالطابع الخطابي الاستعراضي. بينما الحاجة تدعو للقيام بدراسة علمية عملية تخص هذه الحقوق وتحدد حدودها وتبين العقاب الخاص بانتهاكها، وتضع وسائل محددة لحمايتها.

§ المكلف بحماية حقوق الإنسان في الإسلام ورعايتها ليس فقط الحكومة، وإنما هو كذلك واجبُ فرديُ على كل مسلم ومسلمة، وذلك جزء من تعاليم الدين السامية.

§ غياب المؤسسات والجمعيات والهيئات المتخصصة في موضوع حقوق الإنسان في الماضي جعل الاهتمام بهذه الحقوق يبقى محدودا.

§ دخول هذه الحقوق بالكامل في إطار قواعد قانونية يناط تطبيقها بالقضاء كالحق في الحياة والأمن…. الخ مما أدى إلى عدم الشعور بالحاجة إلى وجود تنظيمات أو جمعيات متخصصة في حقوق الإنسان.

ولكن اتساع رقعة الدولة وتعقد وتشعب العلاقات التي تتم بداخلها مع تكاثر عدد السكان، جعل وجود جهات تتركز مهمتها في مراقبة حماية حقوق الإنسان التي نص عليها الإسلام، مسألة ضرورية ووسيلة فعالة من ضمن وسائل مراعاة هذه الحقوق التي تشكل قيماً سامية من قيم الإسلام.

وينسجم مع هذا الأمر أيضاً أن الإسلام أقر هذه الحقوق وأكد على أهميتها، ويبقي على عاتق الحكومة إيجاد الوسائل الفعالة لحماية هذه الحقوق، بما في ذلك تشجيع قيام الجمعيات والهيئات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان والسعي إلى توضيح وتحديد الإطار الشرعي لهذه الحقوق. وانبثاقاً من كون مبادئ الشريعة الإسلامية التي أقرت حقوق الإنسان هي مبادئ دستورية بالمعنى القانوني للكلمة في النظام القانوني السعودي ،فإنها ستكون بالتالي أكثر حفظاً واحتراماً في ظل وجود قضاء مؤهل ومستقل يناط به تطبيق هذه الحقوق في البلاد والإلزام باحترامها.

2- الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان التي انضمت إليها المملكة

الاتفاقيات الدولية المعنية بموضوعات حقوق الإنسان نوعان :

1. اتفاقيات تتعلق بحقوق الإنسان بصفة عامة، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

2. اتفاقيات تتعلق بنوع محدد من الحقوق أو حقوق فئة اجتماعية معينة كالاتفاقية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل.

ومن المعلوم أن المملكة انضمت للاتفاقيات الدولية التالية:

1. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1947م). وقد تحفظت المملكة على المادتين (16)، (18).

2. «إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان» الذي اعتمدته منظمة المؤتمر الإسلامي في 5 أغسطس 1990م.

3. اتفاقية حقوق الطفل (فبراير 1996م) مع تحفظ على المواد التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.

4. الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري (في نوفمبر 1997م) مع تحفظ عام على ما يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وتحفظ خاص على المادة 22 الخاصة بعرض النزاع على محكمة العدل الدولية.

5. اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (في نوفمبر 1997م) مع تحفظ على المادة 20 الخاصة بمنح اختصاص للجنة المتابعة, وكذلك التحفظ على الفقرة واحد من المادة 30 والقاضية بإحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية.

6. اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (ديسمبر 2000م) مع تحفظ عام على كل ما يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وتحفظ محدد على الفقرة (2) من المادة التاسعة التي تمنح المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها. وكذلك الفقرة (1) من المادة 29 والقاضية بإحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية في حالة عدم نجاح التحكيم.

7. الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي تمت الموافقة عليه في القمة العربية في تونس عام 2004م ويشتمل على مجموعة من الحقوق والضمانات التي لابد من النص عليها في الأنظمة والتشريعات المحلية.

8. ميثاق حقوق الطفل في الإسلام.

وبانضمام المملكة إلى المعاهدات الدولية تصبح هذه المعاهدات جزءاً من النظام القانوني السعودي، وتلتزم المملكة بعدم إصدار أي قانون يخالف ما تضمنته هذه المعاهدات من قواعد، بل وتلتزم المملكة بمراجعة الأنظمة للتأكد من انسجامها مع هذه المعاهدات التي انضمت إليها وهو ما نصت عليه المادة 70 من النظام الأساسي للحكم حيث جاء بها «تصدر الأنظمة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات ويتم تعديلها بموجب مراسيم ملكية»، وبناء على ذلك فإن أي معاهدة أو اتفاقية دولية يوافق عليها بموجب مرسوم ملكي تعد أحكامها نافذة، ويجوز بالتالي أن تستند إليها المحاكم استناداً مباشراً في أحكامها. ويظل المطلوب لتنفيذ ذلك هو أخذ الجهاز القضائي في المملكة بهذا الأمر. ولكن هناك أيضاً اتفاقيات تحتاج إلى تدخل الدولة لسن تشريعات أو أنظمة داخلية لكي توضع هذه الاتفاقيات موضع التنفيذ.

ومن المعلوم أن المملكة تحفظت على بعض الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها، تحفظات لها صفة العمومية أحيانا كما لها صفة التحديد أحيانا أخرى، بما يسمح لها بتطبيق الاتفاقية فيما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية. وهذه التحفظات وضع طبيعي يفرضه النظام الأساسي للحكم والتزام المملكة بأحكام الشريعة الإسلامية. وتبرز أهمية مثل هذه التحفظات، حين نعلم أنه غالباً ما تتصف الاتفاقيات الدولية بالطابع الذي لا يعطي أهمية للهوية والخصوصية الدينية والاجتماعية والثقافية لكل بلد على حدة. ورغم أن التحفظ إجراء تقره الاتفاقيات الدولية لتشجيع أكبر قدر ممكن من الدول على الانضمام إليها، إلا أنه ينبغي أن يكون التحفظ محددا، ولا يتجاهل تعدد الاجتهادات، ويتيح الفرصة للأخذ بوجهات نظر مقبولة شرعا حتى لا يساء فهم شمول واستيعاب مقاصد الشريعة الإسلامية من قبل الآخرين.

