عدد القراءات: 1568

أجرت صحيفة الوطن حواراً مع رئيس الجمعية الدكتور مفلح القحطاني تناول العديد من المواضيع منها ( انتشار الثقافة الحقوقية , ملف البدون , ضعف الكفأة الإدارية ,  حافز ومعالجة الفقر , تقليدية الشورى , متهموا الارهاب ) وفيما يلي نص الحوار :

مضى على إنشاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أكثر من 9 سنوات، هل أنتم راضون عما قدمت خلال هذه الفترة؟ وما أبرز الصعوبات التي واجهتكم في البداية؟

تأسست الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في 18 محرم عام 1425 الموافق 9 مارس عام 2004، وذلك لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، من خلال رصد التجاوزات والانتهاكات وتوعية المواطنين والمقيمين بحقوقهم المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية، والأنظمة المحلية والاتفاقات الدولية التي انضمت لها المملكة، إضافة إلى دراسة القضايا ذات الصلة بحقوق الإنسان، وتقديم التوصيات والمقترحات إلى الجهات الحكومية ذات العلاقة، والعمل على إزالة أسباب الشكاوى والتظلمات التي ترد إلى الجمعية بالتنسيق مع الجهات المختصة، وقد كان للموافقة السامية على مباشرة الجمعية لنشاطها في المملكة، والتأكيد على استقلاليتها، والطلب من الجهات الحكومية المختلفة تسهيل مهامها للقيام باختصاصاتها المنصوص عليها في نظامها الأساس دور هام في إحداث نقلة نوعية في الجانب الحقوقي في المملكة، وساهم في تمكين الجمعية من القيام بدورها في نشر الوعي بثقافة حقوق الإنسان لدى المواطن والمقيم ولدى الأجهزة الحكومية، ولذلك نستطيع أن نقول: إنه تغير الشيء الكثير في هذا المجال من ذلك التاريخ، وأصبح هناك تقارير عن أحوال حقوق الإنسان، تصدرها الجمعية من داخل المملكة يتم التعامل والتفاعل مع مضامينها من كافة الأجهزة الحكومية، مما ساهم في إدخال مفاهيم وحقائق جديدة في تطور العمل الحقوقي في المملكة، انطلاقا من وجوب الوفاء بالحقوق الذي تحث عليه شريعتنا الإسلامية السمحة، وتؤكد عليه قيادتنا الرشيدة.

انتشار الثقافة الحقوقية

ولا شك أن ما تحقق من أمور في مجال حقوق الإنسان خلال السنوات الماضية، أمر ملموس ونأمل أن تتضاعف الجهود، وأن نصل إلى الأفضل، والرضا أمر نسبي، خاصة عندما يعتمد إنجاز أغلب قضايا الجمعية على قيام الجهات الحكومية المعنية بمهامها المحددة نظاما، والتي يكفل القيام بها إزالة أسباب الشكاوى والتظلمات، ولا شك أن مقولة (اللجوء إلى حقوق الإنسان) بدأت تنتشر في المجتمع، وفي أجهزة الدولة المختلفة، بل وحتى في نطاق الأسرة، وهذا يعطي انطباعا أن انتشار الثقافة الحقوقية أخذ في الاتساع، وهذا أمر محمود، ولكن ينبغي أن يرافق ذلك تربية للأجيال الناشئة على مفهوم الثقافة الحقوقية، ومعرفة الواجبـات، كي يسـتفيد الوطن والمواطن، فالمطالبة بالحقوق يقتضي الوفاء بالواجبات.

وعلى العموم، فإننا نستطيع القول: إن هناك تغييرا ملموسا قد حدث في مجال حقوق الإنسان في المملكة، صحيح أنه يختلف من جهة إلى أخرى، ومن مجال إلى آخر، ولكن الإحساس بهذا التغيير موجود وملاحظ، حيث يلاحظ ارتفاع نسبة وعي الأفراد بحقوقهم وتوجه الدولة – وخصوصا القيادات العليا – لدعم هذا الموضوع، وذلك من خلال دعم عمل الجمعية، وهيئة حقوق الإنسان، وهيئة مكافحة الفساد، وإصدار عدد من الأنظمة والقوانين والقرارات التي تهدف إلى المحافظة على الحقوق وكفالتها.

أما أبرز الصعوبات التي تم مواجهتها في البداية، فتكمن في عدم فهم بعض الفئات في المجتمع، وبعض المسؤولين في بعض الأجهزة الحكومية، لدور وعمل وأهداف واختصاصات جمعية حقوق الإنسان، ولكن مثل هذه الصعوبات بدأت تزول شيئا فشيئا مع مرور الزمن، وسعي الجمعية لشرح وبيان وجهة نظرها.

أصدرت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان عدة تقارير عن أحوال حقوق الإنسان بالمملكة، كيف كانت أصداؤها؟، وهل لاحظتم تحسنا في أداء بعض الجهات التي انتقدت في هذه التقارير؟

الجمعية تصدر تقارير سنوية عن أنشطتها، وعن أعداد القضايا التي ترد إليها، أو ترصدها وما تم بشأنها من مخاطبات مع الجهات الحكومية أو الخاصة ذات العلاقة، كما تصدر تقارير دورية عن أحوال حقوق الإنسان في المملكة، صدر منها حتى الآن ثلاثة تقارير، وتصدر بعض التقارير الجزئية عن بعض الأوضاع أو القضايا، وقد كان لمثل هذه التقرير أصداء واسعة في الداخل وفي الخارج، وخاصة تلك التقارير المتعلقة بأحوال حقوق الإنسان في المملكة.

فعلى المستوى الخارجي، ومن خلال ما لمسناه ممن يزور الجمعية من البرلمانيين والسفراء والدبلوماسيين، كان لمثل هذه التقارير تأثير إيجابي على سمعة المملكة في الخارج، حيث أوضحت هذه التقارير مستوى حرية التعبير في البلاد، وشرح آليات العمل القانوني والحقوقي في المملكة، الذي يعتمد على أحكام الشريعة الإسلامية، باعتبارها القانون العام في البلاد، كما بيَنت الواقع الصحيح عن بعض ما ينشر من الخارج بصفة مغلوطة عن الوضع الحقوقي في المملكة من قبل بعض المنظمات الحقوقية الدولية، حول سجلنا في مجال حقوق الإنسان.

أما على المستوى الداخلي فقد تضمنت هذه التقارير وصـفا وتشخيصا للواقع، وقدمـت مقترحات وتوصيات وحلول لبعض القضايا، وكـان هناك تجاوب كبير مع ما تضمنته هذه التقارير، بل إننا نجد أن كثيرا من المبادرات التي تعمل بعض الوزارات والمصالح الحكومية حاليا عـلى تحقيـقها وتبـنيها قد تم اقتراحـها أو التوصية بالأخذ بها في هذه التقارير.

ضعف “الكفاءة الإدارية”

كيف ترون تجاوب المؤسسات والمصالح الحكومية مع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان؟

التجاوب موجود ويتحسن مع الوقت، لكن هناك بعض الجهات تعودت على آلية عمل معينة، ويصعب عليها تغيير طبيعة هذه الآلية، مما يسبب بطئا في إجراءاتها أو اتخاذها للقرار في الوقت المناسب، وهم في الواقع يسعون لتلافي أخطائهم التي ننبه عليها دون الإقرار بها، وهذا بالنسبة لنا يحقق الهدف في حد ذاته، ولكن في ظل وجود أوامر سامية صادرة بشأن الجمعية وتلزم جميع الجهات والمصالح والوزارات بتسهيل عمل الجمعية، وفي ظل وجود أمر سامٍ صدر في عام 1429، ينص على استقلال عمل الجمعية، وأنها التي ترسم سياستها بنفسها، فالجميع مطالب بالتعاون، والوضع الحالي بالنسبة لنا مرضٍ إلى حد ما، نعم نطمع بالمزيد، غير أن هناك بعض القضايا التي لها صفة العموم، لا تتعلق بمجموعة قليلة من الأشخاص، وإنما قد يكونوا أشخاصا كثيرين، فتلك القضايا يأخذ الأمر لإيجاد حل لها بعض الوقت، ويكون هناك أخذ ورد بيننا وبين بعض الجهات، ونأمل أن مثل هذه القضايا تجد الحل السريع.