 كما ينبغي نشر الاتفاقيات الدولية التي تكون المملكة طرفا فيها، بهدف توعية المواطنين والمقيمين بها، كما نصت عليه تلك الاتفاقيات، ويجب التعاون بين كل الجهات المعنية بحقوق الإنسان في المملكة والجهات المنفذة والمطبقة للنظام لتضع ضمن خطتها توعية المواطنين والمقيمين بحقوقهم ونشر كافة الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي انضمت إليها المملكة وكذلك التشريعات المحلية ذات العلاقة بحقوق الإنسان.

ومما يجدر ذكره هنا، أن المملكة لم تنضم بعد إلى بعض الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي أصبحت تمثـل الآلية المدنيـة الرئيسة لصيانة حقوق الإنسان وفي مقدمتها العهدين الدوليين للحقـوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وكذلك الحقوق المدنية والسياسية الصادرين عام 1966م، والعهدان يمثلان أساس الحقوق المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي لا يتجاوز كونه إعلان نوايا دون التزام قانوني من قبل الدول المنضمة إليه في حين أن العهدين يعدان نصوصاً قانونية ملزمة.

3- الأنظمة المعنية بحقوق الإنسان في المملكة:

حقوق الإنسان في الأنظمة السعودية لا يحويها نظام واحد، بل تتوزع على عدد كبير من الأنظمة. فهناك أنظمة تعنى بحقوق الإنسان كالنظام الأساسي للحكم، وأخرى تبين جوانب هامة من هذه الحقوق كنظام الإجراءات الجزائية، إلى جانب باقي الأنظمة التي تعنى بشكل مباشر أو غير مباشر بحق من حقوق الإنسان أو بفئة من الفئات المستحقة للحماية كنظام العمل ونظام المطبوعات والنشر والأنظمة القضائية، ولا زالت هناك حاجة واضحة للمزيد من الأنظمة التي تعني بحقوق الإنسان وخاصة الحقوق المدنية والسياسية.

* حقوق الإنسان في النظام الأساسي للحكم:

عني النظام الأساسي للحكم، وهو نظام دستوري، بموضوع حقوق الإنسان وأفرغ له عددا كبيرا من مواده الثلاث والثمانين، أبرزها المادة السادسة والعشرون التي تنص على أن: «تحمي الدولة حقوق الإنسان… وفق الشريعة الإسلامية»، كما نص على جملة من الحقوق الأساسية كالشورى والحق في المساواة والعدل والكرامة والحياة والأمن، بل وتطرق إلى حقوق الإنسان ذات الطابع المدني والاجتماعي مثل حق التكافل الاجتماعي وحق العمل وحق التعليم… الخ.

فقد تضمنت أهم وثيقة قانونية تصدر في المملكة(النظام الأساسي للحكم)، الحماية للعديد من الحقوق  بموجب مبادئ دستورية لا يستطيع أي نظام أو قرار تقويضها،

 وقد أشارت المادة (39) من النظام الأساسي والتي تناولت مسألة حق التعبير على أن: «تلتزم وسائل الإعلام والنشر وجميع وسائل التعبير بالكلمة الطيبة وبأنظمة الدولة وتسهم في تثقيف الأمة ودعم وحدتها ويحظر ما يؤدى إلى الفتنه أو الانقسام أو يمس بأمن الدولة وعلاقاتها العامة آو يسئ إلى كرامة الإنسان وحقوقه وتبين الأنظمة كيفية ذلك». كما  ترك النظام الأساسي للحكم، للأنظمة الأخرى الأقل درجة، تحديد سبل حماية الحقوق الأساسية التي أقرها، وهو ما يتطلب التأكد من أن هذه الأنظمة تعطى الأهمية المطلوبة لهذه الحقوق، ولا تقيدها لتضمن مسألة انسجامها مع الحقوق الإنسانية الدستورية الواردة في النظام الأساسي للحكم.

كما ينبغي الأخذ في الاعتبار ان مبادئ الشريعة الإسلامية المقررة لحقوق الإنسان تكتسب هي الأخرى قيمة دستورية في المملكة، بل وتعلو على تلك الواردة في النظام الأساسي وفقاً للمادة الأولى منه. وهذه ملاحظة شكلية إذ يفترض أن لا يوجد تعارض بين أحكام الشريعة بشأن حقوق الإنسان وبين حقوق الإنسان التي أقرها النظام الأساسي.

* حقوق الإنسان وفق نظام الإجراءات الجزائية:

من ضمن الأنظمة السعودية الهامة والمعنية مباشرة بحقوق الإنسان في المملكة نظام الإجراءات الجزائية، وقد تضمن هذا النظام النص على العديد من حقوق الإنسان الأساسية مثل:

§ ضرورة أن: «يبلغ فوراً كل من يقبض عليه أو يوقف بأسباب القبض عليه أو توقيفه ويكون له الحق في الاتصال بمن يرى لإبلاغه» (مادة 116).

§ حظر «إيذاء المقبوض عليه جسدياً، أو معنوياً، كما يحظر تعريضه للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة» (مادة 2).

§ ضرورة «أن يتم الاستجواب في حال لا تأثير فيها على إرادة المتهم في إبداء أقواله» (مادة 102).

§ «إذا أعترف المتهم في أي وقت بالتهمة المنسوبة إليه فعلى المحكمة أن تسمع أقواله تفصيلاً وتناقشه فيها. فإذا اطمأنت إلى أن الاعتراف صحيح ورأت أنه لا حاجة إلى أدلة أخرى فعليها أن تكتفي بذلك وتفصل في القضية وعليها أن تستكمل التحقيق إذا وجدت لذلك داعياً» (مادة 162).

§ «يحق لكل متهم أن يستعين بوكيل أو محام للدفاع عنه في مرحلتي التحقيق والمحاكمة» (مادة 4).

§ علانية الجلسات, وحتى في حالة نظر دعوى ما في جلسة سرية، فلابد من تلاوة حكم المحكمة في جلسة علنية (مادة 182).

§ وبشكل عام فقد أوضحت مواد هذا النظام جميع الإجراءات المتعلقة بالقبض والتوقيف والتحقيق وحرية الدفاع لكل متهم وحماية الحرية الشخصية لأي إنسان بحيث لا يجوز القبض عليه أو تفتيشه أو توقيفه أو سجنه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاما. كما أكد النظام على حق كل إنسان في حرمة شخصه ومسكنه ومكتبه ووسائل اتصاله، وبين هذا النظام إجراءات المحاكمات الجزائية، وبطلان كل إجراء مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية، أو الأنظمة المستمدة منها وطرق الاعتراض على الأحكام، وعلى حق المتهم في التعويض المادي والمعنوي لما يصيبه من ضرر إذا حكم بعدم الإدانة.

وتعتبر النقاط التالية من الأهمية بمكان، بحيث تؤخذ في الاعتبار من قبل الجهات المعنية:

§ لا يزال نظام الإجراءات الجزائية غير مستوعب أو غير مطبق بشكل كاف عند بعض القضاة وأجهزة التحقيق والشرطة،والمباحث والأجهزة الإدارية ذات العلاقة مما يسبب مشاكل كبيرة ويؤثر على حماية الحقوق التي نص النظام عليها ويشعر بعدم احترامها.

§ يقدم هذا النظام، حماية مهمة للمواطن والمقيم في حال اتهامه، ويجب أن لا توجد أية صعوبة في التزام الجهات المعنية به خاصة القضاء، والمباحث، والشرط وهيئات الضبط والتحقيق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك في الممارسات المتعلقة بإجراءات الاعتقال وحقوق المعتقل ومدة الاعتقال قبل الإحالة للقضاء وغير ذلك من النصوص الهامة التي تحظر إيذاء المقبوض عليه جسدياً، أو معنوياً، كما تحظر تعريضه للتعذيب، أو المعاملة المهينة للكرامة.

§ إن تطبيق النظام بكفاءة يتطلب إصدار لائحته التنفيذية التي لم تصدر حتى الآن، مما يفسح المجال للاجتهادات الشخصية التي ينتج عنها بعض التجاوزات والانتهاكات.

§ يتطلب تحقيق الضمانات والحقوق التي احتوى عليها نظام الإجراءات الجزائية، تقنين أو تدوين أحكام وقواعد التعازير تطبيقاً لنص المادة 38 من النظام الأساسي للحكم التي تقضى بأنه «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص».

§ لا بد من تمكين المتهم من الاستعانة بمحام ومنع انعقاد المحاكمة بدون حضوره حتى وإن لم يستطع المتهم دفع أتعابه أو لم يرغب في ذلك، فيجب على الجهة المعنية العمل على توفيره, لأن المحاكمات في الوقت الحالي تحتاج إلى معارف فنية وإلى مهارات معينة يفتقر إليها المتهم، ووجود المحامي غالبا ما يضمن تحقيق العدالة وحسن تطبيق القواعد الشرعية والأنظمة المرعية في البلاد.

§ لا بد من مراقبة المحققين لمنع تعسفهم في استخدام حقهم الذي نصت عليه المادة (69) من النظام والتي تمنح المحقق حق إجراء التحقيق دون حضور المحامي متى رأى المحقق أن في ذلك ضرورة لإظهار الحقيقة، لأن ترك هذا التقدير للمحقق يتعارض مع فاعلية حق المتهم في الاستعانة بمحامي.

§ ضرورة توجيه كافة جهات الضبط لتقديم المعلومات وبشكل فوري عن الموقوفين لأسرهم وأقاربهم ومحاميهم وللمسئولين القنصليين في حال كون الموقوفين من الرعايا الأجانب، ولابد من الالتزام بما جاء في المادة (35) بشأن حق الموقوف بالاتصال بمن يرى إبلاغه لضمان الاتصال الفوري بمن يريد لإبلاغه بتوقيفه ومكان التوقيف وسببه.

§ تفعيل نص المادة 19 من نظام المحاماة التي توجب على المحاكم وديوان المظالم واللجان شبه القضائية، والدوائر الرسمية وسلطات التحقيق، أن تقدم للمحامي التسهيلات التي تمكنه من القيام بواجبه، وأن تمكنه من الاطلاع على الأوراق وحضور التحقيق.

حماية بعض الحقوق في الأنظمة السعودية

الحق في التمتع بالجنسية:

لكل شخص الحق في التمتع بجنسية دولة، ومن لا يتمتع بذلك لا تثبت له العديد من حقوق الإنسان المدنية ولذلك جعل هذا الحق من حقوق الإنسان، وعلى ذلك نصت المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 24 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان. وأحالت المادة 35 من النظام الأساسي للحكم في المملكة على نظام الجنسية لتحديد كيفية الحصول على الجنسية السعودية وكيفية فقدها. ولقد حرص نظام الجنسية السعودي على تلافي حالات انعدام الجنسية، فمنح أبناء المرأة السعودية الجنسية السعودية إذا كان الأب مجهولا أو لا جنسية له، ومنح اللقيط الجنسية السعودية ولم يسقط الجنسية السعودية عن السعودي الذي يتنازل عنها إلا بعد دخوله الفعلي في جنسية أجنبية…الخ. ولقد ركزت التعديلات الجديدة لنظام الجنسية، مؤخرا، على التوسع في منح الجنسية السعودية لذوي الخبرات والتخصصات التي تحتاجها المملكة.

إلا أن المشكلة بخصوص هذا الحق لا تتعلق بمنح الجنسية السعودية لمن هو منتم لجنسية دولة أخرى، فللدولة كامل الحرية في تحديد شروط منح الأجانب جنسيتها، وليس في ذلك إخلال بحقوقهم، فهذه مسألة سيادية صرفة. ولكن المشكلة تكمن في عدم منح الجنسية السعودية لشخص يعيش في المملكة منذ سنوات وليس لديه أية جنسية على الإطلاق. بل أن بعضهم ولد في المملكة وله أقارب سعوديون ولا يعتبر سعودياً وليس لديه أية جنسية أخرى. وهناك بعض الحالات المتعلقة بالحق في بالجنسية  في المملكة ومنها الأفراد الذين سحبت هوياتهم لأسباب معينة ولم يمنحوا أي سند دال على جنسيتهم. مما ترتب عليه أثار بالغة السوء مثل حرمان أبنائهم من التعليم ومن العلاج ومن العمل بالدولة وعدم صرف مستحقاتهم المالية لدى بعض الأجهزة الحكومية…الخ..

– الحق في التقاضي والحق في المحاكمة العادلة والسريعة :

يعتبر حق التقاضي ضمانة أساسية من ضمانات حقوق الإنسان، وقد نصت المادة الثامنة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حق التقاضي، أي حق اللجوء إلى قضاء الدولة ممثلة في محاكمها المختلفة: «لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون»، وعلى ذلك نصت أيضاً المادة 47 من النظام الأساسي للحكم : «حق التقاضي مكفول بالتساوي بين المواطنين والمقيمين بالمملكة ويبين النظام الإجراءات اللازمة لذلك»، وجاء في المادة الثانية عشر من الميثاق العربي لحقوق الإنسان على أن تضمن الدولة: «حق التقاضي بدرجاته لكل شخص خاضع لولايتها».