وقد لاحظنا أن ضعف الكفاءة الإدارية لنسبة كبيرة من الموظفين الحكوميين، وعدم شعورهم بالمسؤولية، يساهم في إلحاق الضرر بحقوق الناس، ويؤخر إنجاز عدد من معاملاتهم، مما يجعل بعض الأجهزة الحكومية تعمل بطاقة منخفضة، رغم تكدس أعداد الموظفين فيها، ويعطي شعورا للمتعاملين مع هؤلاء الموظفين، بأن بعضهم لا يقوم بإنجاز ما يلزمه النظام بإنجازه. ولضمان عدم استمرار هذا الوضع، فلابد من التركيز على إنتاجية الموظف، وليس على حضوره، فيعمل حصر للأقسام والإدارات التي لا تحتاج إلى التعامل المباشر مع الجمهور، ويربط أداء الموظف فيها بالإنتاجية بدلا من الحضور والانصراف.

ملف “البدون”

يتردد بين الحين والآخر معاناة “من لا يحملون الهوية” هل هناك عدد معين لديكم؟ وماذا قدمت الجمعية حول هذا الملف الشائك؟، خاصة وأن لجمعيتكم أياد بيضاء في المساهمة في حل بعض الملفات الشائكة أو التذكير بها؟

مشكلة هؤلاء الأشخاص تكمن في عدم حصولهم على الجنسية السعودية، وعدم حملهم أوراقا ثبوتية، رغم أنهم يعيشون في المملكة منذ سنوات طويلة، وليس لديهم أية جنسية على الإطلاق، أو تنتمي أصولهم إلى بلد لا يرغبون الذهاب إليه، لولادتهم في المملكة، أو لطول إقامتهم فيها، ويرفض هذا البلد الاعتراف بهم. وكما ورد في تقارير الجمعية، فهناك آلاف الشكاوى الخاصة بالجنسية، أو طلبات الحصول على ما يثبت الهوية، وما زال هذا الملف مفتوحا، والتقدم بشأن إيجاد حل له حتى الآن لا يلبي طموحنا، رغم أن بعض هؤلاء الأشخاص كان يحمل أوراقا ثبوتية وتم إلغاؤها لأسباب مختلفة، ويحمل بعضهم أوراقا تفيد أنهم خدموا في وظائف حكومية لمدد طويلة. وقد ترتب على سحب الأوراق الثبوتية منهم، تركهم دون جنسية منذ مدد طويلة، مما ترتب عليه آثار بالغة السوء، مثل حرمان أبنائهم من التعليم ومن العلاج ومن العمل بالدولة، وعدم صرف مستحقاتهم المالية لدى بعض الأجهزة الحكومية…الخ. ولدى بعض هؤلاء أوراق تفيد بأنهم سعوديو الأصل والمنشأ والولادة.

وما يزال شيوخ قبائلهم يشهدون، ويؤكدون أنهم من أصول سعودية، ومع ذلك لم يحل وضعهم حتى الآن. كما يلحق بهؤلاء الأشخاص الذين تقدموا إلى اللجنة المركزية لحفائظ النفوس؛ لتصحيح بعض بيانات هوياتهم عملا بالأمر السامي رقم 8/471 وتاريخ 16/ 6/ 1410، ولكن لم تحل أوضاع بعضهم حتى الآن.