وحق التقاضي مصان في المملكة، ولا تعرف حالات رفضت فيها المحاكم النظر في قضية لأن رافعها ليس مواطناً أو بسبب انتمائه. ولا يشكل انتهاكاً لهذا الحق أن تعتبر محكمة ما نفسها غير مختصة بنظر القضية، فلابد من رفع الدعوى أمام الجهة القضائية المختصة. ولكن هذا الحق سيعتبر منتهكا إذا رفض قاض أو محكمة النظر في قضية رغم اختصاصها بنظرها نظاماً، مبررا ذلك بمخالفة موضوع القضية لما هو ثابت في الشريعة الإسلامية، بل يجب النظر في القضية وإصدار الحكم اللازم بما يحقق وجهة نظر المحكمة. ولابد أيضاً من تيسير الحق في التقاضي بتيسير اللجوء إلى القضاء سواء من الناحية المادية بإنشاء مزيد من المحاكم وتوزيعها على جميع أنحاء المملكة أو بتيسيرها من الناحية الإجرائية بأن لا يكون سبيل رفع الدعوى مكبلاً بالإجراءات وبالشروط الصعبة، وفي سبيل تيسير حق اللجوء إلى القضاء ثمة جهود لابد أن تبذل لتحقيقه سيأتي ذكرها.

و الحق في محاكمة عادلة وسريعة، حق طبيعي وهو الغاية من اللجوء إلى القضاء. والمحاكمة العادلة تحتاج إلى ضمانات لابد أن تراعى، وفي هذا السياق تزخر الشريعة الإسلامية بشواهد عظيمة الأثر والعبرة , قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا)[النساء:135]، ويقول الحق سبحانه: (إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)[النساء:58]، وقال عز من قائل: (يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى)[المائدة:8]، والأحاديث النبوية الشريفة في هذا المقام عديدة، وفي سير الخلفاء الراشدين تطبيقات عظيمة ودقيقة لهذه الآيات القرآنية.

وقد رعت المواثيق الدولية والإقليمية الحق في المحاكمة العادلة والعلنية ونصت على ذلك المادتان العاشرة والحادية عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : «لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه»، وتضيف المادة الحادية عشرة: «كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه».

كما إن المادة الثالثة عشر من الميثاق العربي لحقوق الإنسان قد نصت على أن: «لكل شخص الحق في محاكمة عادلة تتوافر فيها ضمانات كافية وتجريها محكمة مختصة ومستقلة ونزيهة ومنشأة سابقا بحكم القانون، وذلك في مواجهة أية تهمة جزائية توجه إليه أو للبت في حقوقه أو التزاماته، وتكفل كل دولة، لغير القادرين مالياً،الإعانة العدلية للدفاع عن حقوقهم».

كما نصت المادة الثانية عشرة من الميثاق على أن: «تضمن الدول الأطراف استقلال القضاء وحماية القضاة من أي تدخل أو ضغوط أو تهديدات».

وإن استقلال وحياد المحكمة، والمساواة أمام القضاء، وعلنية المحاكمة، وقرينة براءة الذمة طالما لم تثبت الإدانة…الخ، كلها من الضمانات التي نصت عليها المواثيق الدولية المنضمة إليها المملكة كضمانة لمحاكمة عادلة أو حكم عادل مما يتفق اتفاقاً كاملاً مع أحكام ديننا وشريعتنا الإسلامية، وعلى ذلك جاءت أيضاً نصوص عديدة من نصوص اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، وقد انضمت المملكة إلى هذه الاتفاقية.

وعلى صعيد الأنظمة الداخلية نجد تأكيداً وتفصيلاً لهذه الضمانات سواء في النظام الأساسي للحكم أو فيما نسميه الأنظمة العدلية. ففضلاً عن المساواة أمام القضاء بين المواطنين والمقيمين التي أكدت عليها المادة 47 من النظام الأساسي للحكم والتي بينت أن اللجوء للقضاء مكفول بالتساوي للجميع لا فرق بين مواطن ومقيم بحيث لا توجد إجراءات خاصة بالمواطنين وأخرى خاصة بالمقيمين ولا يوجد انحياز للمواطنين على حساب المقيمين حيث أن الجميع سواسية أمام القضاء، نجد أيضاً المادة 46 من النظام الأساسي للحكم تضع الأساس القانوني لاستقلال القضاء بقولها: «القضاء سلطة مستقلة ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية»، كما أن هناك ضمانات أخرى عديدة وتفصيلية نص عليها نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية.

إن من المهم أن تحترم هذه القواعد والأنظمة التي سنتها الدولة والتي تشكل ضوابط لسير عمل القضاء، وأن يتم تعريف وتدريب القضاة على هذه الأنظمة،

ولذلك فان، التمييز بين الخصوم في الجلسات وعدم السماح لأحدهم بالرد على الدعوى أو الضغط عليه للاختصار في الدعوى أو ترهيبه بعقوبات تعزيرية، مثل الحبس بغية التأديب أو العقاب لعدم الالتزام بالآداب العامة في الجلسات، بالإضافة إلى حالات يعد إخلالا بحق المساواة في التقاضي . وكذلك  عدم التقاضي العلني، حيث يتم اللجوء إلى سرية الجلسات في بعض القضايا المعروضة، يعد مخالفة للأنظمة المحلية ولالتزامات المملكة الواردة في الاتفاقيات الدولية والتي تعتبر، كما أسلفنا، جزءاً من النظام القانوني السعودي.

و تشمل الحقوق الاجتماعية والثقافية، طائفة متنوعة من حقوق الإنسان التي لا تحظى أحيانا بقدر كبير من اهتمامات منظمات حقوق الإنسان، وهي: الحق في الأمن، وفي العمل بشروط عادلة ومرضية ومن ذلك ظروف عمل تكفل السلامة والصحة والتساوي في فرص الترقية والأجازات المدفوعة الأجر، والحق في الأجر المنصف، والحق في تكوين النقابات والاشتراك فيها، وحق الإضراب، وحق الأسرة في الحماية والمساعدة، والحق في الضمان الاجتماعي والمستوى المعيشي الكافي، والحق في التحرر من الجوع، والحق في الصحة الجسمية والعقلية، والحق في التربية والتعليم، والحق في المشاركة في الحياة الثقافية، والحق في بيئة سليمة. وفيما يلي مناقشة لأهم هذه الحقوق:

– الحق في الأمن :

يأتي هذا الحق على رأس كل الحقوق الاجتماعية لما له من أهمية كبيرة. بل إنه يعد من حقوق الإنسان التي لا تستقيم حياته بدونها. ولقد ورد في الأثر الشريف أنه من بات أمناً في سربه معافىً في بدنه يملك قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها. وهذا الحديث الشريف يعدد الحقوق الاجتماعية الأساسية للإنسان ويضع على رأسها الأمن، ومن أهم ما يخص هذا الحق، الأمن على النفس والأمن على المال والأمن على العرض والأمن على العقل والأمن على الدين. فهي الضرورات الخمس التي رعاها الدين الإسلامي واهتم بها.

وعلى صعيد الأنظمة السعودية، فقد نصت المادة السادسة والثلاثون من النظام الأساسي للحكم على أن: «توفر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها».

كما لقي الحق في الأمن اهتماماً من الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، والتي انضمت لها المملكة إذ تنص المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن: «لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه» وعلى ذلك نصت أيضاً الفقرة (ب) من المادة الخامسة من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،  على حق الإنسان في «سلامة شخصه وحماية الدولة له من أي عنف أو ضرر جسماني سواء كان صادرًا من موظفين حكوميين أو من أي فرد أو جماعة أو منظمة»،

ومع ذلك فقد أجازت بعض المواثيق الدولية في حالة الطوارئ العامة والأزمات الأمنية للدول اتخاذ بعض الإجراءات التي تعتبر بمثابة خروج على قواعد حماية حقوق الإنسان ومن ذلك ما نصت عليه المادة الرابعة فقرة أولى من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه (يجوز للدول الأطراف في هذه الاتفاقية في حالة الطوارئ العامة التي تهدد حياة الأمة والتي يعلن عن وجودها رسميا أن تتخذ من الإجراءات ما يحلها من التزاماتها التي نصت عليها الاتفاقية تبعا لمقتضيات الوضع بدقة بشرط أن لا تتنافى هذه الإجراءات مع التزاماتها الأخرى طبقا للقانون الدولي ومن دون أن تتضمن هذه الإجراءات تمييزا معينا على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو الديانة أو اللغة أو الأصل الاجتماعي) . وفي إطار الاهتمام بمعالجة الأوضاع الأمنية فان الحاجة تدعو أيضا إلى اهتمام مماثل ببعض حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والتي قد يدفع عدم التمتع بها إلى حدوث الأزمات الأمنية ومن ذلك قضية البطالة لدى الشباب حيث يبدو أن نمو جرائم السرقة وازدياد الجرائم الأخلاقية يشكل أزمات للجهات الأمنية قد يرتكب خلال التعامل معها ومعالجتها بعض التجاوزات  لحقوق الإنسان.

وتدعو الحاجة لحفظ وحماية وتعزيز حقوق الإنسان ومنع انتهكها إلى تفعيل المتابعة والرقابة على الأجهزة الأمنية ومحاسبة المخالفين من رجال الأمن على تجاوزاتهم إن وجدت من قبل رؤسائهم و تعويض المتضررين من التعدي على هذا الحق حسب ما نص نظام الإجراءات الجزائية على ذلك،

– الحق في التعليم:

وقد حث الإسلام على العلم والتعليم ،فالقرآن مليء بالآيات التي تدعو إلى العلم، ومنها قوله سبحانه: «وقل ربي زدني علما» والرسول صلى الله عليه وسلم أول من سعى لمحو الأمية، حين جعل فداء أسرى بدر أن يعلم كل منهم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة.

وحديثاً نال التعليم اهتماما كبيرا من قبل المواثيق والعهود الدولية، ومن ذلك ما نصت عليه المادة (26) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من أنه: «لكل شخص الحق في التعليم ويجب أن يوفر التعليم مجانا، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية، ويكون التعليم الابتدائي إلزامياً ويكون التعليم الفني والمهني متاحا للعموم ويكون التعليم العالي متاحا للجميع تبعا لكفاءتهم»، كما أن المادة (13) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية نصت على أنه:

1- تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم، وهي متفقة علي وجوب توجيه التربية والتعليم إلي الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والإحساس بكرامتها، وإلي توطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وهي متفقة كذلك علي وجوب استهداف التربية والتعليم تمكين كل شخص من الإسهام بدور نافع في مجتمع حر، وتوثيق أواصر التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الأمم ومختلف الفئات السلالية أو الاثنية أو الدينية، ودعم الأنشطة التي تقوم بها الأمم المتحدة من أجل صيانة السلم.

2- تقر الدول الأطراف في هذا العهد بأن ضمان الممارسة التامة لهذا الحق يتطلب:

أ‌- جعل التعليم الابتدائي إلزامياً وإتاحته مجاناً للجميع.

ب‌- تعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه، بما في ذلك التعليم الثانوي التقني والمهني، وجعله متاحاً للجميع بكافة الوسائل المناسبة ولاسيما بالأخذ تدريجياً بمجانية التعليم.

ت‌- جعل التعليم العالي متاحاً للجميع على قدم المساواة، تبعاً للكفاءة، بكافة الوسائل المناسبة ولاسيما بالأخذ تدريجياً بمجانية التعليم.

ث‌- تشجيع التربية الأساسية أو تكثيفها، إلي أبعد مدى ممكن، من أجل الأشخاص الذين لم يتلقوا أو لم يستكملوا الدراسة الابتدائية.

ج‌- العمل بنشاط علي إنماء شبكة مدرسية علي جميع المستويات، وإنشاء نظام واف بالغرض، ومواصلة تحسين الأوضاع المادية للعاملين في التدريس.

3- تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الآباء، أو الأوصياء عند وجودهم، في اختيار مدارس لأولادهم غير المدارس الحكومية، شريطة تقيد المدارس المختارة بمعايير التعليم الدنيا التي قد تفرضها أو تقرهـا الدولة، وبتأمين تربية أولئك الأولاد دينياً وخلقياً وفقاً لقناعاتهم الخاصة.