ويلحق بهم أشخاص آخرون يسمون “بالحلفاء”، ويحملون بطاقة الخمس سنوات، ولم يمنحوا الجنسية السعودية، رغم أن الأمر السامي رقم 8/786 وتاريخ 11/ 9/ 1422، قضى بأن من يحمل البطاقة ذات الخمس سنوات، وهو ينتمي إلى إحدى القبائل ذات المنشأ السعودي، يمنح وأسرته الجنسية السعودية بموجب المادة 9 من نظام الجنسية، وأن من يثبت انتماؤه لأي من القبائل ذات المنشأ والأصل السعودي، ولم يحصل على بطاقة الإقامة، يعفى من شرط الإقامة ويمنح الجنسية السعودية بموجب نفس المادة. وهذا الأمر السامي الكريم يعالج مثل هذه الحالات ويحتاج إلى تطبيق وتفعيل.

كما يوجد أيضا أشخاص ولدوا في المملكة، دون الحصول على أية جنسية، لأسباب تتعلق بالأم أو الأب. أو أتوا إلى المملكة بغرض الحج أو الزيارة، ومكثوا بها لمدد طويلة بالمخالفة لقواعد الإقامة في المملكة، وانقطعت صلتهم بوطنهم الأم. وهؤلاء قد يكون لدى بعضهم جنسية، ولكنه يتعمد إخفاءها؛ لإفشال محاولات ترحيله إلى بلده الأصلي. وهذا الوضع يرتب مشاكل لهذه الفئة، فهم قد أصبحوا في حكم عديمي الجنسية، رغم أنهم ليسوا عديمي الجنسية من الناحية القانونية. واستمرار وضعهم هذا يتسبب في مشاكل لهم ولأبنائهم وأحفادهم وكذلك للمجتمع. ولا شك أن الحاجة تدعو لوضع حل نهائي لمشكلتهم، ويمكن منح من لا يحمل أية هوية منهم بطاقات خاصة حتى يتم البت في وضعهم.

ولكن يبدو أن الجهات المعنية غير قادرة على التعامل مع هذه المشكلة بموضوعية وواقعية وسرعة، وقد اتضح ذلك من خلال الردود التي تصل إلى الجمعية بشأن قضايا هؤلاء على الرغم من صدور أوامر سامية تقضي بحل مشكلة بعضهم. ففضلا عن أن بقاء هؤلاء على وضعهم الراهن فيه انتهاك لحقوقهم وحقوق أبنائهم وأسرهم، من حيث حرمانهم من الحق في العمل و التعليم والعلاج والتنقل وتوثيق الزواج والطلاق والوفاة والاستفادة من مخصصات الضمان الاجتماعي ودعم الجمعيات الخيرية، إلا أن هناك إشكالية أخرى تتمثل في تكاثر أعداد هؤلاء، مما قد يجعل إمكانية حل مشكلتهم مع الزمن أمرا بالغ الصعوبة، وما يترتب على ذلك من مخاطر أمنية واجتماعية وسياسية.

وقد تم مناقشة موضوعهم مع صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ـ رحمه الله ـ وقد وجه سموه في حينه الجهات ذات العلاقة بمتابعته مع الجمعية. ولدينا أمل كبير في إحداث تقدم سريع في هذا الملف، مع استلام سمو الأمير محمد بن نايف، مهام وزارة الداخلية لما نعلمه عن سموه من حرص شديد على الإنجاز وحسم الملفات الشائكة.

حافز.. ومعالجة الفقر

قرارات عديدة أصدرت لمعالجـة ارتفاع المعيشة في المملكـة، هل ترون أنها أسهمت في الحـل؟

شهدت السنوات الماضية تطورات اقتصادية، تركت آثارا سلبية على الحياة المعيشية للكثير من المواطنين، خاصة أصحاب الدخول المحدودة، وتمثلت في انهيار سوق الأسهم، وارتفاع أسعار السلع والخدمات والإيجارات، وكان دور الأجهزة الحكومية التنفيذية المعنية محدودا في مواجهة تلك التطورات، وما تركته من آثار سلبية على حق المواطنين في العيش الكريم.