كما نصت المادة (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية على أن: «تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد، لم تكن بعد، وهي تصبح طرفاً فيه، قد تمكنت من كفالة إلزامية ومجانية التعليم الابتدائي في بلدها ذاته أو في أقاليم أخري تحت ولايتها بالقيام في غضون سنتين بوضع واعتماد خطة عمل مفصلة للتنفيذ الفعلي والتدريجي لمبدأ إلزامية التعليم ومجانيته للجميع خلال عدد معقول من السنين يحدد في الخطة».

كما نصت المادة (34) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان على أن: «محو الأمية التزام واجب، والتعليم حق لكل مواطن، على أن يكون الابتدائي منه إلزاميا كحد أدنى وبالمجان وأن يكون كل من التعليم الثانوي والجامعي ميسورا للجميع».

كما نصت المادة (28) من اتفاقية حقوق الطفل على أن: «تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في التعليم»، وتحقيقا للإعمال الكامل لهذا الحق تدريجياً وعلى أساس تكافؤ الفرص، تقوم بوجه خاص بما يلي:

أ‌- جعل التعليم الابتدائي إلزاميا، ومتاحاً مجاناً للجميع.

ب‌- تشجيع تطوير شتى أشكال التعليم الثانوي، سواء العام أو المهني، وتوفيرها، وإتاحتها لجميع الأطفال، واتخاذ التدابير المناسبة، مثل: إدخال مجانية التعليم، وتقديم المساعدة المالية عند الحاجة إليها.

ت‌- جعل التعليم العالي، بشتى الوسائل المناسبة، متاحا للجميع على أساس القدرات.

ث‌- جعل المعلومات والمبادئ الإرشادية التربوية والمهنية متوفرة لجميع الأطفال وفي متناولهم.

ج‌- اتخاذ تدابير لتشجيع الحضور المنتظم في المدارس، والتقليل من معدلات ترك الدراسة. تتخذ الدول الأطراف كافة التدابير المناسبة لضمان إدارة النظَام في المدارس على نحو يتمشى مع كرامة الطفل الإنسانية، ويتوافق مع هذه الاتفاقية.

4- تقوم الدول الأطراف في هذه الاتفاقية بتعزيز وتشجيع التعاون الدولي في الأمور المتعلقة بالتعليم، وبخاصة الإسهام في القضاء على الجهل والأمية في جميع أنحاء العالم، وتيسير الوصول إلى المعرفة العلمية، والتقنية، وإلى وسائل التعليم الحديثة. وتراعى بصفة خاصة احتياجات البلدان النامية في هذا الصدد.

ومن جهة أخرى، أكد النظام الأساسي للحكم في المملكة على حق التعليم في المادة الثلاثين التي نصت على أن: «توفر الدولة التعليم العام…. وتلتزم بمكافحة الأمية»،كما أن المادة (13) من نفس النظام نصت على أن: «يهدف التعليم إلى غرس العقيدة الإسلامية في نفوس النشء وإكسابهمالمعارف والمهارات وتهيئتهم ليكونوا أعضاء نافعين في بناء مجتمعهم محبين لوطنهممعتزين بتاريخه»، وأشارت المادة (29) من نفس النظام إلى أن الدولة ترعى العلوم والآداب والثقافة، وتعنى بتشجيع البحث العلمي، وقد تضمنت سياسة التعليم في المملكة في المادة (10) أن طلب العلم فرض على كل فرد بحكم الإسلام، ونشره وتيسيره في المراحل المختلفة واجب على الدولة بقدر وسعها وإمكانياتها.

وتعتبر الإنجازات التي تحققت في قطاع التعليم في المملكة، خطوة جيدة للوفاء بحق التعليم، ومنها:

§ مجانية التعليم في المملكة للجميع وفي جميع مراحل التعليم من الابتدائي وحتى الجامعي.

§ الجهود المتواصلة من أجل خفض نسبة الأمية في المملكة.

§ الإنفاق على التعليم بسخاء، ويظهر ذلك من خلال المخصصات والاعتمادات المالية التي خصصت من ميزانية الدولة للإنفاق على التعليم في المملكة

§ توفير النقل المدرسي خصوصاً في المناطق النائية وتوفير المكافآت لمن تبعد عنهم المدارس مسافات طويلة.

§ سماح الأنظمة المعمول بها في المملكة بمواصلة التعليم للسجناء وقاطني دور الإيواء ودور الملاحظة الاجتماعية.

§ التوسع الملحوظ في إنشاء الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في السنوات الأخيرة ومحاولة توزيعها على مختلف مناطق المملكة.

ولاشك أن الوفاء بحق التعليم كحق من حقوق الإنسان، مسألة في غاية الأهمية، ومهما فعلت الأجهزة والخطط، تبقى المجالات واسعة في حاجة إلى المزيد من العطاء. ومع ذلك فانه ينبغي العمل من اجل القضاء على التكدس في مدارس بعض المناطق بسبب عدم كفاية الفصول الدراسية لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الطلاب. و الاهتمام بصحة الطفل من حيث توفير الغذاء المناسب للمراحل الأولية.

– الحق في الرعاية الصحية :

الصحة العامة وصحة المواطن أمور ينبغي أن تهتم بها الحكومات, وهي ثروة يجب الحفاظ عليها وصيانتها، حيث أن الإنسان هو الهدف لكل ما تقدمه برامج وخطط التنمية من خدمات، وأن مطلب الحياة هو أول مطالب ذلك الإنسان، وأهم مقومات الحياة هي الصحة، ولذلك كان طبيعياً أن تشير الشريعة إلى هذا الحق كما ورد في الحديث النبوي الشريف : «إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «من تطبَّب ولم يكن بالطب معروفاً، فأصاب نفساً فما دونها فهو ضامن».

وأكد النظام الأساسي للحكم على حق الرعاية الصحية في المادة الحادية والثلاثون التي نصت على أن: « تعنى الدولة بالصحة العامة.. وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن وأسرته في حالة الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة»، ومن أجل العناية بهذا الحق ووضع ضوابط تكفله وتعاقب على الإخلال به صدر نظام مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان والذي عدل مؤخرا ليصبح نظام مزاولة المهن الصحية الذي يحدد وينظم مسئولية الأطباء وجميع القائمين على المهن الصحية.

وقد اهتمت العهود والمواثيق الدولية بالحق في الرعاية الصحية، حيث نصت المادة (12) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على ما يلي:

1. تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوي من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه.