مما دفع بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إلى إصدار عدد من القرارات والتوجيهات؛ بهدف مكافحة ارتفاع المعيشة سواء ما كان يتعلق بالإسكان والمبالغ الكبيرة التي رصدت لهذا الغرض، أو تلك القرارات التي هدفت إلى حماية الفئات الفقيرة من ارتفاع تكاليف المعيشة، فقد وجه الملك بصرف مساعدات لجميع الأسر التي يشملها نظام الضمان الاجتماعي في المملكة، لمواجهة ارتفاع الأسعار، وكذلك زيادة الإعانة المالية المخصصة لجميع فئات المعوقين المسجلين على قوائم وزارة الشؤون الاجتماعية؛ لمساعدتهم على توفير لوازمهم، وتحقيق متطلباتهم. كما استمر الملك في دعم برامج وزارة الشؤون الاجتماعية الجديدة الهادفة لتحسين أوضاع الأسر الفقيرة وضمان حقها في العيش الكريم، ومن ذلك برنامج الغذاء، وبرنامج تسديد فواتير الكهرباء.

وإقرار إعانة البطالة، ودعم الموظفين السعوديين في القطاع الخاص، وزيادة القروض الممنوحة من بنك التسليف، وخاصة القروض الاجتماعية للمساعدة على الزواج، أو ترميم المنازل، أو دعم المشاريع الصغيرة.

ورغم ذلك ما زال تحقيق إنجاز في هذا المجال محدودا، بسبب البطء في تنفيذ المشاريع، وصعوبة التنسيق بين الجهات والوزارات المعنية بهذا الملف، رغم توجيهات خادم الحرمين الشريفين المتكررة بضرورة توفير الخدمات للمواطنين، بما يمكنهم من العيش الكريم، وعدم الاحتجاج بقلة الإمكانات.

“حافز” واجه العديد من الانتقادات، هل ترون أنه حل لمعالجة البطالة؟

حافز له إيجابياته وله سلبياته، وقد كان عاملا مساعدا لإيجاد حلول لمشكلة البطالة، ولعل أهم مساهماته في هذا الشأن، هو إعطاء رقم محدد لعدد العاطلين في الشريحة العمرية التي يغطيها، لكن كان هناك العديد من الانتقادات والملاحظات، التي تم رصدها بشأنه، وقد تم مخاطبة وزير العمل بشأن بعضها، ووردت إجابات عامة بخصوصها، وهو يحتاج إلى التقييم والتطوير.

متهمو الإرهاب

أصدرت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في المملكة تقريرا حول المعتقلين في سجون المباحث، وكان العدد مفاجأة بالنسبة للبعض من حيث قلته في الوقت الذي يزعم فيه الكثير أن هناك عشرات الآلاف من المعتقلين، هل هذا يدل على أن هناك من يتاجر في قضية المعتقلين؟

نحن نأمل ألا يكون ذلك هو الهدف، وأن يكون الجهل أو غياب المعلومة عند من يقول بتلك الأعداد الكبيرة هو السبب؛ لأن موضوع السجناء الأمنيين لا ينبغي أن يكون محل مزايدة؛ لارتباط هذا الموضوع بأمن البلاد، ولتأثير مثل ذلك على السجناء، وعلى أسرهم، الذين يعانون أشد المعاناة بسبب قضايا أبنائهم.

ونقدر لسمو وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، هذه الشفافية في التعامل مع قضايا السجناء الأمنيين، وفتح المجال للجمعية لإيجاد مكاتب لها في سجون المباحث، لتمارس دورها الرقابي بكل حرية، كما نثمن الإفراج عن أعداد كبيرة من هؤلاء السجناء خلال السنة الماضية، ونأمل في الإفراج عن المزيد خلال هذه السنة، ونطالب الجهات القضائية المختصـة، وهيئة التحقيق والادعاء العام، بالسرعة في الفصل في قضايا هؤلاء السجناء، التي أحليت أوراقهم إلى هذه الجهات منذ مدة قد طال بعضها، فأسرهم يعانون وينتظرون، والبطء في الفصل في قضايا أبنائهم يزيد معاناتهم، كما نأمل من التوسـع في إطلاق السراح تحت المحاكمة، وخاصة للموقوفين الذين قد طالت مدد سجنهم، ولا يشكلون خطرا محققا على الأمن.