2. تشمل التدابير التي يتعين علي الدول الأطراف في هذا العهد اتخاذها لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق، تلك التدابير اللازمة من أجل :

أ‌- خفض معدل موت المواليد والرضع وتأمين نمو الطفل نمواً صحياً.

ب‌- تحسين جميع جوانب الصحة البيئية والصناعية.

ت‌- الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها.

ث‌- تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض.

و جاء في المادة (39) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان:

1-تقر الدول الأطراف بحق كل فرد في المجتمع بالتمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية يمكن بلوغه وفي حصول المواطن مجاناً على خدمات الرعاية الصحية الأساسية وعلى مرافق علاج الأمراض من دون أي نوع من أنواع التمييز.

2- تشمل الخطوات التي تتخذها الدول الأطراف التدابير الآتية:

أ‌- تطوير الرعاية الصحية الأولية وضمان مجانية وسهولة الوصول إلى المراكز التي تقدمهذه الخدمات بصرف النظر عن الموقع الجغرافي أو الوضع الاقتصادي.

ب‌- العمل على مكافحة الأمراض وقائياً وعلاجياً بما يكفل خفض الوفيات.

ت‌- نشر الوعي والتثقيف الصحي.

ث‌- مكافحة الممارسات التقليدية الضارة بصحة الفرد.

ج‌- توفير الغذاء الأساسي ومياه الشرب النقية لكل فرد.

ح‌- مكافحة عوامل التلوث البيئي وتوفير التصريف الصحي.

خ‌- مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية والتدخين والمواد الضارة بالصحة.

وقد حددت منظمة الصحة العالمية تسعة عناصر أساسية ومتكاملة حول الرعاية الصحية، وهي: أن تكون مباحة ومتاحة ومقبولة وعادلة وبتكلفة مناسبة وبنوعية جيدة ومنسقة من حيث التخصص الطبي.

وتتقاسم العديد من الجهات في المملكة تقديم الخدمات الطبية للمواطنين فهناك المستشفيات والمراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة وهناك بعض المستشفيات تتبع وزارة الدفاع وأخرى تتبع للحرس الوطني وثالثة تتبع لوزارة الداخلية ورابعة تتبع لبعض الجامعات بالإضافة إلى المستشفيات والمستوصفات المملوكة للقطاع الخاص.

ويعتبر توجه وزارة الصحة في الفترة الأخيرة لتغطية مناطق المملكة بالخدمات الطبية، خطوة ايجابية ستقلل تركيز وجود الخدمات الطبية في المناطق الكبيرة. وتعد الانجازات الصحية مؤشرا هاما لمدى تحقيق الرعاية

– الحق في العمل :

الحق في العمل من الحقوق التي تشغل المملكة بشكل خاص نظراً لارتفاع نسبة البطالة بين الشباب، والحق في العمل وفي حمايته هو من حقوق الإنسان. فهو مصدر رزق المواطن الذي لا يستطيع أن تقوم حياته بشكل طبيعي إلا به.

ولقد اعتبرت الشريعة الإسلامية الشخص العامل خيراً من الشخص العابد، لأنه يقي نفسه سؤال الناس ويقوت أهله من بعده فأجره يتعداه إلى غيره، كما أوصى الرسول × بإعطاء الأجير أجره قبل أن يجف عرقه.

ونجد هذا الحق منصوصاً عليه في الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، كالإعلان العالمي لحقوق لإنسان والذي تقضي المادة (23) منه بأن: «لكل شخص حق العمل، وفى حرية اختيار عمله، وفى شروط عمل عادلة ومرضية وفى الحماية من البطالة. لجميع الأفراد، دون أي تمييز، والحق في أجر متساو على العمل المتساوي»، وتنص مادته الرابعة والعشرون على أن: «لكل شخص الحق في الراحة في أوقات الفراغ، وخصوصاً في تحديد معقول لساعات العمل وفي إجازة دورية مأجورة»، ومن ذلك أيضاً ما نصت عليه المادة (32) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان بقولها: «تضمن الدولة للمواطنين تكافؤ الفرص في العمل والأجر العادل والمساواة في الأجور عن الأعمال المتساوية القيمة» وتضمن العهد الدولي الخاص بحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تفصيلاً لهذا الحق في المواد 6 و7 منه.

وتقضي المادة (28) من النظام الأساسي للحكم بأن: «تيسر الدولة مجالات العمل لكل قادر عليه وتسن الأنظمة التي تحمي العامل وصاحب العمل».

وبالإضافة إلى نظام الخدمة المدنية الخاص بالموظفين العموميين، صدر نظام العمل الجديد بموجب المرسوم الملكي رقم م/51 وتاريخ 23/8/1426هـ، والذي عدل النظام السابق وهو خاص بالعاملين في القطاع الخاص ومن يخضع لأحكامه في القطاع العام. وقد تضمن هذا النظام تعديلات وإضافات تصب في مصلحة العامل. كما أن نظام التأمينات الاجتماعية ونظام التقاعد يتضمنان الحقوق المتعلقة بالمعاش والتعويضات المستحقة للعاملين أو للموظفين.

وقد تضمن نظام العمل الجديد، بعض التعديلات الهامة، ومنها:

§ زيادة نسبة تشغيل المعاقين الإلزامي على رب العمل من 2%إلى 4%من مجموع عمال المنشأة.

§ الإلزام بأن يكون عقد العامل غير السعودي مكتوباً ومحدد المدة.

§ زيادة الإجازة السنوية للعامل بحيث أصبحت لا تقل عن 21 يوم بعد أن كانت 15 يوم وتزداد إلى 30 يوم إذا أمضى العامل 5 سنوات متصلة في خدمة رب العمل.

و قد أصبحت البطالة وخاصة بين حديثي التخرج قضية تلقى اهتمام الرأي العام وتثير القلق في الأسر حيث تشير التقارير إلى ارتفاع نسبة البطالة بين القوى القادرة على العمل

– الحق في الحياة الكريمة:

الحياة الكريمة تستدعي حداً أدنى من مقومات الحياة المادية مما يكفل به الشخص مسكنه ومعاشه، وإذا كان هذا الحق مرتبطا بحق العمل وبضرورة وجود حد أدنى للأجور يكفل مقومات الحياة هذه، فإن المشكلة تظل دون حل بالنسبة لبعض الأشخاص ممن لا يستطيعون سعياً ولا عملا، وقد كفلت الشريعة الإسلامية لهؤلاء مقومات حياتهم من أموال الزكاة أو من بيت مال المسلمين، وجعلت كفالتهم على عموم المسلمين. كما قضت الفقرة الأولى من المادة (25) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على: «لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كافٍ للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته»، ونص على ذلك أيضا، الميثاق العربي لحقوق الإنسان في مادة (38) «لكل شخص الحق في مستوى معيشي كاف لهو لأسرته ويوفر الرفاهية والعيش الكريم من غذاء وكساء ومسكن وخدمات وله الحق في بيئة سليمة وعلى الدول الأطراف اتخاذ التدابير اللازمة وفقا لإمكاناتها لإنفاذ هذه الحقوق».

وتنص المادة (27) من النظام الأساسي للحكم على أن: «تكفل الدولة حق المواطن وأسرته في حالة الطوارئ, والمرض, والعجز, والشيخوخة, وتدعم الضمان الاجتماعي, وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية»، كما تقضي المادة (20) من نفس النظام بعدم فرض الضرائب والرسوم إلا عند الحاجة, وعلى أساس من العدل.

ومن الأمور المهمة التي ينبغي توفرها لتحقيق حياة كريمة للمواطنين السكن ومحاربة البطالة وتحديد خط للفقر وزيادة المساعدات والإعانات لمن هم تحت هذا الخط.

6– الحق في بيئة سليمة:

أصبحت البيئة إحدى القضايا الهامة جدا والتي تمس حياة الإنسان بشكل مباشر وليس هنالك أي شك في أن الاهتمام بالشأن البيئي فيتنام مستمر وذلك نظرا للتنامي المطرد الذي تشهده القطاعات التنموية المختلفة في المملكة العربية السعودية.

وقد شهدت المملكة نموا غير مسبوق فيشتى المجالات مما يدعو بالضرورة للحديث عن هذا الموضوع كحق للإنسان يجب المحافظة عليه والاهتمام به.

وقد شكل إعلان استوكهولم لعام 1972م اعترافا واضحا بأنّ عناصر البيئة هي من العوامل الأساسية لحياة الإنسان ومن ذلك أيضاً قرار الأمم المتحدة الصادر في عام 1990موالذي ينص على حق الأفراد في بيئة مناسبة لصحتهم ورفاهيتهم.

والنظام الأساسي للحكم أكد على هذا الحق، إذ نصت المادة الثانية والثلاثون على أن تعمل الدولة على المحافظة على البيئة وحمايتها وتطويرها ومنع التلوث عنها. كما أفردت المملكة لحماية البيئة نظاماً كاملاً تحت أسم «النظام العام للبيئة» الصادر بالمرسوم الملكي الرقم م/34 التاريخ 28/7/1422هـ، ولقد تضمن هذا النظام العديد من أوجه الحماية للبيئة منشئاً جهة خاصة بالعناية وحماية البيئة ومحملاً الجهات العامة والشركات والمؤسسـات والأفراد بالتزامات نحو البيئة مثل:

1. المحافظة على البيئة وحمايتها وتطويرها، ومنع التلوث عنها.

2. حماية الصحة العامة من أخطار الأنشطة والأفعال المضرة بالبيئة.

3. المحافظة على الموارد الطبيعية، وتنميتها وترشيد استخدامها.

4. جعل التخطيط البيئي جزءً لا يتجزءا من التخطيط الشامل للتنمية في جميع المجالات الصناعية والزراعية والعمرانية وغيرها.

5. رفع مستوى الوعي بقضايا البيئة، وترسيخ الشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية للمحافظة عليها وتحسينها وتشجيع الجهود الوطنية التطوعية في هذا المجال.

ولقد تحققت بالفعل العديد من الايجابيات بفضل جهود العديد من الجهات ومنها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية، والتي من أبرزها تنظيم عمليات الصيد وفق مواعيد محددة حتى لا تكون بعض الحيوانات عرضة للانقراض. وقد صدرت مؤخرا الموافقة السامية على تأسيس «جمعية البيئة السعودية» حيث ستندرج تحت مظلتها كافة الجمعيات العاملة في المجال البيئي في المملكة ويتم انتخاب أعضاء مجلس إدارتها والمفترض أن تهتم بالشأن البيئي في البلاد.

.

وينبغي التذكير بان جميع أعمال التعذيب مجرمة ومعاقب عليها في المملكة بموجب أحكام الشريعة الإسلامية كما تضمن المرسوم الملكي رقم 43وتاريخ 29/11/1377هـ عقوبات تصل إلى السجن مدة عشر سنوات لكل موظف ثبت ارتكابه لإساءة معاملة أو إكراه باسم الوظيفة كالتعذيب أو القسوة. كما صدر الأمر السامي رقم6368/م وتاريخ 7/5/1426هـ القاضي بإحالة من يتهم من رجال الأمن بإساءة استعمال السلطة إلى هيئة الرقابة والتحقيق وإذا انتهت الهيئة إلى توجيه اتهام بذلك يتعين عليها رفع دعوى وإقامتها أمام ديوان المظالم وبعد صدور الحكم بالإدانة وإيقاع الجزاء فمن له دعوى في الحق الخاص يقوم برفعها أمام المحكمة الجزئية. وهذا الأمر يشكل قاعدة قانونية هامة لحماية حقوق الإنسان في المملكة

كما ينبغي الحرص على تذكير كافة العاملين في الأجهزة الأمنية بين حين وآخر بضرورة الالتزام التام بما نصت عليه الأنظمة من ضمانات لكل من يكون عرضة لموقف أو حدث يضطره للتعامل مع رجال الأمن. والطلب من المسؤولين إفهام رجال الأمن وغيرهم من رجال إنفاذ القانون أن سلوكهم المخالف للأنظمة والقوانين سوف يعاقبون عليه إذا استغلوا الظروف الأمنية لتبرير تجاوز الأنظمة ولذلك تطالب الجمعية دائما بأن يكون هناك رقابة من أشخاص موثوق بهم لمثل هذه الأفعال في أوقات الأزمات الأمنية من اجل العمل على عدم حدوثها سواء في مرحلة القبض أو التحقيق أو الاعتقال أو الزيارة لما لذلك من أهمية لدى الرأي العام يعكس شعوره بان حماية حقوق الإنسان هي هدف من أهداف السلطات بالإضافة إلى المحافظة على أمن المجتمع واستقراره.