تقليدية “الشورى”

ما رأيكم في الدور الذي يقوم به مجلس الشورى؟ وهل يحتاج لتوسيع صلاحياته؟ وكيف ترون خطوة الملك بإشراك المرأة في عضوية مجلس الشورى؟ وكيف ترون اختيار أعضاء مجلس الشورى؟ وهل هناك عدل في توزيع كراسيه “فكريا ومناطقيا”؟ وهل تؤيد فكرة الانتخاب لأعضائه؟

المجلس استمر في تأدية دوره التقليدي المتمثل في دراسة الأنظمة، ومراجعة الاتفاقيات الدولية، والنظر في التقارير السنوية للأجهزة الحكومية التي تعرض عليه، وأعتقد أن المجلس يحتاج إلى تطوير دوره الإيجابي باتجاه توسيع المشاركة، وتعزيز الدور الرقابي على أجهزة ومؤسسات الدولة التنفيذية. وبما يلبي طموحات خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده، وهذا يتطلب تمكين المجلس من الصلاحيات اللازمة في هذا الشأن، من خلال تطوير نظام المجلس بما يمكنه من القيام بواجباته، ويجعله قادرا على مراقبة الأجهزة الحكومية بفعالية أكثر ومساءلة المسؤولين عنها عند تقصيرهم، أو ضعف أداء أجهزتهم.

ونشير بإيجابية إلى اتجاه المجلس مؤخرا إلى نقل بعضٍ من مداولاته للرأي العام، ونأمل ـ

وحرصا على تعزيز مبدأ الشفافية ـ أن يعرض المجلس مشاريع الأنظمة، ويطرحها للرأي العام على موقعه، وأثناء مرحلة المناقشة؛ ليتمكن المجتمع من المساهمة في إبداء الرأي بشأنها فهو المعني الأول والأخير بها.

أما فيما يتعلق بصدور موافقة خادم الحرمين الشريفين، على مشاركة المرأة في عضوية المجلس، فهذا أمر يعطي الانطباع أن القيادة السعودية تستشرف المستقبل، وتقرأ الظروف المحيطة بعناية، وتأخذ في الاعتبار التطورات والتغيرات في المجتمع، ومن ثم تبادر لإيجاد الحلول المناسبة. فالمرأة أصبحت اليوم في المجتمع السعودي عاملا مهما مؤثرا ومتأثرا، خاصة مع ارتفاع نسبة التعليم، ودخولها في الحياة الاقتصادية على مستوى الأسرة، وأيضا على مستوى المجتمع، وبالتالي كان إدخالها في مجلس الشورى يأتي ضمن هذه التطورات الإيجابية في مجال تمكين المرأة من حقوقها.

أما فيما يتعلق بإعادة النظر في آلية تشكيل المجلس، والأخذ بأسـلوب الانتخاب بدلا من التعيين، فقد يكون من الملائم التدرج في هذا الاتجاه، بالجمع بين الانتخاب والتعيين لمرحلة زمنية معينة ومن ثم الانتقال لعملية الانتخاب الكامل للأعضاء، مع وضع الشروط المناسبة لمن يترشح، بحيث يضمن وصول الأكفاء والمؤهلين للمجلس. وبما يضمن مسايرة المجلس لأمثاله على المستوى الإقليمي والدولي.

مضى على إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني نحو 10 سنوات، هل ترون أنه قدم ما هو مطلوب منه؟، وكيف تقيمون تجربته؟

مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، قام بدور هام في نشر ثقافة الحوار والتسامح في المجتمع، وأوجد الآلية المناسبة لسماع وجهة النظر الأخرى، وبالتأكيد، القائمون عليه يدركون الحاجة لتطوير آليات عمله، بما يضمن نقل آثار الحوار إلى شرائح المجتمع المختلفة، ويساعد في تحقيق آثار الحوار الإيجابية على أرض الواقع، فالحاجة تدعو اليوم أن نفهم بعضنا البعض وأن يتقبل بعضنا البعض الآخر، فنحن في وطن واحد، ويجب أن يتمتع الجميع بالحق في المواطنة على قدر المساواة.